من حين لآخر يظهر بالغرب قادة مجانين، يخربون في مدة وجيزة ما بناه عقلاؤهم في قرون، وقد أدركنا بعض هؤلاء، مثل هتلر وموسيليني، وآخر هؤلاء المعتوهين بوش الإبن الذي دشن حكمه بتفجير البرجين لينسبه إلى القاعدة التي يتكون معظمها من بادية العرب والعجم ومن بعض المتدربين على الطيران الذين كانوا عاجزين عن قيادة طائرة مدنية عادية، فما بالك أن يقوموا بتلك العملية البارعة لتحويل الطائرتين للاصطدام برأسي البرجين اللذين سقطا رأسيا وفي مكانهما دون مَيَلان أو خروج عن دائرة قاعدتهما؛ وآخر من أكد أن “الفعلة” أمريكانية مائة في المائة: أستاذ فرنسي بكلية الطيران الفرنسية بباريس الذي طرده وزيره بأمر ساركوزي طبعا بتهمة التشكيك في كون القاعدة هي المتهمة بذلك، وصرّح أنه سيرفع دعوى على وزارة الطيران أو وزارة الدفاع الفرنسي، وقال إن طرده كان أيضا بسبب مشاركته في مظاهرة للاستنكار لمحرقة غزة، والعجب أن هذا الخبر لم نسمعه إلا من الجزيرة ومرة واحدة فقط دون تكرار على عادتها (والفاهم يفهم)..
واعتمادا على الكذبة البلقاء أن أتباع ابن لادن هم مقوضو البرجين، أعلن بوش حربا صليبية على الإسلام والمسلمين صراحة وبعد خروجه من قداس كما فعل أبوه سابقا عند الهجوم على العراق. فكان الهجوم على أفغانستان وعلى القبائل الباكستانية وعلى العراق واعتقال الآلاف من الشباب المسلم؛ وأقدم بوش على إنشاء معتقلات عبر العالم بما فيه عالم المسلمين والأعراب، وتوج ذلك بالمعتقل الشهير غوانتانامو الذي يسجل أن الإنسانية وحقوق الإنسان بل حقوق الآدمية قد تراجعت بذلك مئات السنين، وها هي أمريكا في عهد العقلاء تعلن عن قرب إغلاقها لهذا المعتقل الذي شوه سمعة الديمقراطية الأمريكية بل سمعة الغرب كله الذي وافق على هذا المنكر الشنيع، وأنها -أي أمريكا في عهد أوباما- ستحاكم المتهمين وفق القانون، ملغية تلك الاعترافات المنتزَعة من المتهمين بالإكراه والتعذيب، كما أن أمريكا تضع استراتيجية ” الخروج” من العراق وأفغانستان وتمد يدها للتفاوض مع إيران.
وقبيل سقوط الحزب الجمهوري بزعامة ” تشيني ” القائد الفعلي لأمريكا خلال ثمان سنوات، تشهد هذه الدولة الكبرى تْسُونامي اقتصادي مريع بدأ بإفلاس بنك الإخوة ليمان اليهودي وانتهى بالسطو الهائل للمتحايل: مَادُوف الذي سطا على خمسين مليار دولار للمستثمرين في شركته الشيطانية وهو أيضا يهودي، وبهذا كان (زفتُ) الختام للعهد البوشي المشؤوم، وها نحن نشاهد أمواج الإفلاس وما يتبعها من تسريح العمال والموظفين وارتفاع عدد المتسولين في أمريكا نفسها وإفلاس البنوك وكبريات الشركات في أمريكا وفي العالم بما فيه الدول التي تعيش دائما في عين التخلف وفي السير دائما نحو الوراء، فقد أصيبت بلعنة الانهيار الاقتصادي البوشي كما أصيبت بلعنة “الإرهاب” الذي ما تزال تتخبط فيه رغم أن أوباما قد أعلن التخلص من غوانتانامو، وننصح الدول المتخلفة أو النائمة بأن تتعافى من مرض الإرهاب فقد تبين أن الأمر مسرحية بوشية محضة.
وهكذا شهدنا بعد هتلر وموسيليني “مجنونا” أو “مشؤوما” ثالثا في مستهل القرن الواحد والعشرين الذي كنا نظن أننا سنشهد فيه قرنا يَعُمُّه الأمن والسلام والرخاء والحرية والديمقراطية وما نزال ننتظر مآسي أخرى تتناسل من طامّات بوش الإبن الذي كنا نود أن يُقدَّم للمحاكمة باعتباره مجرما دوليا جعل العالم يعيش في الرعب خلال سنوات حكمه وما يزال يعاني ما يعاني بسبب الانهيار الاقتصادي والحرب الأفغانية ومجازر المدنيين على يد الناتو في أفغانستان وباكستان وتخريب العراق وتشجيع “الصهيونية المجرمة” على محرقة غزة التي كانت تحيةَ وداعه لحكم العالم وهدية الصهيونية له على ما قدم للعالم من الرعب والخوف والاضطراب والإرهاب والفقر والانهيار الاقتصادي وارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية والخوف من المستقبل المحفوف بالأخطار والتوقعات السيئة وارتفاع أعداد الفقراء والمتسولين في العالم وفي أمريكا أيضا.
وهكذا فإن العالم لم يشهد رئيسا مشؤوما مثل بوش ومتآمرا حتى على وطنه أمريكا بدءاً وختاماً.