السودان….إلى أين؟
أنهى “المؤتمر الشعبي العربي الإسلامي” المنعقد في الخرطوم بين 2 و4 دجنبر 1993، أشغاله، وخرج بتوصيات وقرارات تسير في اتجاه رأب الصدع واحلال السلام بدل التطاحن، وتقريب وجهات النظر بين اطراف النزاع في الأمة العربية الإسلامية، واشاعة روح الأمل في المستقبل.
وقد أكد المؤتمر على :
- رفض اتفاقية غزة/أريحا ودعم الانتفاضة الفلسطينية ووحدة الشعب الفلسطيني.
- عدم التطبيع مع الكيان الصهيوني.
- مناصرة شعب البوسنة والهرسك ومقاطعة البضائع الأمريكية والبريطانية.
- اتخاذ تدابير لتحقيق المصالحة الوطنية في مجموعة من الدول : الصومال، أفغانستان، اليمن…
أما بخصوص ليبيا والعراق والسودان فقد دعا المؤتمرون إلى رفع الحصار الظالم عن هذه الدول.
وقد جاء هذا، في الوقت الذي تشرف فيه الدول الغربية بقيادة أمريكا وابريطانيا على اتمام الفصل الأخير من مسرحيتها الجديدة تحت شتى الذرائع الكاذبة والأوهام الباطلة لضرب المشروع الحضاري الإسلامي بالسودان.
وقد تم الشروع فعلا في هذا المخطط الجهنمي بإصدار لجنة الشؤون الإفريقية في مجلس النواب الأمريكي للقرار رقم 131 تدعو فيه الأمم المتحدة وكلينتون إلى فرض حظر عسكري على السودان مع ضرورة إقامة مناطق آمنة بجنوبه.
ويعزز هذا ما لوحظ في الأيام الأخيرة من تحرشات أمريكية وابريطانية بواسطة سفيريهما بالخرطوم، تأييداً لمتمردي الجنوب، وإعاقة لأي تقارب ممكن في اتجاه وحدة هذا البلد من جهة، وتمتين علاقاتهما بالثوار الجنوبيين (ندوة واشنطن، وزيارة كبير أساقفة كانتربري بيتر كاري)، من جهة أخرى اعداداً منهم للمعركة الفاصلة.
ورغم محاولة السودان تأمين نفسه من جيرانه، ولو عن طريق ابداء حسن النية، إلا أنه يبقى مهدداً بين الفينة والأخرى لقوة الحضور الغربي في المنطقة، الذي أفلح بواسطة وكلائه هناك، في خلق توتر تمثل في الاتهامات الأخيرة الموجهة إلى السودان من طرف اتيوبيا وارتيريا بدعوى، رعايته لمعارضين من البلدين -خصوصا بعد فشل الحملة الأمريكية العسكرية ضد الصومال، التي كان الغرض منها الوصول إلى السودان وفصل شماله عن جنوبه- محاولة من أمريكا فض ما تبقى من صلات وثيقة بين دول هذه المنطقة وعزل الحكم في الخرطوم اقليميا بصورة تتوازى مع عزله دوليا.
وسيسدل الستار على هذا الفصل -لا قدر الله- بمشهد التدخل العسكري بعد استكمال الحصار الاقتصادي، وتهيئة الذرائع السياسية.