رئيس مركز دراسات المعرفة والحضارة – بني ملال: ثلاث قضايا أساسية نجد أنفسنا في وفاق تام وكامل بيننا وبين مؤسسة مبدع


 - ثلاث قضايا أساسية نجد أنفسنا في وفاق تام وكامل بيننا وبين مؤسسة مبدع؛ من حيث مرجعية الاشتغال، ومن حيث منهجية الاشتغال، ومن حيث سياقات الاشتغال كذلك.

- ضرورة نقض منطق الاستحالة الذي فرضه علينا النموذج الغربي من حيث عدم إمكان الجمع بين العلوم الدينية الشرعية أو الإنسانية الاجتماعية أو الطبيعية المادية.

 

 

مركز دراسات المعرفة والحضارة يشتغل على واجهات متعددة؛ على المعرفة وعلى الحضارة والأديان وعلى الثقافة وعلى غيرها من القطاعات بشكل تكاملي نسقي مندمج، بحيث يحاول استرجاع هذا البعد التكاملي بين العلوم أمام مظاهر التجزئة والتفرقة التي أصابت كيان الأمة في فكرها قبل أن تصيبها في واقعها.

فيما يتعلق بموضوع هذا الملتقى حول قضية المصطلحات والمفاهيم القرآنية تحديدا، سوف أعرض بشكل وجيز ومختصر ثلاث قضايا أساسية نجد أنفسنا في وفاق تام وكامل بيننا وبين مؤسسة مبدع؛ من حيث مرجعية الاشتغال، ومن حيث منهجية الاشتغال، ومن حيث سياقات الاشتغال كذلك.

على مستوى مرجعية الاشتغال: هناك قضيتان أساسيتان فيما يتعلق بالمصطلحات والمفاهيم والمفردات المتداولة في العلوم والمتداولة في الساحة الفكرية والثقافية، والأصل فيها الإرجاع إلى الله وإلى رسوله؛ أي إلى الكتاب وإلى السنة. ونحن حين نتساءل لم هذا الإرجاع؟ لم نحتاج إلى أن نرد ألفاظنا ومصطلحاتنا ومفرداتنا إلى الكتاب وإلى السنة؟

هذا الإرجاع طبعا هو من أجل استرجاع شيء نفتقده اليوم، وهو المعاني والدلالات الكلية المستوعِبة التي بها كانت هذه الأمة أمة، والتي من خلالها أخرجت هذه الأمة وأنجزت كيانها الحضاري والعلمي والمادي، ولكي نسترجع هذه المعاني داخل الأمة لا بد أن تسترجع هذه الأمة المفردات والمفاهيم المؤسسة لفكرها ووعيها في علاقتها بكتاب ربها وسنة نبيها .

المسألة الثانية داخل المرجعية وهي الفهم عن الله تعالى في كل آياته وليس في بعض آياته، واسترجاع المعنى الكلي للفهم بمعنى أنه الفقه الكلي عن الله تعالى في آيات النص كما في آيات الأنفس كما في آيات الآفاق، ونقض منطق الاستحالة الذي فرضه علينا النموذج الغربي من حيث عدم إمكان الجمع بين العلوم الدينية الشرعية أو الإنسانية الاجتماعية أو الطبيعية المادية، فإذا لم يمكن أن يُجمع بين هذه العلوم في النسق أو في النموذج الغربي لظروف نعرفها جميعا فبالإمكان أن نجمع بين هذه العلوم في نسقنا الذاتي ومن خلال مرجعيتنا، وأن نقدم من خلال ذلك نموذجا للبشرية في إمكان التآلف بين العلوم باعتبار أنها وحدة نسقية مندمجة. وطبعا في السياق المرجعي هذا الذي نجد مؤسسة مبدع، من خلال خطة أستاذنا فيها، تتحدث عنه بإقامة المصطلح الأصل الذي هو مصطلح الوحي المهيمن والمصدق على ما سواه.

على المستوى المنهجي نحن أمام إشكالين اثنين كبيرين: إشكال الاختلالات التي وقعت في تراث الأمة وفي ذات الأمة وفي مصطلح الأمة، وكيف ينبغي نقض ومراجعة هذه الاختلالات. والاختلالات التي وقعت بسبب المصطلح الوافد على الأمة والذي أثر فيها فكرا وسلوكا وثقافة بشكل سلبي، واكتسح تقريبا مساحة المصطلحات الأصل الموجودة فيها. وهذا النقد المزدوِج ضروري لإعادة استرجاع المصطلحات الأصل، وكما تقول خطة مبدع لتقويم المصطلح الفرعي واستقامة المصطلح الوافد؛ لكننا نضيف إلى هذا الجانب المنهجي في الاشتغال ضرورة تحريك المحددات المنهاجية الموجودة في القرآن الكريم، والتي لها دور وظيفي في تقويم الفكر واستقامة السلوك. ما معنى محدد الحفظ في هذا الكتاب؟ وما معنى محدد الختم في هذا الكتاب؟ والتصديق والهيمنة في هذا الكتاب وإكمال وإتمام الكلمات في هذا الكتاب والعالمية والإنسانية في هذا الكتاب إلخ. والمحددات ليست هي الخصائص العامة للإسلام هذه لها دور وظيفي بإمكانه أن يطرد الدخيل والمشوش وأن يعيد الأصل إلى حركيته وفاعليته التي وظف لها ابتداء.

المسألة الثالثة على مستوى سياقات الاشتغال: نراعي سياقات الاشتغال في مجالنا الخاص الذي هو العلوم الدينية والشرعية، ولكن في المجالات الأخرى كذلك التي هي العلوم الاجتماعية والإنسانية والعلوم الكونية والطبيعية. وأعتقد أنه لم يعد مسموحا لا للعلماء ولا للباحثين في هذا المحدد الذي هو سياقات الاشتغال أن يبقى أحد منهم شاردا عن السياق أو يشتغل لمفرده، فأمام الظروف الخطيرة التي تمر منها الأمة اليوم نحن بحاجة إلى الانتظام داخل خطط بحث بمنهجية محددة في المؤسسات المختلفة من أجل استرجاع ما افتقدته الأمة من وحدتها الفكرية ووحدتها السياسية والثقافية وحتى وحدتها العقدية للأسف من أجل أن تكون فعلا أمة كما قال الله تعالى عنها خير أمة أخرجت للناس ولكي تقوم بوظائفها ومسؤولياتها في الشهادة بالحق على الناس، ولا يمكنها أن تفعل ذلك ما لم تتمثل هي هذه الخيرية وقيم العدل والحق الذي ستشهد بهما على الناس. وهذه الفرصة التي تتحاح لنا هي من الإمكانات النادرة التي يجتمع فيها الباحثون والعلماء من مختلف أقطار الأمة لتدارس هذا الإمكان، وهو ممكن إن شاء الله تعالى إذا خلصت النيات وتوفرت الوسائل والإمكانات.

الدكتور سعيد شبار

رئيس مركز دراسات المعرفة والحضارة – بني ملال

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>