معنى الولاية لــغــــــة، واصطلاحا
- الولي لغة المتكفل بكل شؤون المتولَّى عليه.
والولي شرعا هو الوكيل الذي يتولى تنفيذ كل شؤون من وكَّلَه وينوب عنه فهو كالمحامي في عصرنا. ومنه قوله تعالى : {فَإِنْ كَانَ الذِي علَيْهِ الحَقُّ سَفِيهاً أو ضَعِيفاً أو لا يَسْتطِيعُ أن يُمِلَّ هوَ فَلْيُمْلِلْ ولِيُّهُ بالعَدْلِ}(البقرة : 282).
وعليه : فحكم الولي في عقد النكاح هو شرط واجب في أغلب المذاهب الفقهية فلا يجوز لا مرأة أن تُزَوِّج نفسها، ولا أن تَلِيَ عقد النكاح على غيرها بوجه من الوجوه، بكراً كانت أم ثيبا، شريفة أو دَنِيّة رشيدة أم سفيهة، حرة أو أمة، أَذِنَ لها وليها أو لم يأذن، فإن وقعَ فسخ قبل الدخول وبعده، وإن طال وولدت الأولاد، ولكن لاحد فيه للشبهة، ويُلحق به الولد، وفيه الصداق المسمى، وإلا فصداق المثل، وحُكْمُه في وجوب العدة، وتحريم المصاهرة، ولحوق النسب، حكم النكاح الصحيح.
وقال الحنفية(1) : للمرأة الحرة البالغة العاقلة أن تلي عقد النكاح لنفسها، ولغيرها، ولها أن تأذن لغير وليها في تزويجها، فليس الولي شرطا لصحة نكاح المرأة، ولا يجوز للولي إجبار البكر البالغة على النكاح.
والجمهور على قول المالكية : أنه لا يجوز للمرأة أن تلي عقد النكاح لنفسها ولا لغيرها بحال.
قال ابن المندر :ثبت أن رسول الله قال : >لا نكاح إلا بولي<.
أدلة المالكية والجمهور
استدل المالكية والجمهور لمذهبهم بأدلة كثيرة، منها :
1) قوله تعالى : {ولاَ تُنْكِحُوا المُشْرِكِين حتَّى يُومِنُوا}(البقرة : 221) وقوله : {وأنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ}(النور : 32).
قال ابن رشد : في الآيتين السابقتين : هذا الخطاب متوجه إلى الأولياء، فلما كان الخطاب متوجها في إنكاحهن إلى غيرهن، ولم يكن إليهن.. دَلَّ على أنه ليس لأحد من المخاطب فيهنّ أن يزوج نفسه.
وقال القرطبي : ومما يدل على هذا أيضا من الكتاب الكريم قوله تعالى : {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أهْلِهِنَّ}(النساء : 25)، وقوله تعالى : {وَأنكِحُوا الأيَامَى مِنْكُمْ} فلم يخاطب تعالى بالنكاح غير الرجال، ولو كان إلى النساء لذكرهن.
2) وقوله تعالى : {وإِذَا طَلَّقْتُم النِّسَاءَ فَبَلَغنَ أجَلَهُنّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنّ أنْ يَنْكِحْنَ أزْوَاجَهُنّ}(البقرة : 232)، والعضل : المنع من الزوج، وهذه الآية نزلت في معقل بن يسار إذ عضَل أختَه عن مراجعة زوجها(4)، ولولا أن له حقّا في الإنكاح ما نُهي عن العضل، لأن العَضْلَ إنما يصح ممن إليه عقد النكاح.
3) وقوله تعالى : {قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أنْ أنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَتَيْن}(القصص : 27).
قال القرطبي(5) : في هذه الآية دليل على أن النكاح إلى الولي لاحظ للمرأة فيه، لأن صالح مدين تولاه، وبه قال فقهاء الأمصار.
4) وما رواه أبو داود والترمذي عن أبي موسى الأشعري ] قال : قال رسول الله : >لا نكاح إلا بولي<(6).
5) وما روياه أيضا عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله قال : >أيُّما امرأةٍ نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فإن دخل بها، فلها المهر بما استحل من فرجها، فإن اشْتَجروا فالسلطانُ ولِيُّ من لا وَلِيّ له<(7).
6) وما رواه ابن ماجة والدارقطني عن أبي هريرة ] قال : قال رسول الله : >لا تُزَوجُ المرأةُ المرأةَ، ولا تُزَوِّجُ المرأة نفسها فإن الزانية هي التي تزَوِّج نفسها<(8).
—-
1) اللباب في شرح الكتاب، للميداني 2 : 144، والهداية، للمرغيناني، انظر شرح فتح القدير 3 : 246.
2) الافصاح، لابن هبيرة 111/2.
3) انظر تفسي القرطبي 72/3، ونيل الأوطار للشوكاني 136/6، والمغني لابن قدامة 449/6.
4) رواه البخاري وأبو داود والترمذي والنساءي وابن ماجة وغيرهم.
5) تفسير القرطبي 271/13.
6) سنن أبي داود وسنن الترمذي وفي مسالك الدلالة ورواه أحمد.
7) سنن أبي داود وسنن الترمذي.
8) سنن ابن ماجة، وقال القرطبي في تفسيره رواه الدارقطني ثم قال حديث صحيح. وقال الشوكاني حديث أبي هريرة أخرجه البيهقي أيضا، قال ابن كثير : الصحيح وقفه على أبي هريرة، وقال الحافظ رجاله ثقات. كما في نيل الأوطار.