1- تكون الشدة مع الذي قوي التزامه وفهمه وتستبعد مخالفته نظرا لسَبْقه وإمامته فلهذا غضب النبي على علي ] أمام القوم لما أطال إطالة ألحقت من خلفه. وعن أبي مسعود عقبة بن عمرو البدري ] قال : جاء رجل إلى النبي فقال : إني لأتأخر عن صلاة الصبح من أجل فلان مما يطيل بنا، فما رأيت النبي غضب في موعظة قط أشد مما غضب يومئذ. فقال : >أيها الناس : إن منكم منفرين، فأيكم أم الناس فليوجز، فإن من ورائه الكبير والصغير وذا الحاجة<(متفق عليه).
2- أو في حد من حدود الله وعن عائشة رضي الله عنها أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا : من يكلم فيها رسول الله ؟ فقالوا : من يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله . فكلمه أسامة، فقال : رسول الله : >أتشفع في حد من حدود الله تعالى؟< ثم قام فاختطب ثم قال : >إنما أهلك من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها<(متفق عليه).
وعندما بعث النبي معاذا وأبا موسى الأشعري رضي الله عنهما إلى اليمن قال لهما : >يسرا ولا تعسرا…< فذات يوم جاء معاذ إلى أبي موسى فوجد عنده رجلا قد جمعت يداه إلى عنقه. فقال له من هذا؟ قال : هذا رجل كفر بعد إيمانه. فقال معاذ : لا أنزل حتى يقتل. فأمر بقتله ثم نزل.
فلم يفهما من قول النبي : >يسروا ولا تعسرا” هو الرفق ولو ظهر الكفر بعد الإيمان، والزنى بعد الإحصان <(رواه البخاري في كتاب المغازي).
3- عند معارضة الحكم الشرعي بعد بلوغه، وتوضيحه. فقد رأى النبي رجلا يسوق بدنة فقال : “اركبها” فقال الرجل : إنها بدنة : أي مهداة للبيت : فقال : اركبها قال : إنها بدنة. قال اركبها ويلك في الثالثة أو الثانية<(رواه البخاري)
وعن سلمة بن الأكوع ] أن رجلا أكل عند النبي بشماله، فقال : >كل بيمينك<. قال : لا أستطيع قال : لا استطعت”. ما منعه إلا الكبر. قال : فما رفعها إلى فيه (رواه مسلم).
4- عند الإصرار على المعصية، فعندما رأى النبي المنافقين يصرون على ترك صلاة الجماعة، قال : لقد هممت أن آمر المؤذن فيقيم، ثم آمر رجلا يؤم الناس، ثم آخذ شعلا من النار فأحرق على من لا يخرج إلى الصلاة بعد<(رواه البخاري).
5- أو الاستخفاف بالدعوة. كان حذيفة ] بالمدائن فاستسقى، فأتاه دهقان : وهو زعيم القرية : بقدح فضة، فرماه به، فقال : إني لم أرمه إلا أني نهيته فلم ينته، وإن النبي نهانا عن الحرير والديباج والشرب في آنية الذهب والفضة، وقال : إنها لهم في الدنيا، وهي لكم في الآخرة<(رواه البخاري).
6- وجود المخالفة في موضع تستبعد فيه المخالفة كبيت النبي : عن عائشة رضي الله عنها قالت : قدم رسول الله من سفر، وقد سترت سهوة لي بقرام فيه تماثيل فلما رآه النبي هتكه وتلون وجهه وقال : “يا عائشة: أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله<(متفق عليه) .
“السهوة” كالصفة تكون بين يدي البيت و”القرام” بكسر القاف : ستر رقيق و”هتكه” أفسد الصور التي فيه.
ومثل ذلك في الحرمة قبلة المسجد وعن أنس ] أن النبي رأى نخامة في القبلة. فشق ذلك عليه حتى رؤي في وجه فقام فحكه بيده فقال : >إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه، وإن ربه بينه وبين القبلة، فلا يبزقن أحدكم في القبلة، ولكن عن يساره أو تحت قدمه< ثم أخذ طرف ردائه فبصق فيه،ثم رد بعضه على بعض فقال : >أو يفعل هكذا<(متفق عليه). والأمر بالبصاق عن يساره أو تحت قدمه هو فيما إذا كان في غير المسجد. فأما في المسجد فلا يبصق إلا في ثوبه.