لا يخفى على أحد أهمية القيم في صوغ شخصية مواطن المستقبل في كل بلد وقطر، فالقيم هي الكفيلة بغرس الهُوية الحضارية في نفوس المواطنين وتنشئتهم تنشئة سليمة صحيحة، بعيدا عن كل أشكال الاستلاب الحضاري والتبعية للآخر، كما تَنْأى بهم عن الانزواء والانطواء على الذات بالتربية على قيم الانفتاح والتعايش مع الآخر.
هذا الأمر يتطلب توفر رؤية شاملة واضحة المعالم، ومشروع تربوي متكامل في التخطيط والبرمجة والإنجاز والتقويم والتقييم، مع طول النفس والأناة في التطبيق والتنزيل.
والمنهاج الجديد لمادة التربية الإسلامية الذي أصدرته وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني في 30 يوليوز 2016م، قد حدد مجموعة من القيم التي يجب أن تُسْتصحب أثناء وضع منهاج التربية الإسلامية الجديد، مستوحاة من التوجيهات الملكية الصادرة بالمجلس الوزاري المنعقد بالعيون في 6 فبراير 2016، والميثاق الوطني للتربية والتكوين.
- أما التوجيهات الملكية فقد نصت على: “ضرورة مراجعة مناهج وبرامج ومقررات تدريس التربية الدينية، سواء في المدرسة العمومية أو التعليم الخصوصي أو مؤسسات التعليم العتيق، وذلك بهدف إعطاء أهمية أكبر للتربية على القيم الإسلامية السمحة وفي صلبها المذهب المالكي السني، الداعية إلى الوسطية والاعتدال وإلى التسامح والتعايش مع مختلف الثقافات والحضارات الإنسانية”.
- وأما الميثاق الوطني للتربية والتكوين فقد حدد القيم التي يجب أن تتضمنها المناهج الدراسية، والتي تَتَدخل في صِياغة شخصية التلميذ المغربي فيما يلي:
• قيم العقيدة الإسلامية؛
• قيم الهوية الحضارية ومبادئها الأخلاقية والثقافية؛
• قيم المواطنة؛
• قيم حقوق الإنسان.
- هذه التوجيهات الملكية وما تضمنه الميثاق؛ ركزت على قيم العقيدة الإسلامية السنية، والمذهب المالكي، وقيم الهوية الحضارية للمغاربة ومبادئها الأخلاقية والثقافية، وقيم الانفتاح والوسطية والاعتدال في إطار الاعتزاز بالهوية الحضارية، وقيم المواطنة وحقوق الإنسان، وهي قيم كفيلة ببناء شخصية التلميذ المسلم السوي، صاحب التصور السليم والصحيح عن الوجود والمصير، وعن الوظيفة التي خلقه الله من أجلها، القادر على التعايش الإيجابي، والتعارف والتعاون مع الناس في إطار تعاليم الشريعة الإسلامية، وذلك إن صَدُقت النيات، وحَسُنت البرامج والمناهج، ووُجِدَ المربون الصادقون الغيورون على دينهم ووطنهم.
وقد حاول هذا المنهاج تحقيق هذه القيم من خلال خمسة مداخل وهي: التزكية، والاقتداء، والاستجابة، والقسط، والحكمة.
- أما مدخلا التزكية والاتباع:فيعتبران من حسنات هذا المنهاج الكبرى؛ وقد اعْتُمِد القرآن الكريم والعقيدة السنية المادة الأساس في مدخل التزكية، ووُسِع من الوعاء الزماني للقرآن الكريم، فشمل الثانوي التأهيلي عكس المنهاج السابق الذي كان محصورا في الثانوي الإعدادي، كما زيد في عدد السور القرآنية المعتمد في كل سنة دراسية في الإعدادي، ولا يخفى على أحد أهمية القرآن الكريم في بناء شخصية التلميذ العقدية والسلوكية والوجدانية…
- أما دروس العقيدة:
فهي وإن كانت متسلسلة ومتكاملة إلا أنه طغى عليها البعد القيمي، وضَعُف فيها الأثر المطلوب في التفاعل مع الواقع، باستثناء درس “الإيمان والإلحاد” ودرس “الإيمان وعمارة الأرض”، كما أنه كان من المناسب إدراج دروس متعلقة بفضل الصحابة ومحبتهم، والإمامة العظمى، وذلك لتعميق العقيدة السنية عند التلاميذ في مواجهة المخاطر المحدقة بفلذات أكبادنا، وإن حاول المنهاج تدارك ذلك في مدخل الاقتداء حيث اخْتِيرَ بعناية محطات تربوية بارزة من سيرة رسول الله ، وسيرة الخلفاء الراشدين الأربعة للتأسي والإقتداء، ولكن ذلك لا يغني من تخصيص درس مستقل للتعريف بفضل الصحابة وعدالتهم وجهودهم في حفظ القرآن الكريم والسنة المطهرة.
- أما مدخل الاستجابة:
فقد تم الاقتصار فيه على دروس فقه العبادات والأحوال الشخصية، وحذفت مادة الإرث على أهميتها وقيمتها، كما تم تناول فقه المعاملات في درسين يتيمين، ركز فيهما على المقاصد والضوابط وغابت فيهما الأحكام والشروط والضوابط، كأن التلميذ غير معني بأحكام الحلال والحرام في المعاملات المالية، أو أنه سينعزل عن المجتمع ولن يجري معاملات مالية، ولن يساهم في التنمية الاقتصادية والمالية لمجتمعه وأمته‼ فكيف سيعرف الحلال والحرام في غياب فقه المعاملات المالية؟ وكيف سيعرف ما وضعه الشرع الحنيف من أحكام وقوانين تصون الحقوق العامة والخاصة، وتقي المجتمع من الجرائم والموبقات في غياب تدريس الفقه الجنائي ومقاصده وغاياته في الإسلامي؟
- أما مدخل القسط:
فقد تم التركيز فيه على تربية الناشئة على استشعار أهمية حق الله والنفس والناس والبيئة من حولنا، وهي دروس بلا شك تربي التلاميذ على مبدأ أداء الحقوق ومراعاة الواجبات، وتغرس فيهم حب الله والناس والبيئة، غير أن ما يلاحظ في هذه الدروس غياب دروس تعتبر دعامة لأداء حقوق الغير والتعايش معهم وهي دروس التواصل والحوار وضوابط الاختلاف التي غيبت بشكل كلي، والتي تؤهل التلميذ للتواصل مع الآخرين ومراعاة الفروقات الفردية بين الناس في التفكير والإبداع والاختيار في الحياة. كما غابت الدروس المتعلقة بالمقارنة بين حقوق الإنسان في الإسلام وحقوق الإنسان كما هو متعارف عليها دوليا، الشيء الذي يمكن التلميذ من تبني منظومة حقوق الإنسان في الإسلام عن قناعة وبصيرة.
- أما مدخل الحكمة:
فقد اتخذ بعدا تربويا صوفيا منسجما مع تربية أهل السنة، منطلقا من نصوص القرآن والسنة، بعيد عن المغالاة والخرافة التي طبعت عصور التقليد والجمود، وتهدف إلى ربط المسلم بالقيم الأخلاقية الإسلامية السمحة.
هذه بعجالة مقارنة في مجال القيم؛ بين المنطلقات والتوجهات، والتنزيل العملي لها في برنامج دراسي موزع على شكل دروس ومواد، وما من عمل وإن تحرى أصحابه الدقة وتحري الصواب إلا ويعتريه النقص والتقصير، وقد أبى الله عز وجل أن لا يكون الكمال إلا له ولكتابه، وفي هذه المقالة جملة ملاحظات عن المنهاج الجديد للتربية الإسلامية يمكن تداركها وتصويبها مستقبلا، أسأل الله عز وجل أن يلهمنا رشدنا ويهيأ لهذه المادة المباركة أساتذة أكفاء يقومون بحمل رسالتها بحق، وغرس قيمها في نفوس فلذات أكباد المسلمين.
الإعدادي، ولا يخفى على أحد أهمية القرآن الكريم في بناء شخصية التلميذ العقدية والسلوكية والوجدانية…
- أما دروس العقيدة:
فهي وإن كانت متسلسلة ومتكاملة إلا أنه طغى عليها البعد القيمي، وضَعُف فيها الأثر المطلوب في التفاعل مع الواقع، باستثناء درس “الإيمان والإلحاد” ودرس “الإيمان وعمارة الأرض”، كما أنه كان من المناسب إدراج دروس متعلقة بفضل الصحابة ومحبتهم، والإمامة العظمى، وذلك لتعميق العقيدة السنية عند التلاميذ في مواجهة المخاطر المحدقة بفلذات أكبادنا، وإن حاول المنهاج تدارك ذلك في مدخل الاقتداء حيث اخْتِيرَ بعناية محطات تربوية بارزة من سيرة رسول الله ، وسيرة الخلفاء الراشدين الأربعة للتأسي والاقتداء، ولكن ذلك لا يغني من تخصيص درس مستقل للتعريف بفضل الصحابة وعدالتهم وجهودهم في حفظ القرآن الكريم والسنة المطهرة.
- أما مدخل الاستجابة:
فقد تم الاقتصار فيه على دروس فقه العبادات والأحوال الشخصية، وحذفت مادة الإرث على أهميتها وقيمتها، كما تم تناول فقه المعاملات في درسين يتيمين، ركز فيهما على المقاصد والضوابط وغابت فيهما الأحكام والشروط والضوابط، كأن التلميذ غير معني بأحكام الحلال والحرام في المعاملات المالية، أو أنه سينعزل عن المجتمع ولن يجري معاملات مالية، ولن يساهم في التنمية الاقتصادية والمالية لمجتمعه وأمته‼ فكيف سيعرف الحلال والحرام في غياب فقه المعاملات المالية؟ وكيف سيعرف ما وضعه الشرع الحنيف من أحكام وقوانين تصون الحقوق العامة والخاصة، وتقي المجتمع من الجرائم والموبقات في غياب تدريس الفقه الجنائي ومقاصده وغاياته في الإسلامي؟
- أما مدخل القسط:
فقد تم التركيز فيه على تربية الناشئة على استشعار أهمية حق الله والنفس والناس والبيئة من حولنا، وهي دروس بلا شك تربي التلاميذ على مبدأ أداء الحقوق ومراعاة الواجبات، وتغرس فيهم حب الله والناس والبيئة، غير أن ما يلاحظ في هذه الدروس هو غياب دروس تعتبر دعامة لأداء حقوق الغير والتعايش معهم وهي دروس التواصل والحوار وضوابط الاختلاف التي غيبت بشكل كلي، والتي تؤهل التلميذ للتواصل مع الآخرين ومراعاة الفروقات الفردية بين الناس في التفكير والإبداع والاختيار في الحياة. كما غابت الدروس المتعلقة بالمقارنة بين حقوق الإنسان في الإسلام وحقوق الإنسان كما هو متعارف عليها دوليا، الشيء الذي يمكن التلميذ من تبني منظومة حقوق الإنسان في الإسلام عن قناعة وبصيرة.
- أما مدخل الحكمة:
فقد اتخذ بعدا تربويا صوفيا منسجما مع تربية أهل السنة، منطلقا من نصوص القرآن والسنة، بعيدا عن المغالاة والخرافة التي طبعت عصور التقليد والجمود، وتهدف إلى ربط المسلم بالقيم الأخلاقية الإسلامية السمحة.
هذه بعجالة مقارنة في مجال القيم؛ بين المنطلقات والتوجهات، والتنزيل العملي لها في برنامج دراسي موزع على شكل دروس ومواد، وما من عمل وإن تحرى أصحابه الدقة وتحروا الصواب إلا ويعتريه النقص والتقصير، وقد أبى الله عز وجل أن لا يكون الكمال إلا له ولكتابه، وفي هذه المقالة جملة ملاحظات عن المنهاج الجديد للتربية الإسلامية يمكن تداركها وتصويبها مستقبلا، أسأل الله أن يلهمنا رشدنا ويهيأ لهذه المادة المباركة أساتذة أكفاء يقومون بحمل رسالتها بحق، وغرس قيمها في نفوس فلذات أكباد المسلمين.
د. عبد الواحد الوزاني