ألم قلم : الدخول المدرسي والاصلاح


عاش مجتمعنا المغربي خلال الدخول المدرسي لهذه السنة على ايقاع خاص يختلف عمّا تعود عليه منذ عقود مضت، حتى بدا لبعض الفئات أن الإصلاح الذي بدأ الحديث عنه منذ شهور قد بدأ تطبيقه جملة وتفصيلا، وأن هذا الإصلاح لايعدو أن يكون إعادة ترتيب لالتحاق التلاميذ بمؤسساتهم، وإعادة جدولة عطل السنة الدراسية ومواعيد الامتحانات فيها، بينما بدأ البعض الآخر يتساءل عن مصير تدريس الأمازيغية والانجليزية في المرحلة الابتدائية الذي كثر الحديث عنه طوال الشهور الماضية.

دندنات الاصلاح دفعت العديد من الآباء إلى التهافت على بعض المدارس الخاصة التي رفعت شعار التغريب من كل جانب. فبدأت تدريس اللغتين الفرنسية والانجليزية منذ الصف الأول ووجد أرباب هذه المدارس الفرصة سانحة لرفع الأثمان بشكل مهول واستغلالي، وبدعوى أن تدريس الانجليزية والمعلوميات يتطلب استحضار مدرسين جدد،كما يتطلب استعمال مهارات حديثة تتناسب وحداثة اللغة المدَرّسة.

ايقاعات الاصلاح كان لها طعم آخر عند قطاع عريض من المعلمين الذين لم يتسلموا رواتبهم إلا في اليوم الأخير من الشهر الماضي بعد أن بلغت القلوب الحناجر، وكادت تفيظ أرواح آخرين حين لم يتسلموا إلا قسطاً من رواتبهم مع هزالتها.

أما في بعض القرى النائية فإنهم يجهلون كل شيء مما يتحدث عنه سكان الحاضرة، فلا التوقيت الجديد للدخول المدرسي يعرفونه، ولا الاصلاح يسمعون عنه، ولا الاعانات، من كتب وأدوات ومحافظ، يرونها، فكل شيء عندهم يسير وفق الحظوظ والاتفاقات، وحتى التعليم الأولي للمرحلة ما قبل الابتدائية لا يعرفون إليه سبيلا مما يجعل حظوظ التعلُّم عندهم نخبوية.

وبين هذا وذالك، يبقى هاجس الخوف على مستقبل الأبناء الدراسي والتعليمي والوظيفي حاضراً لدى كل الآباء، خاصة في ضوء :

< هاجس الساعات الإضافية الذي أصبح سيفاً مسلطا على رقاب التلاميذ وآبائهم، فلا امتياز -ولا أقول لا نجاح- إلا بالخضوع للساعات الإضافية التي يفرضها المدَرِّسُ على التلاميذ بشكل مباشر أو غير مباشر، وهو هاجس لم يقلص من هوله الاصلاح المزمع تطبيقه.

< هاجس غياب المجانية الذي بَدأت ملامحه تلوح في الأفق، تبعا للاصلاح الجديد.

< هاجس البطالة التي طوقت الخريجين من الجامعة على اختلاف مستوياتهم وتخصصاتهم مما جعل التلميذ وهو في المرحلة الابتدائية يجالس أخاه أو أخته أو عمه أو غيرهم من أقاربه المعطلين، وهم حملة شهادات، الأمر الذي يجعله دائما يطرح السؤال : ما الفائدة من المدرسة؟؟ وهل الإصلاح سيفتح سوق الشغل الذي “أغلقه” النظام التعليمي القديم؟؟!!

 

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>