إفتتاحية سقوط الأقنعة عن اللآءَاتِ الزائفة


إفتتاحية

سقوط الأقنعة عن اللآءَاتِ الزائفة

انعقد بالخرطوم في سنة 1967 أَحَدُ مؤتمراتِ القمَّةِ العربية لِدِراسَةِ آثار الهَزِيمةِ التي تَلَقَّتْهَا الأُمَّة نَتِيجَةَ حُكْمٍ فَرْدِيٍّ مُسْتَبِدٍّ، وزَعَامَةٍ خَاوِيةٍ، قَفَزَتْ للْحُكْمِ عن طَرِيقِ انقلاباتٍ عسكريّةٍ في مختلف البلاد العربِيَّة، وكان المطلوبُ في ذلك المؤتمر بالدَّرَجَةِ الأولى سَتْرَ عَوْرَاتِ الإِفلاسِ الشَّامِلِ، للزِّيَادَةِ من خِدَاعِ الجَمَاهِيرِ التي تُسَامُ الخَسْفَ، وتُقَادُ للِتَّصْفِيقِ والتَّأْيِيدِ، وتَحَمُّلِ الغُرْمِ بِدُونِ أن يَكُونَ لَهَا رَأْيٌ فِي اتِّخَاذِ القَرَارِ، أو اخْتِيَارِ مَنْ يُمَثِّلُهَا بِصِدْقٍ.

ولقد جَامَلَ المُؤْتَمِرُونَ بَعْضَهُمْ بَعْضاً، وضَحِكُوا على أَنْفُسِهِمْ وَشُعُوبِهِمْ وتَارِيخِهِمْ، فَخَرَجُوا بِقَرَارَاتِ الرَّفْضِ المُتَلَخِّصَةِ آنذَاكَ في مَا عُرِفَ بِ>اللاَّءَاتِ الثَّلاَثِ< أَيْ لاَ اعْتِرَافَ، ولاَصُلْحَ، ولاَتَفَاوُضَ، بِدُونِ أَنْ يَتَطَرَّقُوا إِلى عُمْقِ الأَزَمَاتِ الدَّاخِلِيَّةِ للَشُّعُوبِ التي هِيَ عِلَّةُ العِلَلِ فِي التَّخَلُّفِ والانْهِزَامِ، وبِدُونِ أن يُرَاجِعُوا أَنْفُسَهُمْ ومَنْهَجَهُمْ في الحُكْمِ والتَّعَامُلِ مَعَ الشُّعُوبِ، وَمَعَ ثَوَابِتِ الأمَّةِ الإسْلاَمِيَّةِ، التي تُمَثِّلُ العُمْقَ الاسْتِيرَاتِجِيَّ للْقَضِيَّةِ كُلِّهَا.

ولاَ يَسَعُ المَكَانُ للْكَلاَمِ عَنِ القِمَّةِ العَربِيَّة التي قَرَّرَتْ بِبَغْدَادَ طَرْدَ مَنْ تَمَرَّدَ عَلَى لاَءَاتِ الخُرطُومِ، مِنْ حَظِيرَةِ الجَامِعَةِ العَرَبِيَّةِ، فَذَلِكَ مَعْرُوفٌ للْقَاصِي والدَّانِي، ولَكِنَّ المُهِمَّ أن تَأْتِي سنة 1993 فَتَتَسَاقَطَ بِصِفَةٍ رَسْمِيَّةٍ جَمِيعُ اللاَّءَاتِ، ويَقَعُ التَّرْحِيبُ بِكُلِّ >النَّعْمَاتِ< على كُلِّ المُسْتَوَيَاتِ، لاَفَرْقَ في ذَلِكَ بَيْنَ النُّظُمِ، والأَحْزَابِ، والهَيْآتِ الرَّسْمِيَّةِ، نَعَمْ للْعَدُوِّ، نَعَمْ لاِغْتِصَابِ الأَرْضِ، نَعَمْ للِشَّرْعِيَّةِ، نَعَمْ للِسَّيْطَرَةِ الأَجْنَبِيَّةِ، نَعَمْ لِلإِلْحَادِ والكُفْرِ، نَعَمْ للْفَقْرِ والجَهْلِ، نَعَمْ لِحِرَاسَةِ المَصَالِحِ الأَجْنَبِيَّةِ، نَعَمْ للِدِّيمُقْرَاطِيَّةِ المُزَيَّفَةِ، نَعَمْ لَتَهْمِيشِ الإِسْلاَمِ والتَّآمُرِ عَلَيْهِ، نَعَمْ لِذَبْحِ شُعُوبِ البُوسْنَةِ والهِرْسِك، نَعَمْ لَمَذْبَحَةِ الخليلِ، نَعَمْ لِرَفْضِ الإِدَانَةِ للِذَّبَّاحِينَ والسَّفَّاكِين… نَعَمْ لِكُلِّ شَيْءٍ.

بَقِيَّتْ >لاَ< وَاحِدَةٌ رَافِضَةٌ لِكُلِّ الهَزَائِمِ العَسْكَرِّيَّةِ والإِقْتِصَادِيَّةِ والسِّيَاسِيَّةِ والنَّفْسِيَّةِ… هِيَ >لاَإِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَشَرِيكَ لَهُ< فَعَلَى >لا< هَذِهِ يَنْعَقِدُ أَمَلُ مَلاَيِينُ المُسْتَضْعَفِينَ مِنْ أَبْنَاءِ الأُمَّةِ الإِسْلاَمِيَّةِ للِتَّخَلُّصِ مِنْ الحَاضِرِ الحَزِينِ، والمُسْتَقْبَلِ المَجْهُولِ.

فَعِنْدَمَا كَانَ أَصْحَابُ اللاَّءَاتِ الزَّائِفَةِ يَقُولُونَهَآ عَلَى الكَرَاسِي الوَثِيرَةِ، والقَاعَاتِ الفَخْمَةِ، والمَوَائِدِ المُتْخَمَةِ، للتَّضْلِيلِ والخِدَاعِ، كَانَ أَصْحَابُ >لاَإِلَهَ إِلاَّاللَّهُ< يَقُولُونَهَا في الزَّنَازِينِ، ومُسْتَنْقَعَاتِ المَرَاحِيضِ، وأَعْوَادِ المَشَانِقِ ودَهَالِيزِ السُّجُونِ، مُسْتَهْزِئِىنَ بِكُلِّ مَاكَانَتْ تَفْعَلُهُ الوُحُوشُ البَشَرِيَّةُ بِهِمْ وبِعَائِلاَتِهِمْ، غَيْرَ طَامِعِينَ إِلاَّ فِى رِضَا اللَّهِ تَعَالى، وغَيْرَ خَائِفِينَ إِلاَّ مِنْ عِقَابِهِ، مَثَلُهُمْ الأَعْلَى أُولَئِكَ >الذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ<آل عمران].

واليَوْمَ لَمْ يَبْقَ مَنْ يَقُول >لاَ< صَادِقاً، إِلاَّ > المُتَطَرِّفُونَ< المُطَارَدُونَ، أَوْ المُكَدَّسُونَ في السُّجُونِ، أو المُلاَحَقُونَ بِمُخْتَلِفِ أَنْوَاعِ المُخَابَرَاتِ، أو المَحْرُومُونَ مِنْ حُقُوقِهِم السِّيَاسِيَّة… أَمَلُهُمُ الوَحِيدُ إِنْقَاذُ المُسْتَضْعَفِينَ مِنْ مَخَالِبِ الظَّلَمَةِ الأَقْوِيَاءِ، وتصحيحُ المَسَارِ الإِنْسَانِيِّ، مُقَدِّرِينَ ثِقَةَ الأُمَّةِ فِىهِمْ، ووَاثِقِينَ مِنْ نَصْرِ اللَّهِ القَرِيبِ الذِي يَقُولُ لَهُمْ >فَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُومِنِينَ<آل عمران].

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>