هل نحن على مشارف موجة جديدة من موجات تسونامي الموجهة بالأساس إلى البناء الإسلامي لتسديد ضربة قاضية أخرى لهيكله، في أفق إعادة لي ذراع الحركة الإسلامية بكل أطيافها، وقلب وجهها إلى الحائط لممارسة طقوس الاستقواء السادية عليها خدمة للتخطيط الأكبر: القضاء على المشروع الإسلامي الكفيل بإيقاف هذا الزحف الهمجي للمظالم والمفاسد بكل أنواعها؟ (ألم تروا أحبتي القراء كيف أمضينا بحق صيفا ساخنا لا بالمقياس الحراري بل بالمقياس الحضاري الغربي الذي تسرب إلى بيوتنا مع إطلالة شهر رمضان)؟ وبصيغة أخرى ألسنا أمام سيناريو آخر بالأيادي الخفية لإيقاف زحف ربيع عربي تمخض بكل معاناته ومخاضاته الصحيحة والعليلة ليلد ربيعا إسلاميا قلب السحر على الساحر؟؟ وعشنا قارئي وشفنا كما يقول إخواننا المصريون وعلى سبيل الذكر الرئيس المصري الدكتور مرسي يضمن خطابه السياسي عبارات إيمانية وتوجهات إسلامية صريحة، افتقدها المواطن المصري لقرون لا سنوات في الخطابات الرسمية.. وإنما أمره سبحانه إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون. ويطرح مرة أخرى السؤال الملح : كيف يأتي مقتل السفير الأمريكي بليبيا وقبله الظهور المريب على صفحات النت لمقطع مترجم من الإنجليزية إلى العربية لفيلم “براءة المسلمين” المسيء للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم متزامنا مع اعتداءات 11 شتنبر؟؟.
ومرة أخرى نجد أنفسنا أمام سيناريو آخر يقضي على السفير الأمريكي بليبيا وهو الشخص العمومي المفترض أن يكون محميا من أضخم جهاز استخباراتي في العالم. ولئن كان هذا الاعتداء يحمل افتراضاً بصمة جماعة تنتمي إلى البيئة العربية الاسلامية، وتتبنى هويتها، ومن ثم يسهل إلصاق التهمة بالإسلام جملة وتفصيلا، فإن السؤال المطروح هو كيف لا يظهر هذا الاعتداء إلا في هذا الوقت الحساس الذي يستعيد فيه العالم بكل ضمائره الحية تفاصيل حادث البرجين المأساوي، ويستشعر الحزن العميق لموت العديد من الضحايا الأبرياء، ويرفض جملة وتفصيلا جهالة القتل بالجملة للعزل المحايدين غير المحاربين؟؟ ألسنا أمام جهات معلومة مجهولة تريد أن يظل الجرح بلا ضماد، فاغرا فاه لتحريك الأحقاد الكامنة ضد إسلام يلحون على جعله رغم أنفه عنيفا ومتطرفا، يخلط الأبرياء في طاحونته ثأرا من أمريكا وحليفتها إسرائيل ضد سياساتهما تحديدا؟؟ ترى هل يراد إحياء مقاطع أسطوانة الإرهاب الإسلامي لفتح السجون للمزيد من المعتقلين المسلمين الأبرياء؟؟ هي أسئلة بلا حصر، يكاد جل المسلمين في بلاد العالم يطرحونها عبر صفحات الأنترنيت والفايس بوك وما جاورهما، بعد أن ساعدت موجة التواصل الإلكتروني الهائلة على فضح كل التحركات الملغومة لقوى الشر المكشوفة للعالمين.. ولا يمر يوم بل ساعات إن لم تكن دقائق معدودات حتى تستضيف صفحات الأنترنيت أشرطة لوقائع وأحداث سرية مكتومة تظهر حجم الدسائس التي تنسج خيوطها دون كلل للإيقاع بين المسلمين أنفسهم بكل طوائفهم وبين المسلمين والمسيحيين، بل وسائر الأجناس الأخرى، الشيء الذي يدفع الملاحظ لما يجري على الساحة الدولية إلى اعتناق الفكر المؤامراتي والجنوح نحو اعتبار حادث مقتل السفير الأمريكي كما أشرنا في مقدمة المقال بتراب ليبيا عملا دخيلا وموجها عن بعد لقضاء كل المآرب التي ذكرنا من قبل، بعد الرمي بورقة الفيلم المسيء لنبينا صلى الله عليه وسلم عند افتتاح مراسيم هذه اللعبة القذرة. إن هذا الحدث وما شابهه غريب عن البيئة الاسلامية السليمة لأن الشريعة الإسلامية تحمل في جيناتها لب مفاهيم الحكمة والمصابرة والدفع بالتي هي أحسن لاستقطاب الناس وكسر الأصنام التي يحتفظون بها داخلهم وباسمها يخوضون حروبا جائرة يسمونها بالمقدسة. وعلى سبيل العبرة وأخذ الدروس المفيدة من سيرة إمام الأنبياء والمرسلين المصطفى عليه الصلاة والسلام، فلو كان حقودا متحفزا للأخذ بالثأر وحصد المكاسب المحدودة لما وصلت دعوته إلى مجاهيل إفريقيا ونائي عواصم الصقيع بأوروبا، ولو استجاب لغضبات الكرامة وهو الشريف العزيز لما انتشر الإسلام بهذا الشكل الذي جعل قوى الشر تحت تأثير الهلع من هذا الانتشار للإسلام، تقذفنا براجمات العدوان على ديننا. وبصيغة أكثر ملامسة للواقع دعونا نتساءل عن السفير الألماني السابق في المغرب الدكتور والكاتب الممتاز مراد هوفمان، ترى لو كنا نحن هنا في المغرب، عند أول عمل استفزازي للمسلمين انتقم متهورون من د. مراد هوفمان، هل كنا سنشهد إعلانه لإسلامه وإمتاعنا فيما بعد بسلسلة من الكتب الإسلامية ذات القيمة الفكرية والوجدانية العالية؟؟.. من أعطى الذين قاموا بعملية القتل الضوء الأخضر لتنفيذ حكم الإعدام في رجل أي نعم يمثل سياسة بلاده بما لها وما عليها لكنه في المقابل قد يوفقه الله عز وجل إلى الارتداد على سياسة بلاده واعتناق دين الإسلام وخدمته خدمات جليلة؟؟ لقد أدّى السفير الأمريكي بليبيا فاتورة عمل إجرامي قام به مخرج يهودي أمريكي اتفق أهل الصناعة السينمائية على أنه متطفل بامتياز على العمل السينمائي وأن إنتاجه الذي حاول فيه الإساءة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ركيك وضعيف، وخال من لمسة الإبداع في أدنى حدودها، وساعده تسرع هواة نصرة الشريعة على تلميع فيلمه ودفع الناس في مختلف بلاد العالم إلى الرغبة الجارفة في رؤيته وهو مايترجمه المثل المغربي بذكاء (فيق العور لضريب الحجر) الرجل ضرب عصافير بيد واحدة، وهو المخرج المغمور أصبح نجما عالميا وأصبح فيلمه النكرة حديث وسائل الإعلام والناس أجمعين….
ولعل الملاحظ أن رؤوس الغضب العربي الإسلامي للإهانة التي لحقت رسول الله صلى الله عليه وسلم هم مجرد مبحرين في الأنترنيت جلهم صغار في سنهم وفي تجاربهم، يتقمصون روح التغيير المنسجمة بشكل غريب مع روح التغيير الذي سمته كوندوليزا رايس بالفوضى الخلاقة وبالتالي فإن ردود أفعال الكثيرين منهم تنساق وراء دعوات التهييج المنفلت والمخالفة جملة وتفصيلا لمفهوم التغيير والإصلاح على منهاج رسول الله صلى الله عليه وسلم، تلك الطريق التي تستوعب بكل الصبر دعوات التغيير وتخضعها لميزان الصدق والإخلاص وسلامة المقصد مقصد تعبيد العباد لرب العباد وإعلاء كلمة لا إله إلا الله.. ولذلك فإن هذه الشحنات من الطاقة التي تبدد في الصراخ وقطع خرق أعلام المستكبرين يجب صيانتها وتصريفها في اتجاه صقل المهارات والكفاءات في كل المجالات بما فيها المجال السينمائي لاستنقاذ الغربيين أنفسهم من كهنة الهلاك الذين يسرعون وتيرة سقوط الإنسان الغربي. والأهم من ذلك أن ينصر المسلمون رسولهم في سائر أعمالهم داخل بيوتهم وفي مجتمعاتهم، لأن اللصوص لا يسرقون إلا المال السائب ولا يدخلون إلا البيوت المشرعة للريح العقيم ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم. وخلاصة القول في كل هذا الضجيج المستهدف لدين الإسلام العظيم عبثا، ما قاله الإمام الشافعي رحمه الله : أما ترى البحر تعلو فوقه الجيف وتستقر بأقصى قاعه الدرر
ذة. فوزية حجبي