في مقدمة كتاب “المعذبون في الأرض” للكاتب الإفريقي “فرانس فانون” كتب >جون بول سارتر” ما مفاده : (كنا نأتي بأبناء الذوات وأبناء زعماء القبائل من إفريقيا، ونفتح لهم أبواب جامعاتنا، ونعلمهم أسلوب “الإيتِيكِيتْ” على الطريقة الغربية، ونرتب لهم زيجات أوربيات، ثم نبعث بهم إلى بلدانهم، وهكذا كنا نصرخ من أمستردام أو باريس أو لندن : لتسقط الأديان ولتحيى الأخوة الإنسانية) فيرتد إلينا الصدى من أعماق إفريقيا : لتسقط الأديان ولتعش الأخوة الإنسانية..، لقد استطاع الفكر الاستعماري أن يفعل فينا ما لم تفعله جيوش الاحتلال… سبب هذا الكلام ما تشهده الساحة الإفريقية اليوم من استبداد الأنظمة الحاكمة التي لم تعد تستسيغ نبض الشارع الإفريقي، وهكذا نرى النظام في كينيا وزيمبابوي يرفض التخلي عن الحكم لصالح نخب جديدة رغم نتائج صناديق الاقتراع كما نجد الولايات المتحدة زعيمة العالم الحر على حد تعبيرها تسند أنظمة فاسدة وتضخ الدماء في شرايينها المتكلسة حتى تستعملها في خنق الأصوات التواقة إلى التغيير والتحرر.. فبعد خمس سنوات من غزو العراق والإطاحة بنظام صدام الديكتاتوري، ابتليت أرض الرافدين بأبشع ديكتاتورية في العالم، سفكت دماء أزيد من مليون عراقي وهجّرت أكثر من خمسة ملايين آخرين، وجعلت من أعرق حضارة إنسانية أطلالا وخرابا باسم نشر مبادئ الديمقراطية والقيم الإنسانية.
لكن حين تأتي صناديق الاقتراع بما لا تشتهيه أمريكا كما هو الوضع في فلسطين فإن الآلة الهمجية الأمريكية والصهيونية تتحرك لوأد رغبة الجماهير واغتصاب حرية الشعوب.. الديمقراطية حلال لكل شعوب الأرض، إلا الشعوب العربية والإسلامية لأنها في نظر الأمريكان شعوب قاصرة وينطبق عليها قول الشاعر :
أحرامٌ على بلابله الدوحُ
حَلاَلٌ للطير من كل جنس.