لقد بدأ “حلف الخارجين عن القانون” حملته الهمجية على الشعب العراقي، محدثا دمارا وخرابا في البلاد والعباد.
وقد كثر اللغط حول أهداف الحملة الصليبية الجديدة :
- فمنهم من حددها في السيطرة على منابع البترول العراقي الذي يعتبر ثاني مخزون عالمي.
- ومنهم من يرى في العراق موقعا استراتيجيا لاحتواء دول “مارقة” عن الهيمنة الأمريكية مثل سوريا وإيران.
-ومنهم من يدعي تخويف هذا الحلف الدول للكبرى في المنطقة ومزاحمتها مثل الهند الناهضة والصين السوق الاستهلاكي الكبير وروسيا المتطلعة إلى إعادة أمجادها التي أقبرت بعد سقوط الاتحاد السوفياتي.
-ومنهم من يؤكد على إرادة أمريكا إرباك سياسات أوربا في المنطقة، والمتطلعة هي الأخرى إلى بناء قطب جديد يرجع التوازن الدولي السابق.
-ومنهم من يتحدث عن سايكسبيكو جديدة تقسم أمريكا بموجبها دول المنطقة على أساس لغوي أو قبلي أو إثني أو مذهبي أو طائفي…. تتكون بعدها دويلات شبيهة بدويلات ملوك الطوائف في الأندلس في زمن خلا، وإحداث وضع إقليمي وعربي جديد يسمح للكيان الصهيوني بتمديد رجليه وأيديه من دجلة والفرات إلى البحر الأحمر، آمنة مطمئناً وسط كيانات عميلة وتابعة وضعيفة تخدم المصالح الأمريكية والصهيونية في المنطقة، تخاف العصا وتطمع في الجزرة، وإن اليوم الذي تقول فيه الأنظمة الحالية متحسرة : “أُكِلت يوم أُكِلَ العراق” يوم آت لا ريب فيه، وستنشد مع الشاعرالذي نعى الأندلس ورياضها و”جناتها” وخزائنها أنشودة العار والخيبة والتوق إلى زمن الأمجاد.
سيأتي يوم لا ينفع فيه ندم ولا حسرة إلا من أتى الله بقلب سليم، وأتى أمريكا وحلفها الخارج عن القانون بالخيل والركاب والضرب والحراب حتى تطرد كما طردت من فيتنام ولبنان والصومال و….ولعل تيار الكراهية لأمريكا الذي يجتاح العالم اليوم بسبب غطرستها، وصُمود الشعب العراقي غير المتوقع في وجه الآلة الهمجية، مع الاختلال الواضح في موازين القوى، لعل ذلك سيكون محفزا للقوى المسلمة على استنهاض الفعل الإسلامي العالمي من أجل اكتساب واكتساح مواقع سياسية كانت محرمة عليها بسبب التضليل الإعلامي الصهيوني على قضايا الإسلام في العالم.
وسواء كانت الأهداف السابقة الذكر حقيقية أو متوهَّمة -كلها أو جلها- فإن المتأمل في تاريخ الإسلام يلاحظ مركزية العراق/بغداد في صنع الكثير من أمجاد المسلمين والعرب على المستوى العلمي والحضاري :
- فلقد ظلت بغداد عاصمة الخلافة الإسلامية لأطول فترة زمنية في تاريخنا الإسلامي، ومر بها أعظم الخلفاء بعد الراشدين الخمسة، مثل هارون الرشيد والمعتصم.
-القراء السبعة المجمع بين المسلمين على تواتر قراءاتهم، أربعة منهم من العراق وهم :حمزة الزيات وعاصم أبو النجود والكسائي من الكوفة وأبو عمرو من البصرة.
-المذاهب الأربعة، اثنان منها من العراق : الحنفي والحنبلي.
-الرموز الإسلامية من حيث الأهمية التاريخية هي : مكة والمدينة والقدس ثم بغداد ثم دمشق عاصمة الخلافة الأموية ثم إسطنبول (مدينة الإسلام) عاصمة الخلافة العثمانية.
لذلك لعل المستهدف بعد بغداد هو دمشق وربما إسطنبول إذا رفعت عصا الطاعة ضد الهيمنة الأمريكية وربما……..
وأخيراً : فقد تكسب أمريكا الحرب الظالمة، لكن المؤكد أنها “كسبت” كراهية الملايين من المسلمين لأجيال قادمة يموت معها النظام العربي الهزيل وجامعته العقيمة، وقد يُقَسَّم المقسَّم ويجزأ المجزء، لكن وعد الله لهذه الأمة بالظهور الجديد ووصفه لها بالخيرية والشهادة أمر لا يخالجنا فيه شك، والعاقبة للمتقين الأحرار، والخزي والعار والشنار لليهود والعملاء والأمريكان الأشرار.
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.