أحداث جامعة فاس بين النضال الطلابي والايديولوجية الانتهازية


أحداث جامعة فاس بين النضال الطلابي والايديولوجية الانتهازية

تعد الجامعة مركز اشعاع ثقافي، فهي مركز التلقي والتحصيل، بل ومكان تخريج الأطر والكفاءات العلمية،والتقنية، التي تحمل على عاتقها اعباء المسيرة التنموية والتقدم المنشود نحو غد أفضل يحقق لابناء هذا الوطن ولاجياله اللاحقة سعادتهم ومكانتهم بين غيرهم من الشعوب والأمم، بل ونقلهم إلى مركز الصدارة الذي كان عليه أسلافهم إلا أنه وعندما يغيب عن الذهن الدور المنوط بهذا المركز الاشعاعي، فإن هذا الأخير يتحول إلى خراب وسطو على المقومات الذاتية والحصانة الفكرية والثقافية.

فقد عرفت جامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس أحداثا دموية سنة 1981م كان وراء إشعال فتيلها تيار التطرف القاعدي، الذي هاجم معرضا للكتاب الإسلامي كان من تنظيم الطلبة الإسلاميين، الأمر الذي نتج عنه العديد من الإصابات في صفوف الإسلاميين مع الزج ببعضهم في السجن. ولم يتوقف هذا الإرهاب عند هذه البداية -أي 1981- بل استمر على وتيرة الاعتداء والاصطدام في كل موسم دراسي، وهنا يمكن أن نشير -مع عدم التفصيل- إلى أحداث 1987،89،90،91،92، … هذه الأحداث الدموية والعنف الممنهج، الممارس من طرف هذه النبتة الخبيثة والغريبة عن الواقع الطلابي تعتمد منطق الإقصاء، وعقلية العنف الثوري كمرجعية للفصيل القاعدي، لايمكن له أن يحافظ على وجوده وكيانه إلا بممارستهما على غيره وخصوصا إذا كان يخالفه الرأي.

وبعد هذه العجالة من ارهاصات العنف القاعدي وملامح مرجعيته، أقف مع هذا الموسم وماعرفه من أحداث والتي كان وراء اثارتها واشعال نارها ” القاعديون” .. فكما هو معلوم فقد عرف هذا الموسم 93، 94 تحركات نضالية عدة قادها الطلبة الإسلاميون بجامعة فاس وبالأخص بكلية الحقوق، كان الهدف منها انتزاع الحقوق المشروعة للطالب، والتي بدونها يختل السير العادي للدراسة والتحصيل، وعلى هامش هذه النضالات كان فصيل الأقلية ” الصربية ” يناقش في حلقاته كيفية التصدي لهذه الأشكال النضالية وذلك إما بعرقلتها وتوقيفها أو مواجهتها بعنفه المعتاد، فبدأ مسلسله الإرهابي يوم 16/12/93 بهجوم على الجماهير الطلابية -في ساحة 20 يناير- أصيب خلاله العديد من الطلبة والطالبات بجروح متفاوتة الخطورة، كان أكثرها خطورة إصابة الطالب : خالد الحياني -مستوى السنة الأولى فزياء كمياء- بشلل نصفي، حيث شل نصف جسده، وإلى حدود كتابة هذه السطور فهو لازال طريح الفراش. وقد غض الإسلاميون الطرف عن هذا وحاولوا تجاوزه لأن العنف لا يحل المشاكل الطلابية ولا الخلافات الواردة بين مكونات حركتها، بل يزيدها تعقيدا واستفحالاً وتأخرا إلى الوراء، إلا أن العصابات الإجرامية أبت إلا أن تعيد الكرة تنفيذا لمخططها الدموي، فعادت لمهاجمة الإسلاميين -يوم 2/2/94- الذين خاضوا مقاطعة ناجحة بكلية الحقوق وذلك بغية تحقيق المطالب الطلابية العادلة والمشروعة، والتي سطروها في ملف مطلبي أثناء اعتصامهم الإنذاري أيام 9- 10- 11/12/93.

وبعد الفشل الذريع في اللجوء إلى العنف كوسيلة للوقوف أمام نضالات الإسلاميين والحد من إصرارهم على خدمة مصالح الطلبة.

وكرد على هذا النجاح أقام القاعديون يومين ثقافيين بكلية الشريعة (2- 3/2/94) وهاذان اليومان في حقيقتهما استفزاز لكل الطلبة ولمشاعر المغاربة والمسلمين كافة، حيث قامت هذه العصابات المتطرفة بعرض كتاب >آيات شيطانية< للمرتد سلمان رشدي، وفي يوم 4/2/94 كون التيار القاعدي مليشيات بالمداخل الرئيسية للجامعة استفزازا للطلبة وتعكير الجو بالجامعة ولما لم يفلحوا في أسلوبهم هذا عمدوا إلى افتعال مواجهة اصطدموا فيها مع رجال الشرطة، فكان رد هؤلاء سريعا وذلك باعتقالهم لحوالي 28 طالبا أغلبهم من التيار الإسلامي، تَمَّت محاكمتهم يوم 11/2/94، حيث ترواحت الأحكام الصادرة في حقهم ما بين 6 أشهر وسنتين سجنا نافذة، وبين هذا الحدث وذاك كان الطلبة الإسلاميون يقومون بأشكال احتجاجية تندد بالعنف وبمرتكبيه. وأمام هذه الأحداث المؤلمة وقفت بعض فصائل اليسار موقفا لا يليق بها ولا بخيارها الديمقراطي الذي ترفعه، ونذكر هنا على وجه الخصوص فصيل طلبة “منظمة العمل الديمقراطي الشعبي” الذي وقف موقف الحاضر-الغائب، موقف المتلقي الذي لا ارسال له، حيث حمل في بيانه المنشور ب”أنوال” الصادر يوم 15/2/94 مسؤولية اشتعال فتيل العنف للتيار الأصولي وبموازاة مع الموقف الإنتهازي لهؤلاء “الديمقراطيين”!! فإني أسألهم الأسئلة الآتية :

1- مااسم “جماعة من الطلبة” التي ورد ذكرها في بيانكم؟

2- أية لجان انتقالية تقصدون بتجديدها، هل التي أفرادها اكملوا دراستهم، أم الذين التحقوا بالوظيفة العمومية والخاصة؟

3- اي خيار ديمقراطي تقصدون لمواجهة سلوك الأصوليين، هل هو الخيار المملى والمفروض عليكم، أم الخيار الذي لاتستطيعون التعبير عنه صراحة وبشجاعة في الحلقات الجماهيرية؟؟

وبعد طول المدة من الضرب المباغث والرد عليه، بدأ الهدوء الحذر والمشوب بالترقب تارة والإنتظار تارة أخرى، يعود ابتداء من 18/2/94، وذلك بعد إصدار بيان من طرف النقابة الوطنية للتعليم العالي فرع فاس، داعية من خلاله الأطراف الطلابية إلى التحلي بروح المسؤولية ونبذ العنف وإدانة مرتكبيه، وفي ظل هذا الجو المشحون والساخن، والقابل للإنفجار فإن السبيل إلى الخروج منه يتطلب من مكونات أ.و.ط.م على اختلاف اتجاهاتها الإديولوجية ومرجعياتها الفكرية، تتمة……ص 7 >>>> يتطلب منها الإتفاق حول حد أدنى من التعامل وذلك عبر مد جسور الحوار البناء والمسؤول والهادف في نفس الوقت، وأخيرا فإن الذي يبقى مطروحاً هو :

1- ماهي الجهة الخفية التي تقف وراء مسلسل العنف الذي تعرفه الجامعة بين الفينة والأخرى؟ ومن المستفيد منه؟

2- وما هو الأسلوب الأرقى، الذي ستتعامل به الأطراف الجادة والمتعقلة مع مستنقع العنف الذي يمارس داخل الساحة الجامعية بشكل يحول دون انحرافها عن المسار الصحيح؟

3- متى تقوم العدالة بواجبها وذلك بمحاكمة الذين يروجون للكتابات الإلحادية التي تسيء إلى نبي الإسلام وأزواجه وللدين الإسلامي الحنيف؟

طالب غيور

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>