بهذه الكلمات المتنطعة الملحدة في آيات الله، دافع حيدر حيدر عن روايته “وليمة لا عشاب ابحر” في مراسلة هاتفية لقناة الجزيرة ضمن برنامج المشهد الثقافي ليوم 2000/5/8. حيث جعل ذلك من حق الأديب، وأضاف قئلا : >إن الإسلام ملك للمسلمين جميعا، وليس مزرعة يديرها كهنة…< كما قال : >من المحتمل أن تُنتقد رواياتي التي تناولت الثالوث المحرم…<.
لعل أهم تعقيب على هذه التصريحات التي تذكرنا بكتابات أقطاب الماركسية العرب أيام الستينات والسبعينات، هو أنَّ كُلَّ من أراد أن يتربع على هرم الشهرة، فإنّه يسب الدين، وينال من المعتقدات، أما الثنائي المتبقى من المحرمات فما أظن أن كاتباً من مثل حيدر حيدر قد خفي عليه منه شيء، فبالنسبة للجنس لم يبق لهؤلاء الكتاب ما يتناولونه بعد أن أغرقوا الأسواق بالروايات الرخيصة، وبما أنتجوه منْ نُصوصٍ حُوِّلت إلى مسرحيات وأفلام، وبعد أن جادت القنوات الفضائية على المشاهدين بكل ما يهدّم الأخلاق ويشتت الأُسر، وبذلك فلم يَعُد الجنْس محرماً. وأما السياسة، فانّي أتحدّى حيدر حَيْدر، أن يقول عن رئيس دولته بأنه “سياسي فاشل’ كما قال ما يشبه ذلك عن الذات الالهية، وأتحداه أن يقول عن رئيس دولته، بأنه “منفرد بالسلطة” كما قال ما يشبه ذلك عن الله جل وعلا، وأتحداه أن يقُول : “إن السياسة ملك للشعب عموماً، وليست مزرعة يديرها رئيس الدولة” الخ… في تقديري لو قال شيئاً من ذلك لعرف معنى “الثالوث المحرم” حق المعرفة، ولكن بما أنه لم يستطع أن يقول أي شيء من ذلك فقد وجَدَ في الاسلام ضالته، وافترى على الله وكذَب عليه وكذّب بالصِّدق بعدَ إذ جَاءَه.
إن هذا الكاتب الفاشل ما كان لينال اهتمام عدد من الأقلام ووسائل الإعلام، لو أنه لم يجد من يحتضنه، بعد أن مُنعت رواياته في الدول العربية حسب ما صرح به هو نفسه، ولكن وزير الثقافة المصري وجد فيه ضالته ليعلن هو بدوره الحرب على الاسلام بتفجيره أزمة كانت مصر في غنًى عنها.
لقد أقر مجمع البحوث الاسلامية بالأزهر بأن رواية حيدر تطعن في مقدسات الأمة وتنال من المعتقدات كما أقرت اللجنة الخاصة في مجلس الشعب المصري بذلك أيضا وخرج طلاب الأزهر وطالباته في مظاهرات سلمية، منددة بالرواية، وتحركت معهم قلوب المسلمين في كل العالم، تستنكر كلها هذا العمل الشنيع : طبع رواية تلحد في آيات الله بأموال الشعب، وبيعها في السوق بثمن بخس، وتتلاحق الأحداث وتصدر لجنة الأحزاب قرارها بتجميد حزب العمل، وتوقيف جريدة الشعب، وكأن حزب العمل هو المسؤول عن كل ما حدث، وكان الأولى بأن يصدر أمر بوقيف من تسبب في كل ما حدث.
إن مثل هذا العمل سيدفع آخرين إلى التجرؤ على الطعن في الاسلام واحتقار أهله وعلمائه، وإننا من هنا وإن بعدت الشقة، نطالب القيادة المصرية بالتدخل، وهي التي عرف عنها الأخذ برأي الأزهر في كل أمورها، نطالبها بالتدخل لاحقاق الحق وإزهاق الباطل، حتى يبقى للأزهر حرمته، ولأرض الكنانة مكانتها وسمعتها في قلوب العرب والمسلمين عموماً.