تتوالى الطرقات .. يفتح الباب بعد منتصف الليل.. يتراءى له وجه شاحب.. يستبد به الذهول.. يحضنه الضيف باكيا ويعاتبه:
- أهانت عليك عشرة العمر؟! أتقاطعني منذ سنوات..؟!
ظل صامتا يبحث عن رد.. يتساءل بداخله: ” ألم يمنعني حرسه الخاص من زيارته في بيته وفي شركته؟ ! ألم يتنكر لي حين هاتفته؟ ! ألم يهددني بالسجن إن أزعجته مرة أخرى؟ ! ألم تجبني مديرة أعماله ـ حين تسللت يوما إلى شركته ـ بقولها: ” قال إنه لا يعرفك.. ” سرْ آسيدي الله يسهل ” هذا مكان عمل وليس للتسول ..!” ..
مكث ضيفه عنده مدة طويلة.. يبدو له عاديا كما كان أيام الفقر.. لكنه استغرب حين طلب منه أن يبحث له عن أي عمل.. وعن غرفة لاستئجارها.. وكلما حاول التحدث معه عن شركاته وأسرته قاطعه غاضبا…
أقسم عليه أن يظل معه في بيته.. أخذ يلاحظ تصرفات غريبة تصدر عن صديقه أحيانا..
سافر خفية عن صديقه الضيف.. أخبر أبناءه وزوجه بالأمر.. لكن ردهم كان باردا:
” لا شأن لنا به.. أرهقنا بمرضه بالزهايمر… !”
مات الرجل.. اتصل بأبنائه يخبرهم.. بعثوا إليه سائقهم الخاص ليأخذ بطاقة الفقيد وشهادة وفاته…!
ذة. نبيلة عزوزي