مجرد رأي : انتفاضة البراءة من “مسلسل السلام”


… أكتب اليوم والقلب يعتصر ألما والقلم دما عن ملحمة الانتفاضة العظيمة التي يخوضها أبناء شعبنا المجاهد في فلسطين، محتسبا أجره على الله ضد آلة الحرب الصهيونية وقد أبانت عن غطرسة ووحشية وعنجهية قلّ لها نظير في التاريخ المعاصر.

أبناء فلسطين المجاهدة في عمر الزهور يواجهون مدافع العدو وطائراته ودباباته وأسلحته المحضورة دوليا، يواجهون كل هذا الدمار بصدور عارية ومقالع وحجارة مباركة تفعل في عدوهم ما لم تفعله الأسلحة الهائلة الجاثمة في العديد من الموانئ العربية حتى علاها الصّدأ..

فتحية إكبار وإجلال لكم يا أطفال ويا شباب فلسطين، أنتم قطرة الشرف المتبقية في بحر الخيانة العربية، تجاهدون بحجارتكم الكريمة، وتتسابقون إلى الموت والاستشهاد في سبيل الله، بينما يتسابق غيركم وراء سراب الغرب أو لتقبيل أيادي العدو أو جمع فتات موائد مفاوضات الذلوالعار.

إن المرء لا يملك إلاّ أن يشعر بالخزي والمهانة وهو يرى أطفالا يقفون صفا واحداً لمقاومة الأعداء نيابة عن الأمة الخانعة، بينما يقف البعض من حكامنا ونخبنا وقادتنا، وعديمي الضمير من أبناء جلدتنا أمام بوابات الغرب المتصهين.

فهذا أحد حكام العرب “الأشاوس” يجيب أحد الصحفيين -المكلومين من وقع الفاجعة- بأسلوب فيه الكثير من السخرية والاستهزاء : “وهل تريدون الحرب؟” وكأني بالزعيم الشهم لم يقتنع بعد بأن ما تقوم به إسرائيل ضد شعبنا الأعزل هو أبشع من الحرب، فالحرب لها ضوابط وقوانين، أما ما يقوم به الغُزاة الصهاينة فهو التقتيل والذبح والابادة بواسطة الأسلحة المحضورة دوليا (إلا على إسرائيل) والطائرات الحربية والدبابات.

وكأني بالزعيم لم ير بعد منظر الطفل الفلسطيني، وغرة شهداء القدس محمد الذرة وهو يسقط برصاص القناصة الصهاينة وهو مختبئ وراء ظهر والده.. لفظ الشهيد محمد أنفاسه الأخيرة وهو يُثَبِّت والده المفزوع : “اصبر يا أبي، فسيارة الاسعاف قادمة لاسعافك!!” .

صورة هزت ضمير العالم الحر وحتى من مات لديهم الضمير، صورة التقطها مصور عربي شجاع لحساب القناة الفرنسية الثانية، فعدسات قنواتنا العربية (الفضائحيات العربية) مشغولة -كان الله في عونها- بتصوير الحفلات والسهرات الماجنة أو في أحسن الظروف متابعة تنقلات الزعماء الأشاوس.

… في الوقت الذي نبكي شهداءنا الأبرار ونزفهم الى جنات الرحمان، نتحسّر ونبكي على مصيبتنا في أمتنا وقد تداعت عليها الأمم الكافرة من غرب ويهود كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، لا من قلة عددهم وعدتهم وإنما من قلة حياتهم وهوانهم، ومن هان عند الله ، هان عند الناس. رغم كل ما يقع لأبنائنا في فلسطين من تقتيل وإبادة لم نسمع، ولا دولة عربية واحدة أمرت بإغلاق سفارة أو مكتب اتصال في عواصمها، ولم نسمع عن علم اسرائيلي واحد تم إحراقه فوق هذه البنايات الضرار، ولم نسمع عن طرد سفير أو ممثل لإسرائيل من هذه الدول.. مع أن العرف الدولي يقتضي استدعاء السفراء أو إغلاق السفارات كلما طرأ شيء ما بين دولتين.. لقد تم استدعاء السفراء وطرد نظراؤهم واغلقت سفارات لمجرد أن دولة من الدول الشقيقة والصديقة و.. عرضت على قناتها التلفزية برنامجاً تم من خلاله استدعاء معارض للسيد وفخامة الرئيس! فكيف نثور ونُزبد ونرعد انتقاماً ودفاعا عن “شخصياتنا” ولا نفعل الشيء نفسه ومصير شعب ومقدسات اسلامية معرضة للابادة والتقتيل؟

مجرد سؤال أرجو أن أجد له الجواب في مؤتمر الجامعة العربية الذي نرجو أن يخرج بمقررات ومواقف عملية ولا يكون كسابقيه من مؤتمرات الشجب والتنديد. أملنا جميعا مسلمين وعرب وشرفاء العالم ألاّ يتحول المؤتمر إلى قطعة اسفنج تمتص دماء شهدائنا الأبرار وغضب وسخط شعوبنا المجاهدة.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>