نظمت جمعية آباء وأولياء تلاميذ ثانوية طارق بن زياد ندوة علمية في موضوع : “الميثاق الوطني للتربية والتكوين” دراسة وتقويم” يوم الجمعة 2003/04/25 وقد شارك في الندوة عدد من الأساتذة والمفتشين، وكانت محاول الندوة:
المحور الأول : تقويم عام للميثاق
أ- الميثاق والمنطلقات للأستاذ الطيب محمد (مفتش مركزي بوزارة التربية الوطنية).
ب- الميثاق والهوية الإسلامية والحضارية للأستاذ محمد الأنصاري(أستاذ جامعي ورئيس الجمعية).
المحور الثاني : الجانب البداغوجي والعلمي في الميثاق للأستاذ السعيدي محمد (مفتش التعليم الثانوي).
وقد شارك تلاميذ المؤسسة بكلمة ألقتها التلميذة ولد أحمام نجوى ممثلة اللجنة التلاميذية لجمعية الآباء بالثانوية، أبرزت فيها ملاحظات التلاميذ على الميثاق وتحفظاتهم عليه، وقد نالت الكلمة إعجاب المشاركين والحضور الكريم.
وفيما يلي كلمة الإفتتاح لرئيس جمعية آباء وأولياء تلاميذ ثانوية طارق بن زياد الأستاذ محمد الأنصاري
إن قضية التربية والتعليم هي القضية الأم، منها ينطلق الخير لمريديه، ومنها ينطلق الشر، إذا عوفيت التربية عوفي سائر جسد الأمة وصلح مستقبلها، وإذا اشتكت ا لتربية تداعى سائر جسد الأمة وكيانها وفسد مستقبلها وضاع أبناؤها.
فبالتربية والتعليم تنهض الشعوب وتتقدم الأمم، وبها يتم التعمير والبناء والتنمية الشاملة، وبها أيضا يحصل التقدم العلمي والنهوض الحضاري.
ولهذا السبب كان ازدهار العلوم والمعارف في مختلف مؤسسات التربية والتعليم هو المعيار الحقيقي الذي يُوزن به تقدم الأمم والشعوب في مختلف المجالات، وإذ إن هذا الإزدهار العلمي والتعليمي هو السبيل الصحيح لنهضة أي مجتمع وتقدمه.
فالدارس لتاريخ البشرية لا يكاد يجد مجتمعا متقدما أو أمة قوية لها شأن بين الأمم وسلطان إلا بامتلاكها ناصية العلم وسلطان المعرفة واعتنائها بقضية التربية والتعليم.
وعلى هذا الأساس كانت المسألة التربوية والتعليمية في نظر الإسلام من الولايات والمؤسسات التي لا قيام للدين والدولة والمجتمع والأمة إلا بها، فكانت العناية بها خاصة، ولا غرابة في ذلك فالعلم والتعليم في ميزان الإسلام هما أساس كل شيء وعليهما يقوم كل شيء، فهو إمام العمل وإمام جميع الولايات والمؤسسات في الدولة وهي تابعة لهما.
المقومات العلمية والحضارية الواجب توفرها في الميثاق:
وحتى يكتب لأي ميثاق وطني تربوي تعليمي النجاح ويكون في مستوىطموحات الشعب المغربي المسلم لابد أن يأخذ بعين الإعتبار المبادئ والمقومات الموضوعية والعلمية والمنهجية والحضارية التالية :
أولا : الأخذ بعين الاعتبار المرحلة الدقيقة والخطيرة التي يمر بها قطاع التربية والتعليم ومؤسساته المختلفة، فهذه المرحلة تتسم بالضعف التربوي والوهن العلمي والتعليمي والتسيب المنهجي والتخطيط الإداري الكارثي، ولا مخرج لهذا القطاع ومؤسساته إلا بالوعي العميق والسديد بخطورة هذه المرحلة، وكذلك بالتخطيط التربوي العلمي الهاف لمرحلة جديدة تتجاوز سلبيات السياسات التعليمية منذ الإستقلال إلى الآن، وتستشرف آفاق مستقبل التربية والتعليم للدولة والمجتمع في إار منهج قويم يعتمد البحث والتحليل، ودراسة الأسباب والسنن المطردة، وا لمؤثرات السلبية التي آلت بالمناهج والتصورات التربوية إلى ما هي عليه الآن من ترد لا ينكره عاقل غيور من أبناء هذا المجتمع.
إذ بالنظر إلى هذه الأحوال يمكن أن نلحظ عدة أمور منها :
- إهمال المسألة العلمية والتعليمية إهمالا خطيرا لدى الخاصة والعامة >فما العامة من شدة طلبها أجبرت الخاصة على التعليم، ولا الخاصة من شد حرصها اضطرت العامة إلى التعلم<(الهدى ع 33 ص 32).
فمؤسسات التربية والتعليم من مدارس ومعاهد وجامعات تثير بحالها التساؤل عن وظيفتها أهي : التعليم أم التجهيل؟ أهي الترغيب في طلب العلم أم التنفير منه؟ أهي تخريج أجيال حاملة للأمانة بعلم قادرة على الاستجابة للتحديات التي تواجه البلاد والعباد في مختلف المجالات بعلم، صانعة للمستقبل المنشود بعلم، أم إنها تفريج خلوف يهلون أين يتجهون، ويقولون مالا يفعلون ويفعلون مالا يؤمرون. (انظر الهدى ع 33 ص 32).
- ضرورة إدراك ولاة الأمر عامة وولاة أمر مؤسسات التربية والتعليم خاصة ما يجب عليهم تجاه هذه المؤسسات، وأن يدركوا أيضا ثقل أمانة ولا يتهم وخطورة التقصير في أداء الرسالة المنوطة بها فيعملوا بصدق وإخلاص على صياغة سياسة تعليمية هادفة، تقوم على الدراسة العلمية الموضوعية وعلى القوامة المنهجية، إذ بقدر رشد المواثيق التربوية والسياسات التعلمية علميا ومنهجيا يكون مستوى انطلاقنا العلمي وإقلاعنا الحضاري.
- ضرورة اعتبار مؤسسات التربية والتعليم ا لقلب النابض في الأمة، فإذا صلحت حالها وسلمت من العلل، صلح حال المجتمع وسلمت الأمة، وإذا بقيت على حالها تستهلك وتستورد من الآخر مالا يناسب من التصورات والمناهج والبرام والخطط، بقيت على حالها في الوهن والتخلف والتخبط، ولن تعرف للنهوض سبيلا ولا للإمامة والقيادة المنوطة بها طريقا.
- ضرورة العلم بأن وظيفة التربية والتعليم هي الوظيفة الجليلة الأساسية التي بعث من أجلها الرسول لقوله تعالى : {هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كـانوا من قبل لفي ظـــلال مبـيـن}(الجمعة : 2).
إنطلاقا من هذه المبادئ والمقومات كان لابد من إلقاء الضوء على ماسمي بالميثاق الوطني للتربية والتعليم ماله وما عليه من حيث الرؤية والمنهج ومن حيث المقاصد والوسائل، حتى يكون الأستاذ المربي عارفا به، ويكون المتعلم تلميذا أو طالبا أو باحثاً عارفا بحقيقته ومراميه مدركا للمرجعية التي صيغ في إطارها وعلى أساسها حتى يكون الجميع على بينة من أمرهم.
وفي هذا الإطار لابد من الإشارة إلى أن الندوات والأيام الدراسية الكثيرة التي أقيمت في شتى أنحاء الوطن أبرزت تحفظ شريحة عريضة من المهتمين بقضية التربية والتعليم الممارسين لها الخبراء بحقائقا وما ينبغي أن تكون عليه، وفي مقدمتهم الكثير من الأساتذة والمفتشين وأصحاب الخبرة والتجربة وذوي الكفاءات العلمية في شتى مجالات العلم والمعرفة، أبرزت تحفظهم على معظم ما جاء في الميثاق الوطني للتربية والتكوين، مما يقتضي تقويمه وترشيده ووجوب إعادة النظر فيه رؤية ومنهاجا، مقاصد وأهدافا في إطار مقومات ذاتيتنا وقيم حضارتنا ومبادئ ديننا و تعاليمه الغنية، التي كان لها الفضل في السبق العلمي في مختلف مجالات العلوم والمعارف المعنوية والمادية والإنسانية في العصور الذهبية التي عاشتها أمتنا يوم كانت مرتبطة بالوحي مصدرا وتشريعا وتطبيقا.
كل هذا مع ضرورة الإنفتاح على التجارب البشرية الماضية والمعاصرة وذلك بأخذ الصالح منها دون الفاسد في المسألة العلمية والتعليمية والمنهجية.
وفي الختام أسأل الله تعالى التوفيق والسداد للإخوة الأساتذة الذين استجابوا لدعوتنا فأبوا إلا أن يشاركوا في تأطير هذه الندوة ،ولا أنسى أن أثمن الجهود التي بذلتها اللجنة التلاميذية لجمعية الآباء بهذه المؤسسة وأتمن لهم ولجميع التلاميذ التفوق في دراستهم وألا يخرجوا من هذه الندوة إلا وقد استفادوا منها الكثير.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.