شكل طلب المغرب العودة إلى الاتحاد الأفريقي ـ المتمثل في الرسالة الملكية الموجهة للقمة الإفريقية المنعقدة بالعصمة الأوغنديةـ منعطفا جديدا في الدبلوماسية المغربية، وقرار مفاجئا، جاء نتيجة تغير أوضاع إقليمية ودولية ونتيجة جهود المغرب إفريقيا، وبفعل قناعة جديدة بأن سياسة المقعد الفارغ لم تعد تصبّ في صالح دفاعه عن وحدته الترابية وفق محللين، في وقت يرى البعض أن جدية مشروع الحكم الذاتي وسحب دول أعضاء في الاتحاد اعترافها بالبوليساريو وراء هذا القرار..
وكان المغرب قد قرر الانسحاب من منظمة الوحدة الأفريقية (التي تغيّر اسمها لاحقا إلى الاتحاد الأفريقي) في القمة الأفريقية المنعقدة في نوفمبر1984 احتجاجا على قبوله انضمام جبهة البوليساريو في المنظمة.
وقال «إن الوقت قد حان ليسترجع المغرب مكانته الطبيعية ضمن أسرته المؤسسية بحيث يمكنه أن يساهم في جعل هذه المنظمة أكثر قوة بعد تخلصها من مخلفات الزمن البائد».
وأرجعت ممثلة المغرب في الاتحاد البرلماني الأفريقي آمنة ماء العينين السبب إلى اقتناعه بأن سياسة المقعد الفارغ لا يمكنها أن تكون ناجعة في خدمة قضيته «وقد أخذ الوقت اللازم للتفكير استحضارا لمجموع التحولات والمستجدات الطارئة على مستوى إشراف الأمم المتحدة على النزاع بين المغرب والبوليساريو».
ويبدوأن الظرفية الدولية والإقليمية الراهنة تقدم فرصة مفتوحة تفسر قرار العودة للاتحاد، كما أن ميزان القوى الإقليمية بات يميل لفائدة المغرب بعد النجاحات التي حققتها الدبلوماسية المغربية خلال السنوات الماضية في غرب أفريقيا وصولا إلى الدول الأفريقية الناطقة بالإنجليزية، وشروعه في مفاوضات مع قوى كبرى مؤثرة مثل نيجيريا.
وبالإضافة إلى هذه الأسباب، يرى البعض أن وجود البوليساريو ولّد شعورا لدى عدة دول إفريقية بأنه أحدث شرخا في أفريقيا « ومن شأن استمراره أن يشجع حركات انفصالية أخرى تشكل خطرا على وحدة الدول الأفريقية وسط متغيرات عدم الاستقرار التي يعرفها النظام الدولي برمته».
كما أن علاقات المغرب بالدول الأفريقية توطدت في السنوات الأخيرة، وأصبح شريكا متميزا لها على المستوى الاقتصادي إلى جانب حضوره القوي في تدبير بعض الأزمات بالبلدان الأفريقية في إطار الأمم المتحدة، أو في سياق جهود تقودها الرباط كما أن إفريقيا ظلت تشكل للمغرب امتدادا ثقافيا ودينيا، وتزداد الحاجة إلى مد أشكال التعاون بين المغرب وإفريقيا في الحاضر والمستقبل.
وقد أعطى كثير من الخبراء قيمة للملتمس المغربي ولجهوده الواسعة والكبيرة في إفريقيا إذ يتوقّع أن يتم عزل البوليساريو ولفظها من طرف الاتحاد الأفريقي لأنها غير قادرة على الإقناع بوجودها؛ لأن المغرب يخوض معركة دبلوماسية جديدة لإنهاء عضوية البوليساريو، مما سيُدخل ملف الصحراء مرحلة قد تكون الأخيرة في مسار هذا النزاع.إذ أن مستقبل النزاع سيكون إيجابيا تجاه مطالب المغرب بالنظر إلى الدعم الذي استطاع حشده دوليا مستثمرا إشعاعه بوصفه بلدا مستقرا يقود مسارا ديمقراطيا وتنمويا ملهما.
وعلى إثر الرسالة التاريخية التي وجهها الملك محمد السادس، قدمت 28 دولة عضوا في هذه الاتحاد ـ الاثنين 18 يونيو الجاري ـ ملتمسا لادريس ديبي اتنو رئيس جمهوية تشاد، الرئيس الحالي للاتحاد الافريقي، من أجل تعليق مشاركة «الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية» الوهمية مستقبلا في أنشطة الاتحاد وجميع أجهزته بهدف تمكين المنظمة الافريقية من الاضطلاع بدور بناء والإسهام إيجابا في جهود الأمم المتحدة من أجل حل نهائي للنزاع الإقليمي حول الصحراء.
وقال الرئيس التشادي إدريس ديبي، الذي ترأس بلاده الدورة الحالية للاتحاد الإفريقي، إنه لا أحد يستطيع منع المغرب من العودة إلى العائلة الإفريقية، وإن المملكة لها الحق في العودة متى وكيف شاءت.
في المقابل صوتت 8 دول ضد المغرب، لكن المفاجأة كانت قوية إذ صوت العرب الأشقاء ضد عودة المغرب إلى الاتحاد كمصر وتونس وموريتانيا.