الحجاب رمز ديني محظور
والقلنسوة اليهودية والصليب المسيحي رمز ثقافي مبرور
دخلت المفوضية الأوروبية -خلال الصيف الماضي- طرفا في النزاع القانوني الدائر في ألمانيا حول حجاب المعلمات المسلمات، وعبرت عن قلقها من تشريع حكومات بعض الولايات الألمانية مؤخرا قوانين تمنع ارتداء الحجاب أثناء العمل أو في المدارس الرسمية، واحتمال تعارض هذه القوانين مع القوانين الأوروبية لمكافحة التمييز.
واعتبرت المفوضية في رسالة وجهتها إلى وزارات التربية المحلية في عدد من الولايات الألمانية أن قوانين الحظر لا تتفق بصورة خاصة مع ثلاث قواعد قانونية رئيسية تتعلق بالمساواة وردت في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان التي وقعت عليها دول الاتحاد الأوروبي ومنها ألمانيا.
وأكدت متحدثة باسم وزارة التربية في ولاية بادن فورتمبرغ تَلَقِّي وزارتها رسالة بهذا المعنى بعد تشريع برلمان الولاية قانونا يمنع المعلمات المسلمات من ارتداء الحجاب في المدارس الرسمية ويجيز ارتداء الرموز المسيحية واليهودية.
وجاء توجيه المفوضية الأوروبية للرسالة عقب رفض المحكمة الإدارية الألمانية العليا في لا يبزيغ استئناف المعلمة الألمانية المسلمة ذات الأصل الأفغاني فريشتا لودين ضد قرار وزارة التربية في ولاية بادن فورتمبرغ بفصلها من عملها بإحدى المدارس الرسمية قبل ثماني سنوات بسبب ارتدائها الحجاب.
واعتبرت المحكمة أن قانون حظر العمل بالحجاب الذي شرعته الوزارة صحيح من الناحية الدستورية لاتفاقه مع حكم المحكمة الدستورية العليا في سبتمبر الماضي (2003) الداعي لتخويل السلطات المحلية في الولايات الألمانية الست عشرة إصدار ما يناسبها من قوانين للتعامل مع قضية المعلمات المحجبات، لإن ارتداء الحجاب في الفصول الدراسية يعبر عن موقف شخصي يستوجب المنع، في حين يمكن التجاوز عن ارتداء الرموز المسيحية واليهودية لأنها تظهر إرثا ثقافيا موجودا في المجتمع الألماني.
وأثار حكم المحكمة الإدارية العليا فور صدوره موجة جديدة من الجدل الحاد داخل المجتمع الألماني بين المؤيدين والمعارضين لعمل المعلمات المسلمات بالحجاب في المدارس الرسمية.
وفي حين لم تعلق الكنيسة الكاثوليكية الألمانية على قرار المحكمة، رحبت مارغوت كيسمان رئيسة أساقفة الكنيسة البروتستانتية في هانوفر بالحكم.
وانتقد الدكتور نديم إلياس رئيس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا قرار المحكمة ووصفه بأنه تمييز واضح ضد الممارسات الدينية لمسلمي البلاد وفرض للعزلة الاجتماعية على الشريحة النسائية المتعلمة والمنفتحة منهم.
وقدر إلياس في تصريح للجزيرة نت وجود 60 معلمة مسلمة في ولاية شمال الراين وحدها يعانين من مشكلة حظر العمل بالحجاب في المدارس الرسمية.
ومن جانبها عبرت المعلمة صاحبة الدعوى فريشتا لودين عن إحساسها بأن تمييزا دينيا هائلا مورس ضدها، وأن الحملة الإعلامية المثارة ضدها اقتصرت فقط على التخويف من الحجاب ولم تلتفت إلى تقييد حريتها الشخصية أو كفاءتها المهنية في أداء عملها.
ومن جانب آخر هاجمت مفوضة الأجانب والاندماج في الحكومة الألمانية ماري لويز بيك والهيئة البرلمانية لحزب الخضر ونقابة المعلمين الألمانية حكم المحكمة الإدارية العليا، وحذروا من آثاره الجانبية على حياة المسلمين في ألمانيا.
وجاء أقوى انتقاد للحكم من الدكتور ارنست مارينهولتس النائب السابق لرئيس المحكمة الدستورية العليا الذي اعتبر أن قرار المحكمة يجسد أوضح صورة من صور التمييز الديني ضد الإسلام وحده، وتوقع في تصريحات للإذاعة الألمانية أن يؤدي الحكم إلى ازدياد تقوقع أكثر من 3.5 ملايين مسلم يعيشون في ألمانيا وانعزالهم عن المجتمع الألماني.
وأبدى مارينهولتس استعداده للتطوع لرفع دعوى للمعلمة لودين أمام المحكمة الدستورية العليا في حالة رغبتها في مواصلة اجراءات التقاضي ضد قرار فصلها من عملها.
عن العالم الإسلامي، العدد 1848
-بتصرف-