قراءة سريعة في فيلم قائمة شندلر > أبو هند تعرض العديد من دور السينما الأوروبية -هذه الأيام- فيلما روائيا بالأبيض والأسود تحت عنوان (قائمة شندلر) SCHIENDER’S LIST] للمخرج اليهودي الأصل (ستيفن سبيلبرج) STEVEN SPIELBERG]. وجندت لهذا الفيلم تغطية إعلامية مكثفة من طرف جميع الصحف والمجلات على اختلاف مشاربها. وقد سبق للفيلم /الضجة أن فاز في أمريكا بعدة جوائز اعلنتها في الآونة الأخيرة أهم ثلاث جمعيات للنقاد الأمريكيين ومؤخرا ب14 أسكار (أي مامعدله 40 كيلوغرام من الذهب الخالص تقريبا) في مهرجان هوليود. كل هذا الاهتمام والبهرجة لمجرد أن الفيلم المدلل هذا يسير في نفس اتجاه أفلام صهيونية سبقته تهدف بالأساس إلى إضفاء الطابع الميلودرامي على قضية الشعب اليهودي واظهاره بمظهر الشعب الطيب الغلبان والمُعتدى عليه من قبل النازية القديمة والجديدة! وفي هذا السياق، يقول المخرج انه يهدف بهذا الفيلم أن يُنعش الذاكرة العالمية واليهودية بصفة خاصة ويذكرها بأحداث أكبر جريمة في التاريخ الحديث يرتكبها الإنسان في حق أخيه الإنسان. ثم يضيف أن المجازر التي ارتكبها الألمان في حق اليهود فاقت في بشاعتها التصور البشري، لهذا فهو يرى أن واجبه الديني كيهودي يحتم عليه أن يُبرز بعض هذه الحقائق للناس وعدم قيامه بهذا الواجب يعتبر إثما كبيراً وذنبا لايُغتفر! (1). كل ذلك من أجل استدرار عطف الرأي العالمي وإلزامه بعقدة الذنب التي يجب عليه أن يكفر عنها… وقد كفر الغرب عنها بالفعل ومايزال! فكان الشعب الفلسطيني المسلم هو كبش الفداء ومايزال! الحديث عن فيلم (قائمة شندلر) يذكرني بمقال مثير قرأته منذ سنوات في إحدى الجرائد الفرنسية، والمقال يكشف حادث اعتداء شنيع تعرض له الباحث والمؤرخ الفرنسي المعروف (فورسن) على إثر نشره لدراسة قيمة يشكك فيها في وجود (غرف الغاز) التي يدعي اليهود أن هتلر كان يستعملها لتصفيتهم لا فرق الأراضي الألمانية أو تلك التي كانت ألمانيا تحتلها آنذاك. أثارت هذه الدراسة حفيظة اللوبي الصهيوني في أوروبا فقامت مجموعة من (أبناء الذاكرة اليهودية) أو مايعرف ب(بنوزكرون) بالتعرض للبروفيسور (فورسن) وهو يتجول في حديقة (فيشي) فأشبعوه ضربا وركلا فكسروا فكيه حتى يكف عن الكلام وتلك كانت رغبتهم الحقيقية. بالإضافة إلى هذا الاعتداء الذي ألزم الباحث الجلوس في المستشفى لمدة طويلة، مُنع ايضا من منصبه بالجامعة ولوحق في كل مكان بتهمة معاداة السامية واغتيال الذاكرة الجماعية!! (2) أخي القارئ، مادفعني للحديث عن فيلم (قائمة شندلر) ثم الإعتداء على الباحث الفرنسي -وإن كان الموضوعان وجهان لعملة واحدة- قلت ما دفعني لذلك، هو ما ألاحظه من ضحالة واستهتار في كثير من الأفلام العربية التي يجتهد مخرجونا الأشاوس لإتحافنا بها! العالم الإسلامي والعربي يزخر بطاقات وكفاءات جيدة في مجال الإخراج السينمائي! ففي الوقت الذي نجد فيه المخرج اليهودي أو المتعاطف معه أو المأجور حتى! يجد ويجتهد فيُطوع النصوص ويُزور التاريخ من أجل اخراج فيلم يصور فيه “معاناة” اليهود المزعومة، نجد كثيراً من مخرجينا لايجتهدون إلا في اخراج أفلام التفاهة والدعارة والحب الساقط! فالسينما عندنا -والحالة هذه- لم ترق بعدُ إلى مستوى التحديات التي تواجهها هذه الأمة المغلوبة على نفسها! مع أن واقع المسلمين الآن مَعين لاينضب من المعاناة والمظالم واللطمات المتلاحقة! فهو واقع يصلح لكتابة آلاف السيناريوهات واخراج آلاف الأفلام والمسلسلات لو كانت النوايا سليمة والأهداف نبيلة. فقد لايُكلف المخرج عندنا نفسه عناء البحث في التاريخ أو اختلاف الأحداث وتطويع النصوص. فالأحداث جاهزة ودماء الأبرياء فيها ماتزال رطبة قانية!! بالله عليكم ياسادة! أولا تصلح المجازر التي تقام يوميا على أرض البوسنة والهرسك المسلمة لاخراج مآت الأفلام بل الملاحم والتراجيديات وما وقع ويقع يوميا في فلسطين المسلمة ألا يُجسد شكلا من أبرز وأعظم أشكال الميلودراما الحية في عالم الناس هذا! هذا غيض من فيض، فواقع المسلمين أيها المخرجون العرب والمسلمون واقع مأساوي بجميع المعاييير فلا تنقصه إلا الأيادي الأمينة لاخراجه إلى الناس على حقيقته قبل أن تتسرب إليه الأيادي المغرضة لتشويهه وتحريفه كما شُوه تاريخ الأمة من قبل! شيء من الغيرة والجدية أيها المخرجون المسلمون حتى يعلم الرأي العام العالمي من أحق بالشفقة والرحمة أنحن المسلمين أم اليهود قتلة الأنبياء والموحدين! وحتى نُشعر هذا الرأي بعقدة ذنب (بحق وحقيقي) وقد تخلى على نصرتنا العدو والصديق حتى أصبحنا كالأيتام على مأذبة اللئام. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. هوامش : (1) “Le point” عدد : 19 فبراير 1994. (2) جريدة “Le National”.