إن التجديد في كُلِّ شيء سُنَّة ربَّانية أزلية، فاللَّيْلُ بسكُونه زمَنٌ تجْديديٌّ للنَّهار المتْعب للإنسان بالعمل، والنهارُ أيضا بما فيه من نشاط وعَمَل تجديدٌ لزمن الليل الساكن المُريح، وهذا القرآن يشيرُ إلى نِعْمَة اللهَّ تعالى على الإنسان بهذا التجديد الضروريِّ لتَنْشيط حياةِ الإنسان، وإبْعادِ السَّأمِ والمَلَلِ عنها، فيقول : {قُلْ أرَايتُمْ إن جَعَل اللَّهُ عَلَيكُمُ اللَّيْلَ سَرْمداً إلى يَوْمِ القيَامةَ مَنْ إلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ ياَتِيكُمْ بِضِيَاءٍ؟! أفَلاَ تَسْمَعُونَ؟! قُلْ أَرايتُمْ إنْ جَعَلَ اللَّهَ عَليْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَداً إلَى يَوْمِ القِياَمَةِ مَنِ إلهٌ غَيْرُ اللَّهِ ياتيكُمْ بلَيْلٍ تَسْكُنوُنَ فيه؟! أفَلاَ تُبْصِرُون؟! ومِن رَّحمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ والنَّهاَرَ لتَسْكُنُوا فيه ولتَبْتَغُوا من فَضْلِهِ ولعَلَّكُمْ تَشْكُرُون}(القصص : 71- 73)
وللتجديد الزمنيِّ كان الصَّيفُ والخريفُ والشتاءُ والربيعُ بكل خَيْراتِ كُلِّ فَصْل وجَماله، وكلِّ مشاكله وأتعابه، وللتجديد – أيضا – كانت عبادةُ الصلاة مقسَّمة على أزمان الليل والنهار بحسَب الظروف المناسبة للنشاط الإنسانيِّ، وكان الصيامُ والحجُّ بحسَب الأشهُر القمريَّة ليصُومَ المُسْلمُ في كُلِّ فُصُول السَّنة، أحيانا في الصيف، وأحيانا في الخريف، وأحيانا في الشتاء، وأحيانا في الربيع، ولكل صيام لذَّةٌ خاصَّةٌ في فصْل مُعَيَّن يتميَّز بها عن الفصْل الآخر، وهكذا نجد التجديد محبوبا ومطلوباً ومُمْتعاً في كل شيء، في الأكل والشرب، وفي اللباس، والمَرْكوُب، والمقروء، والعمل، والفكر، والنشاط الفردي والجماعي، إلى غير ذلك من مختلف أنواع النشاطات المجدِّدة للحياة.
ونفس السُّنَّة الربانيَّة تجْري على الدِّين، لأَنَّ طولَ الممارسَةِ للشَّعائر الدينيَّة يُحوِّلُها إلى عادَةٍ شبْهِ خاليةٍ من الرًُّوح الإيمانيَّة المُنشئةِ للتَّغْيير الفعَّال في نفْسيَّة الفردِ، ونفسية المجتمع، ونفسية الدولة، فينتشِرُ الفتُور، ثم الضُّعْفُ، ثم التراخي، ثم الهبوط والسقوط، إذ ْ يُصبِحُ المجتمع مُصّلياً، ولكن صلاته لا تعصمُه من الفاحشة والكذب والتهافت على المال،… ومؤديا للصيام ولكن صيامَهُ لا يُعبِّئُ روحَه بالتقوى والخشية من الله تعالى، وكذلك يقرأ القرآن، ولا يحسُّ بلذة مُخاطبة الله تعالى له ليكونَ عَبْداً خالصاً لهُ دون سواه.
وإذا كان الصحابة رضي الله تعالى عنهم كانوا يُحسُّون بتَغيُّر نفوسِهِم بمجرَّد مُغادَرتهم لرسول الله ومُعاَفَسَتِهِمْ الأزواجَ والأموالَ، فكيْف بالمُسلمين الذين لَمْ يجدُوا واعِظاً طول حياتهم، أو على مَدَى السَّنَةِ، أو على مَدَى الشَّهْر والشهور؟!. وإذا كان الصحابة رضوان الله تعالى عليهم قد أحَسُّوا بتغيُّر نفوسهم بَعدَ دَفْن الرسول مباشرةً، فكيف بالمُسلمين الذين نسُوا رسول الله نهائيا؟! فَلَمْ يبْقَوا عارفين لحياته، وسيرته، وسُنَّته، وأخلاقه، وتربيته، وتزكيته للنفوس المؤمنة. إنهم يسمعون به كإنسانٍ عظيم كان في التاريخ، ولَيْسَ رسُولاً إماما مُقتدى به، كان قرآنا يمشي على الأرض، ورَبَّى رجَالاً ونساءً قرآنيين يَمْشُون على الأرض. إذن الإسلامُ ثابتٌ بكتابه، ورسُوله، وأرْكانه، وأحْكامه، وأخْلاقهِ، وحِكَمه، ومقاصده، ولكنه يحتاجُ في كُلِّ وقتٍ وحين إلى دعاَةٍ يجدِّدُون الهِمَمَ الإيمانيَّةَ للنهُوضِ به، وجَعْل الأرْواح تَنْتَعِشُ مِنْ جَديدٍ، فتُنَوّرُ الحياَةَ بروح الصدق مع الله تعالى، ونُور الإخلاص لَهُ وحده، ونور الخشية منه وحده، ونور الرَّجاء والطمَعِ فيه وحْده… وبذلك تستقيم الحياةُ وتطيبُ وتَسْعَدُ وتهنأُ بالأمْن والأمَان، والعَدْل والاطمئنان.
ولهذه الضرورة، وهذه المهمة، قال رسول الله : >لا تزال طائفةٌ من أُمَّتي على الحَق ظَاهرينَ، لا يَضُرهم مَنْ يخْذلهُمْ حَتَّى يأتي أَمْرُ الَّله<(الترمذي وأبو داود ومسلم) فهذه الطائفة الربَّانيَّة هي سَفينَةُ الْإنْقَاذِِِِِِِِِِِِِِ
دوَاعِي التَّجْديد:لابَأسَ منْ تقديم بَعْض أحاديثَ للرَّسول – بَيْن يدََيْ الدَّواعي – حَذَّرنا فيها من الوصُول إلى مَرْحَلة الهُبوط والسقوط الدَّاعية للتجديد.
من هذه الأحاديث قولُ رسول الله : > >إذا كَانَ أُمَراؤُكُم خيارَكُمْ، وأغنياؤُكُمْ سُمَحاءَكُمْ، وأُمُورُكم شُورى بيْنَكُمْ، فظَهْرُ الأرْض خَيْرٌ لَكُمْ من بَطْنهاَ. وإذا كان أمَراؤُكُمْ شرَارَكُمْ، وأغنيَاؤُكُم بُخَلاَءَكُمْ، وأُمُورَكُمْ إلى نسائكُمْ، فَبَطْنُ الأرض خَيْرٌ لكمْ من ظهْرها<(رواه الترمذي).
وحالُنا في الحكْمِ، والسياسَة، والمال والاقتصاد، والشورى إما أن تُحَسَّن بالتَّجديد وإمَّا الدُّخُول تحت الأرضِ أحْسَن.
> >لتَتَّبعُنَّ سُنَنَ منْ قَبْلكُمْ شبرا بشِبْرٍ وذراعاً بذراعٍ، حَتَّى لوْ دخَلوا في جُحْر ضَبٍّ لاَتَّبَعْتُمُوهُمْ< قُلْنا : يا رسول الله آليَهُودُ والنَّصَارى؟ قال : >فَمَنْ<(متفق عليه).
نظْرةٌ سريعة إلى نُظُمِناَ السِّياسيَّة، والاقتصادية، والاجتماعية، العسكرية، وإلى إعلامِناَ… تُبينُ لكَ أنَّنَا أذْيالٌ لِمَنْ حَذَّرَنَا منهُم . > >يوشكُ أنْ تَداَعَى علَيْكُمُ الأمَمُ كما تَداَعَى الأكَلةُ إلى قصْعَتهَا< فقال قائل : وَمنْ قِلَّةٍ نحْنُ يوْمَئْذْ؟! قال : >بَلْ أنتُمْ يَوْمَئذٍ كَثيرٌ ولَكنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ ولَيَنْزِعَنَّ من صُدُورِ عَدُوِّكُمْ المَهَابَةَ مِنْكُمْ، ولَيَقْذفَنَّ في قُلُوبِكُمْ الوَهَنَ< قال قائل : يارسول الله وما الوَهَنُ؟ قال : >حُبُّ الدُّنْيَا وكَراهيةُ المَوْتِ<(أبو داود والبيهقي)
فهل هناكَ أكثَرُ من التداعي الاستعماريِّ الذي غَطَّى جُلَّ العالَمِ الإسلاميِّ حتى أصبح لا يقْدرُ على التَّنَفُّسِ إلاَّ بإذن النِّظام العالميِّ الجَديد؟! من خلال هذه الأحاديث وغيرها كثير نجد أن الدَّواعيَ للتجْديد مُتَعَدِّدَةُ الأشكَالِ والأنواعِ، نشير لبعضها فقط، ونََخُصُّ بالذكر الدَّواعِيَ الكبيرة التي تُعْتَبَرُ أساسيَّةً في التَّجْديدِ، ويُمْكِنُ أن تُخْتصَر في نقطتين أساسيتين :
- أُولاهما : شِدَّةُ الافْتتاَنِ بالدُّنْيا – وثانيَتُهُما : نُدْرَةُ الدُّعاةِ الرَّبَّانِييّن أما بالنسبة للنقطة الأولى فيمكن تلخيص فِتنَةِ الدُّنيا المُفسدة في سببين رئيسَيْن أيضا :
> السبَبُ الأوَّلُ : اعتبارُ الحُكْمِ غايةً وليْسَ أمانةً ومسؤولية ووسيلةً لتحقيق العَدْل، ونشر الأمْنِ في الرَّعية. وأعطانا الله تعالى نموذجاً للحكم الطاغي الناشر للفسادِ والخراب بدون اعتبار لأية رقابَةٍ ربانيَّةٍ، أو بشريَّة، فقال : {إنَّ فِرْعَوْنَ علاَ في الأرض وجَعَلَ أهْلَهاَ شِيَعاً يَسْتَضْعفُ طائفَةً مِنْهُمْ يذبِّحُ أبناَءَهُمْ ويَسْتَحْيي نسَاءَهُمْ إنَّهُ كانَ منَ المُفْسِدين}(القصص : 3). ونظْرةٌ تأمُّليَّة صغيرةٌ إلى الدُّول المُنْتمية للإسلام تُريك حَجْم البلايا التي يَجْلُبُها التَّصَارُعُ على الحُكُمِ بجميع رُتَبِهِ ودرَجاَته وسَلاَلِمِه !!!
> السَّبَبُ الثاني : اعتبارُ المَال شَرَفاً وميزةً تُؤَهِّلُ صاحِبَهَا لنَيْل كُلِّ شيء، والتحرُّرِ من كل شيء : وليس نعمة ممنونة مشكورة. فصاحبُ المال يستحق الحُكْمَ، والرئاسة، والسيادة، والتقدير، والتقديم، بل ويستحقُّ حتى النُّبُوَّة وتنزُّل الوحي عليه {وقَالُوا لوْلاَ نُزِّلَ هذا القرآنُ عَلى رَجُل من القرْيَتَيْن عظيم}(الزخرف : 30). وصاحب المال فوق المُساءَلةِ والمُحاسبة {وقالوا نحنُ أكْثَرُ أموالا وأولاداً وما نَحْنُ بمُعَذَّبين}(سبأ :35). ونظرة تأملية بسيطة إلى أحوالنا وأحوال العالَم من حَوْلنا تُريك من يتحَكَّمُ فيه؟! ومن يوقد الحروب قصد الاستئثار بخيراته؟! وكما أعطانا الله عز وجل نموذجا سيئا للحكم الفاسد، أعطانا مثلا سيئا للطغيان بسبب المال، فقال في قارونَ الجاحد لنِعَمِ الله تعالى عليه، والذي نُصِحَ بشُكر الله وابتغاءِ الآخرة بماله فقال : {إنَّمَا أُوتيتُهُ على عِلْمٍ عِنْديْْْْْْْ}، فكانت نهايتُهُ : {فَخَسَفْنَا به وبِدَارِهِ الأرْضَ}(القصص : 81). إن الله تعالى جمع لنا الخيرَ كُلَّهُ في قوله تعالى {مَنْ كانَ يُريدُ ثَوابَ الدُّنْيَا فعِند اللَّهِ ثوابُ الدُّنيا والآخرةِ وكانَ اللَّهُ سميعاً بصيرا}(النساء: 133). وإن الرسول جمَعَ لنا الخيرَ كلَّهُ في قوله : >مَنْ كانتْ نيَّتُهُ طَلَبَ الآخرةِ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ في قَلْبهِ، وجَمَعَ شَمْلَهُ، وأتتْه الدنيا وهي راغمة، ومن كانت نيَّتُه طلب الدنيا جعل الله الفقر بين عيْنيه، وشتَّتَ عليْه أمْرَه، ولم يأْتهِ من الدنيا إلا ما كُتِبَ له<(الترمذي) ولكِنْ أيْنَ العُقَلاءُ الرُّشَدَاءُ؟!
أما بالنسبة للنقطة الثانية، وهي “نُدرة الدُّعاة الربانيين” فيمكن تلخيص نُدرتها في سببين رئيسَيْن أيضا :
< السبب الأول : إهماَلُ الدُّول المُنتمِيَةِ للإسْلاَمِ للْمُؤَسَّساتِ الدَّعَويَّة : فكلُّ الدُّول تعتني بالمؤسسات الطبية البشرية والحيوانية، والمؤسسات الاقتصادية والإدارية والإعلامية، والتجارية، والطرُقية، والقانونية، والتموينية، والزراعية، والغابوية، والسياحية… والدّين الذي هو أفضل كل شيء، وأعز كل شيء، وأساسُ صلاح كلِّ شيء، وأساسُ ربحِ كلِّ شيء… مُهَمَّشٌ تهميشا كاملا. إذا كان الله عز وجل هيَّأ الرسولَ للدعوة في نحو ثُلُثَيْ عُمُره -أربعين سنة- ثم بعثَه ليبني خير أمَّة في نحو ثلاثٍ وعشرين سنةً، فلماذا لا نتعلَّمُ نحنُ من سنَّة الله تعالى في تربية أنبيائه ورسله فتكونُ لنا مؤسَّساتٌ تُخرِجُ الكُمَّل في العلم والأخلاق والحكمة ليتولوا تربية الشعوب والأمم؟! أليس من السَّفه أن تجد إنسانا لا يَحْفَظُ قرآنا، ولا يعرفُ سنة ولا سيرة، ولا فقها، ولا عرَبِيَّةً، ولا نحواً، ولا بلاغةً، ولا إعجازاً… وهو يتصَدَّر للفتوى والمجالس الوعظية والإرشادية؟! فماذا يُنْتَظَرُ مِنْهُ أن يَقُول؟! وعلى أيِّ أساسٍ يُمْكِنُ أن يَقُودَ ويربِّيَ؟! أليْسَ ذلك إفلاسا كبيرا نتحمَّلُ وِزره جميعا؟!
< السبب الثاني : نُدْرَةُ وُجُود الداعيَةِ الجامعِ، صَاحِبِ المنْهج الجامِعِ : فكل الجماعات التي تتأسَّسُ للدعوة للإسلام تجدُها تغَطِّي جانباً، وتغْفُل عن جوانبَ أخْرَى كثيرةٍ، فهي بتميُّزها في الجانب الرُّوحيِّ فقط، أو السياسي فقط، أو الخيريِّ فقط، أو الجهاديِّ فقط، أو التبليغي فقط، أو العَقَديِّ فقط، أو الفكريِّ فقط… كأنها تُجزِّئُ الإسلامَ، مع أن الإسلام كلٌّ لا يتجزَّأ، ويالَيْتَهاَ كانت تتكامَلُ، ولا تتعصَّبُ وتتناحَرُ!!! إذْ لو تكاملتْ لرشَدتْ وأفادتْ. وهذا ما يدعو بإلحاحٍ إلى ترشيد الدعوة، وترشيد العمل الدعوي، والآفاق الدعوية، للتنوع والتكامُل وتكوين المُختلِفِ المُؤتَلِف، ألم يكَوِّنْ الرسول الأمَّة الخيِّرة من قريش بمختلف قبائلها، ومن أهل يثربَ بمختلف قبائلها، ومن العرب جميعا بمختلف قبائلهم وطبائعهم؟! أليس من العَيْب المَعيب ألا يسْتطيعَ العاملون للإسلام في القرن الواحد والعشرين التمكُّنَ من جَمْعِ كلمةِ المسْلمين؟!!!
مُقْتَرَحاتٌ على درب التجديد:يُمْكنُ التلخيصُ – بعجالة – لبعضِ المقترحاتِ التي نرجو أن تجِدَ الآذان الصَّاغية، والقُلوبَ الغَيُورَةَ والمتشوِّقَةَ لبثِّ روح التجديد في الأمة، لتَنْهض من جديد لأداء رسالتها، إنها تُخْتصَرُ في ما يلي :
1- العمـلُ بجدٍّ على مَحْوِ الأمِّيَّة الدِّينيَّة : كي يقُوم كلُّ فَرْدِ في الأمة بواجباته استجابةً لله والرسول.
2- التخطيطُ بعلِم وحكمةٍ عالية للخروج من مرْحَلَةِ الديكتاتورية : التي ليس لها أصْلٌ شرعيٌّ، أو دينيٌّ، أو عقليٌّ، أو قانونيٌّ، أو عُرفيٌّ، أو فِطريٌ، لأن الشورى هي أصْلُ التجديد المستمر في كل خلايا المجتمع وهي أصل كل رُقيٍّ وتقدم يُطَيِّبُ العَيْشَ فوق ظهر الأرض بالوجْهِ الأبيض الناصع.
3- مُحاولة الخروج بعِلْم وذكاءٍ من مرحلة التبعيَّة الذَّليلة : لكلِّ النُّظم والمذاهِب التي تخدِشُ أصالتَنا.
4- إعادَةُ البنَاءِ لمُؤسَّسات الدّعوة : لاسْتمرار إخْراج الرّبانيِّين علماً وحكمةً وخُلقاً ودعْوةً.
5- إنشاء مُؤسسّات الأمْر بالمعروف والنهْي عن المنكر : لتستمرَّ المحاربةُ للطُّفَيْليَات القاتلة.
6- تشجيعُ الإبْداع العلميّ والإعلاميّ : ليستمرّ الاجتهادُ البَانِي على كُلِّ الأصْعِدة.
7- تعْمِيقُ رُوح الجِهاد النفسيِّ والتربويِّ والتعليميّ في النّفُوس : لتكْوين أجْيالٍ عَالية الهِمّة.
8- السّعْيُ الدَّؤوبُ لجمْع شَمْل الشعُوب : على القواسِم المشتركة التي لا يختلف عليْها اثنَان.
9- السّعْيُ الدّؤوبُ لإسْعَادِ الإنْسانية برحْمة العدْلِ والهِدَاية : بإنشاءِ نُظُم إسلامية بديلة عالميّة، فيها الحقُّ، والعدْل، والكَرامَة، والسلامُ الشامِلُ. 10- تصْنيعُ القياداتِ الربانيّة : التي تعرفُ كيف تخطِّطُ للمستقبل المُنوّر بنور الهُدَى والتُّقَى، وتعرفُ كيْفَ تجنِّدُ الطّاقَاتِ للتنفيذ برضًى واقتناعٍ، وتعْرف كيْف تستَرْجِع الثقة المفقُودة، والحماسَ المفقودَ، والهيْبَةَ المفقودة.
إن الشعوب في حاجة شديدة إلى مَنْ يُوقِظُ فيهَا شُعْلةَ الحماسِ لتفْجِير الطاقاتِ الكامِنَة في ضمائر شُعوب الأمّة، بعْد تَراكُم الإفْلاَسات في كل ميْدان، ولا سَبيل لذلِك إلا على يَدٍ الرّبّانِيِّين المخْبوئِينَ في عَالَم الغَيْب عِنْد علاَم الغُيوب.
الغايَةُ الموْعُودة حُلْماً وأملاً وشرْعاً:ليْس من المعقول -أبداً- أن تكون بدايَتُنا عبوديّةً خالصةً، ووِراثَةً لنبوَّةٍ خاتِمةٍ، وبُنُوّةً لخيْر أمّةٍ راشِدَةٍ، ذاتِ حضارة إنسانيّةٍ رائعة، ثم نُوأَدُ على يد الباطِل الذي بعَثنا الله تعالى لنئدَهُ إلى الأبد، حيثُ قال لَنا في فجْر الرّسالة، وبدْءِ الحضَارة الآدميّة {ويُرِيدُ اللّهُ أن يُحِقَّ الحَقّ بكَلِمَاتِه ويقْطَعَ دَابِر الكَافِرين ليُحِقّ الحَقّ ويُبْطِل البَاطِل ولوْ كَرِه المُجْرِمون}(الأنفال : 8). فالوَعْدُ مازال مفتوحاً إلى قيام السّاعة، قال : >تكُونُ النّبُوّةُ فِيكُمْ ما شَاءَ اللّه أن تَكُون، ثُمّ يرْفعُها الله تعالى، ثُمّ تكون خِلافَةً على مِنهاجِ النّبوّة ما شَاء اللّه أن تكُون، ثمّ يرْفَعُها الله تعالى، ثمّ تكونُ مُلْكاً عاضّاً فتكُونُ ما شاءَ اللّه أن تكُون، ثمّ يرْفَعُها اللّه تعالى، ثمّ تكون مُلْكاً جبْرِيّةً فتكُونُ ما شاءَ اللّه أن تكون، ثُمّ يرْفَعُها الله تعالى، ثم تكونُ خِلافَةً على مِنْهاجِ نُبُوّةٍ< ثم سكت(رواه أحمد والبيْهقي في دلائل النبوة). إن الأمّة تنتَظِرُ الموْعُود.