تفقه في دينك – فضل حضور الجنازة -3-


إن لتشييع الجنازة فضلاً عظيماً يعود على  المشيعين، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من اتبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا، وكان معها حتى يصلى عليها ويفرغ من دفنها، فإنه يرجع من الأجر بقيراطين، كل قيراط مثل أحد، ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن تدفن فإنه يرجع بقيراط” رواه البخاري.

وقد قال الرسول عليه السلام :” عودوا المريض وامشوا مع الجنازة تذكركم الآخرة” رواه مسلم.

وعن الاسراع بها يقول المصطفى  عليه السلام : ” أسرعوا بالجنازة فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه، وإن تك سوى ذلكفشر تضعونه عن رقابكم” رواه البخاري.

كما يستحب المشي أمامها إذ كان النبي  وابوبكر وعمر يمشون أمام الجنازة رواه  أبو داود والنسائي وغيرهما وبه قال الجمهور من الأئمة، وهو كون المشي أمام الجنازة أفضل.

كما يكره الجلوس قبل أن توضع الجنازة من على الأعناق لقوله  : “إذا اتبعتم الجنازة فلا تجلسوا حتى توضع بالأرض” متفق عليه.

ويجب أن يعمق القبر تعميقا يمنع وصول السباع والطير إلى الميت ، ويحجب رائحته أن تخرج فتؤذي لقوله  : “احفروا واعمقوا وأحسنوا وادفنوا الاثنين والثلاثة في قبر واحد، فقالوا من نقدم يارسول الله؟ قال قدموا أكثرهم قرآنا” رواه الترمذي وصححه.

هذا ويستحب لمن حضر الدفن أن يستغفر للميت، وأن يسأل له التثبيت في المسألة لقوله صلى الله عليه وسلم : “استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه يسأل”.

هذا وينبغي تسوية  القبر بالأرض لأمره  بتسوية القبور بالأرض، غير أن تسنيم القبر جائز. وهو رفع القبر قدر شبر مسنما، واستحبه الجمهور لأن قبر النبي  كان مسنما.

ولابأس بوضع العلامة على القبر ليعرف بها من حجر ونحوها، لأنه صلى الله عليه وسلم قبر عثمان بن مظعون ] بصخرة وقال : ” أعلم بها قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي أما تجصيص القبر أو البناء عليه فحرام لما روى مسلم أن النبي  نهى أن يحصص القبر أو يبنى عليه.

ويكره في الجنازة مايلي :

رفع الصوت بذكر أو قراءة أو غير ذلك، قال ابن المنذر : روينا عن قيس ابن عباد أنه قال : كان أصحاب رسول الله  يكرهون رفع الصوت عند ثلاث : عند الجنائز وعند الذكر، وعند القتال، وكره سعيد بن المسيب وسعيد ابن جبير والحسن والنخعي وأحمد وإسحاق قول القائل خلف الجنازة : استغفروله. قال الأوزاغي بدعة.

قال فضيل بن عمرو : بينا ابن عمر في جنازة إذ سمع قائلا يقول : استغفروا له غفر الله له، فقال ابن عمر: لا غفر الله لك.

وقال النووي : واعلم أن الصواب ما كان عليه السلف من السكوت حال السير مع الجنازة، فلا يرفع صوت بقراءة، ولاذكر ولا غيرهما لأنه أسكن بخاطره، وأجمع لفكره فيما يتعلق بالجنازة، وهو المطلوب في هذا الحال، فهذا هو الحق، ولاتغتر بكثرة مايخالفه، وأما مايفعله الجهلة من القراءة على الجنازة بالتمطيط وإخراج الكلام عن موضعه فحرام بالإجماع.

نعم لابأس بأن يجلس المسلم في المسجد أو في بيته فيقرأ القرأن، فإذا فرغ من تلا وته، سأل الله تعالى للميت المغفرة والرحمة، متوسلا إلى الله عزوجل بتلك التلاوة  التي تلاها من كتاب الله عز وجل.

أما اجتماع القراء في بيت الميت على القراءة، واهداؤهم ثواب قراءتهم للميت، وإعطاؤهم أجرا على ذلك من قبل أهل الميت، فهذا بدعة منكرة يجب تركها وإقبارها، وعلى المسلمين أن يجتنبوها ويبتعدوا عنها، لأنها لم تقع في عهد السلف الصالح، ولم يقل بها أهل القرون المفضلة.

هذا ويجوز للمرأة أن تحد على قريبها الميت ثلاثة أيام مالم يمنعها زوجها، ويحرم عليها أن تحد عليه فوق ذلك. إلا إذا كان الميت زوجها، فيجب  عليها أن تحد عليه مدة العدة ، وهي أربعة أشهر وعشر، لما رواه الجماعة إلا الترمذي عن أم عطية أن النبي  قال : “لاتحد امرأة على ميت فوق ثلاث إلا على زوج فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشرا.

ويستحب صنع الطعام لأهل الميت، ويقوم بذلك الأقارب أو الجيران يوم الوفاة، لقوله  : “اصنعوا لآل جعفر طعاما فإنه قد أتاهم أمر يشغلهم” رواه أحمد والترمذي والحاكم.

أما أن يصنع أهل الميت أنفسهم الطعام لغيرهم، فهذا مكروه لاينبغي، لما فيه من مضاعفة المصيبة عليهم، وإن حضر من تجب ضيافته كغريب مثلا استحب أن يقوم الجيران والأقارب بضيافته بدلا عن أهل الميت.

ومعلوم أن النّواح والصراخ على الميت حرام بخلاف البكاء.

أما البكاء فلابأس به، لقوله  : لما توفيولده ابراهيم ” إن العين تدمع والقلب يحزن ، ولانقول إلا مايرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون” رواه البخاري. وبكى  لموت أمامة بنت أبنته زينب. فقيل له يارسول الله، أتبكي، أولم تنه عن البكاء؟ فقال : ” إنما هي رحمة جعلها الله في قلوب عباده وإنما يرحم الله من عباده الرحماء” رواه البخاري.

ويستحب تعزية أهل الميت رجالا كانوا أو نساءا قبل الدفن وبعده إلى ثلاثة أيام، إلا أن يكون أحد المعزين غائبا أو بعيدا فلابأس إن تأخرت لقوله  : “مامن مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله عز وجل من حلل الكرامة يوم القيامة” رواه ابن ماجة بسند حسن. والتعزية هي التصبير، وحمل أهل الميت على العزاء والصبر

 ذ. محمد حطاني

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>