عن عمر بن الخطاب ، عن النبي قال: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل إمريء ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه» (رواه البخاري ومسلم).
من شروط قبول العمل من الله ، أن يكون خالصا لوجهه الكريم وصوابا موافقا للشرع، ومن ثم فإن الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، والتي هي وظيفة الأنبياء، تبقى من أشرف المهن التي تجعل من الدعاة ورثة للأنبياء، ومنارة يسير عليها الأتقياء ويهتدي بها الناس في دلجة هذه الحياة… غير أن النفس البشرية بما جبلت عليه من حب الدنيا قد تغير من وجهة سفينة الدعوة لتبحر في اتجاه رغبة النفس والمصلحة الخاصة، ففي ظل الثورة الإعلامية والتواصلية وتعدد الوسائط، انتقلت الدعوة من المساجد ودور العلم إلى الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي، وأصبح هدف الكثير من الدعاة هو تحقيق ما يسمى بلغة الأنترنيت (lebuz) أي جذب عدد من الزائرين للموقع، وهو ما يدر على أصحابه أرباحا مادية كبيرة… وأمام هذا الإغراء المادي، انبرى كثير من الشيوخ والدعاة عبر هذه الفضائيات والمواقع لجذب الزوار، وبيع الأدعية والابتهالات عبر هذه الدكاكين الدعوية، وأصبحوا يزاحمون المغنين والمطربين في تأثيث رنات الهواتف المحمولة… كما أصبحت الكثير من القنوات مجالا لنشر الدجل والخرافة، وأصبح كل من لا مهنة له يملك قناة للرقية وفك السحر ونشر الأكاذيب والأضاليل التي ما أنزل الله بها من سلطان… إن استعمال وسائل الاتصال الحديثة من أجل فتح مجال أوسع، وسبل شتى للدعوة إلى الله أمر محمود لا جدال فيه، إذا ما صلحت النية وسلم القصد وهو ما يشير إليه الحديث الشريف الذي بين أيدينا، وتشير إليه الكثير من الآيات والأحاديث النبوية، وأجمع عليه علماء الأمة من الصحابة والسلف الصالح، أما وأن تصبح الدعوة مجالا للارتزاق والارتقاء في سلم الثراء، وتلين جلود الدعاة والعلماء إلى الحد الذي يصبحون فيه أبواقا تمجد الأنظمة الفاسدة، وتلمع صورتهم، مما يعد انحرافا واضحا عن طريق الدعوة وانسياقا وراء الهوى ومغريات الحياة…
اللهم احفظ دعاتنا وعلماءنا وحكامنا ومحكومينا من كل زيغ وشطط، ووفقنا لما تحبه وترضاه… آمين
ذ . أحمد الأشهب
جزاكم الله خيرا ونفع بكم.