المدير التنفيذي لمؤسسة معجم الدوحة التاريخي للغة العربية: حضور المصطلح القرآني في المعجم التاريخي للغة العربية حضور لافت وبين..


- حضور المصطلح القرآني في المعجم التاريخي للغة العربية حضور لافت وبين، لا في بنيته ولكن أيضا في مفهومه وعلاقته بالمفاهيم المجاورة له

 

يطيب لي أن أستهل كلمتي هذه بالشكر والتقدير للسيد الأمين العام لمؤسسة مبدع على دعوته الكريمة لإلقاء كلمة في الجلسة الافتتاحية لمؤتمرنا هذا باسم مؤسسة معجم الدوحة التاريخي للغة العربية، وإنها لفرصة مواتية للتعريف بهذا المشروع الحضاري الكبير، وبيان حضور المصطلح القرآني فيه.

يعنى برصد ألفاظ اللغة العربية لفظا لفظا، مصطلحا مصطلحا، مسجلا حسب ما أتيح من المعلومات بدايات استعماله في النقوش وفي النصوص، متتبعا تحولاته البنيوية والدلالية طيلة وجوده الحي في اللغة. موثقا كل ذلك بالشواهد المثبتة لاستعماله ولتاريخ ذلك الاستعمال، موردا نظيره من الألفاظ ومعانيها في اللغات السامية وغيرها. وبذلك يُقَدِّمُ هذا المعجم عن كل لفظ من الألفاظ أو مصطلح من المصطلحات تاريخ استعماله، ومستعمله، والشاهد الذي ورد فيه، وتوثيقه، وتعريفه، وتطوره البنيوي والدلالي، طيلة وجوده الحي في لغة الاستعمال.

ويقتضي ذلك حصرا وضرورة جمع ما ألفته عقول العرب طيلة مدة حياة العربية في مدونة إلكترونية نصية تتضمن كل اللغة العربية بألفاظها ومصطلحاتها، يستخلص منها كل لفظ أو مصطلح، ويوضع له مدخل معجمي بالعناصر التي ذكرنا آنفا. وذلك مبلغه أن يبدأ من أول استعمال وينتهى إلى آخر استعمال لهذا اللفظ أو المصطلح اليوم.

ولا شك أن حضور المصطلح في مدونة لغوية إلكترونية تجمع شتات ما تفرق من العربية بألفاظها حضور قوي يعكس التطور الذي حصل في الفكر العربي على مدار العصور السابقة إلى اليوم في مختلف علومها وآدابها وفنونها، فنعرف كيف تطور المصطلح الفقهي، القرآني، والشرعي عموما، والفلسفي، والأدبي، والتاريخي، والجغرافي، و الكيميائي، والفيزيائي، والرياضي، والطبي، وغير ذلك من المصطلحات في مختلف أنواع الفنون والمعارف والآداب.

وسيتبين بعد إنجاز هذا المعجم، ماذا أحدثت لغة القرآن الكريم في اللغة العربية جملة، في مبانيها ومعانيها، وماذا أحدث المصطلح القرآني في الفهوم، وكيف تطور، وكيف نشأ عن هذا التطور علوم، وكيف حدث هذا التحول البنيوي والدلالي في المصطلح وفي لغات العلوم التي عمل فيها هذا المصطلح و نشأ فيها؟.

كل ذلك نتحدث عنه اليوم، وليس بين أيدينا معطيات أو دلائل أو معلومات موثقة تبين وتؤكد وتدلل على ما نقول، وإنما كل استخلاصنا وكل افتراضاتنا مبنية على التخمين وكثير من الظن، وسيفتح هذا المعجم الآفاق على تصحيح كثير من الفهوم، وربط التراث ربطا قويا في مجمله بهذه الفهوم حتى يتبين منها السليم فيؤخذ به، ويتجنب المؤول تأويلا بعيدا وما ينبني على ذلك من سوء في الأحكام والقراءات.

إن حضور المصطلح القرآني حضور لافت وبين، لا في بنيته ولكن أيضا في مفهومه وعلاقته بالمفاهيم المجاورة له. وسيتبين ذلك أثناء الرصد التاريخي لهذا التطور، وبيان دلالاته، وعلاقته بمختلف العلوم وكيف نشأ فيها، وكيف تفرعت عنه مصطلحات أخرى وعلوم أخرى تفرعا شديدا بينا.

ولو كتب لهذه الأمة أن تأخذ بأولويات البحث العلمي في عملها لفرغ من هذا الجهد منذ زمان. ولكن لا بد مما ليس منه بد، ولا بد من بناء على أساس متين، فكان لا بد من العناية بمعجم تاريخي للغة العربية يرصد ألفاظها، ويرصد مصطلحاتها كما بينا سابقا.

الدكتور عز الدين البوشيخي

المدير التنفيذي لمؤسسة معجم الدوحة التاريخي للغة العربية

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>