314 مـن جـاء بالحسنة
فعل الحسنات دأب الصالحين، وديدن المتقين، كيف لا وهي زادهم، وسبب فلاحهم وعلو درجتهم، فعلى قدر حسنات المرء تكون منزلته في الجنة، ويكون قربه من الله جل جلاله، وينال من اطمئنان القلب وانشراح الصدر، وسعة الرزق ما تقربه عينه، قال بعض السلف (إن للحسنة ضياء في الوجه، وانشراحا في الصدر وسعة في الرزق).
وقد مدح الله عباده الصالحين بأنهم كانوا يسارعون في الخيرات وهي سبب في كسب الحسنات وزيادتها، قال سبحانه : {إنهم كانوا يسارعون في الخيرات} ولعلك تذكر قصة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما يوم أمر النبي أصحابه بالصدقة، فأسر عمر ] في نفسه أن سيسبق أبا بكر اليوم -وهيهات! ومن ذا يسبق أبا بكر، أول من أسلم من الرجال، وأحبهم إلى رسول الله ، وثاني اثنين إذ هما في الغار..- فجاء عمر ] بنصف ماله، ثم جلس يرقب صنيع أبي بكر ]، فلما أن جاء ووضع كل ماله بين يدي رسول الله ، أذعن عمر وسلّم، وأيقن أن أبا بكر هو المقدم. وذلك فضل الله يوتيه من يشاء. واذكر يوم أن سأل رسول الله الجمع : من أصبح منكم اليوم صائما؟ -وفي القوم عمر وعثمان وعلي وكبار الصحابة رضي الله عنهم- فأجاب أبو بكر : أنا، ثم سأل : من تصدق بصدقة؟ فقال الصديق أنا، ثم قال : من عاد مريضا؟ فقال أبو بكر : أنا، ثم في الرابعة قال : من تبع اليوم جنازة؟ فقال : أنا، فزين النبي صدره بوسام >ما اجتمعن في امرئ ثم مات إلا أدخله الله الجنة<.
فانظر أيها الحبيب إلى حرص الصديق على طرق أبواب الخير والاستكثار من الحسنات، ألا ترى أن الناس يحبون أن يستكثروا من الأموال والأملاك والعقارات، ويحرصوا على زيادة رصيدهم البنكي. فما بال الزهد في الحسنات؟! وعدم الالتفات إلى الرصيد الأخروي؟!
والأدهى من هذا أن تستكثر من الحسنات ثم تأتي ربك يوم القيامة فلا تجد شيئا، فليس المهم أن تعمل الحسنة، ولكن المهم أن تحافظ عليها، حتى تلقى بها الله جل وعلا، وتأمل في قول الحق سبحانه : {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} فلم يقل سبحانه وتعالى : (من عمل الحسنة) فقد تعمل الحسنة والحسنات، ولكنك قد تُذهبها بفعل السيئات، وحديث المفلس شاهد قوي لهذا الأمر.
كيف أحافظ على الحسنات؟ الجواب : بترك السيئات. فقد تقول : سبحان الله وبحمده فتأخذ عشر حسنات، فإذا اغتبت وكذبت وقذفت… ذهبت الحسنات. والمعصوم من عصمه الله، فاللهم اعصمنا بفضلك وجد علينا من بحر جودك آمين.