أختاه وأنت تستعدين لتنخرطي في صخب عالمي حول يوم يتيم يذكرك بإنسانيتك وبقيمتك ككائن بشري.. صخب يدعونه بـ 8 مارس أو اليوم العالمي للمرأة، تذكري أنك ما خلقت لتظلي مبنية للمجهول وورقة ميتة تحملك الريح العقيم أنى طاب لها المقام، وأنت سليلة الصحابيات الماجدات وخريجة مدرسة النبوة التي رقتك بالإيمان والأعمال الصالحة إلى مدارج المصطفين.
ارفعي رأسك عاليا أختي وافخري بوظيفة خدمة الخلق لإرضاء الخالق، ارفعي رأسك وافخري لاصطفائك رسالية مستغرقة بقرحة التغيير بالتي هي أحسن، حساسة أمام التعاسات التي تجري فصولها أمام عينيك..
ولأن الله سبحانه خلقك جميلة رقيقة، فإن البشاعات تستفز مشاعرك الرهيفة وتشحذ طاقاتك الخلاقة لمواجهة تلك البشاعات، واستغراقك بدورك الرسالي يلهيك عن الإصغاء إلى صدى صخب انتفاضاتك الصغيرة للانتهاكات التي تصيب شخصك، إذ تعتبرين تصرفات محيطك بما فيها تلك الصادرة عن ذكور أسرتك أو بالبيت الزوجي جزءا من حواجز الاختبار الدنيوي التي تصفي ذهبك وتيمن كتابك وتعظم أجرك، ولأجل ذلك فأنت لست على استعداد لإحالة بيتك إلى فضاء للتربص بقبيلة الذكور وتبييت النية لعقد المحاكمات الماراتونية لهم، والسعي لتعليمهم أبجديات المشي فوق البيض ولا ينكسر، مصداقا لوصايا أمك: (النهار الأول كا يموت القط)، علما أن القط إياه لا يموت؛ بل لا يزداد إلا صلفا وجبروتا وسمنة، وفي المقابل فإنه يبري مخالبه إن كان فتانا طينيا وغاوي تحرش لإعادة الإيقاع العائلي إلى لازمة هذا ما وجدنا عليه آباءنا بكل سلطان الذكورية الجاهلية ولسان حاله يردد: (اللي حط شي عصا كا يتضرب بيها).
والأصل أختاه في رزنامتك الرسالية التي تتغدى وتتقوى من المعين النبوي الرسالي أن تبرمجي شاشة عواطفك على التغافل عن معيقات المودة والرحمة، وتستعيني بمفاهيم التطاوع ومصطلح “واخا” الذي قال فيه أجدادنا الحكماء: (كلمة “واخا” ما تقضي حاجة ما تخسر خاطر) و”واخـا” أيتها الأخت الرسالية تقضي الحاجة بكل تأكيد، ألم يقل سبحانه: ادفع بالتي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم (فصلت: 34). وتطاوعها رباني يتوخى حفظ البيت من مخلفات الاختلاف مصداقا لوصية المصطفى صلى الله عليه وسلم لأبي موسى الأشعري ومعاذ بن جبل وهو يبعثهما إلى اليمن: “بشرا ولا تنفرا ويسرا ولا تعسرا وتطاوعا ولا تختلفا”.
أختاه أيتها القارورة الغالية إنك بصدد تنزيل عقد السلعة الغالية؛ سلعة الجنة، فيصدق فيك حديث المصطفى عن المتبايعان: “فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما”.
والطاعة أختاه هي لله قبل أن تكون لمخلوقاته، وهي طاعة تحريرية لكل الطاقات الخيرة التي تنبثق من الحديث النبوي: “لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق”؛ طاقات الانصياع للمعروف وبالمعروف إياه، أنت لا تطيعي زوجك فحسب؛ بل رئيسك في العمل وأستاذك في الجامعة، والشرطي الذي ينظم مرورك، وحتى البائع الذي يزن لك مشترياتك. وطاعتك لا تبرر الشطط في معاملتك ولا الخضوع لسلوك من سماهم المصطفى بالمنفرين باسم الدين، ويبقى الإعراض عن الجاهلين سلاحك الأقوى.
وبالمناسبة.. أليست هذه المساحيق والعمليات التجميلية للتشبيب التي تخسر فيها النساء دم جوفهن، نوعا من القربى والطاعة لميولات الحبيب الجمالية، وإن قالت نساء، أنفة وكبرياء أن التجمل هو للنفس فحسب؟؟.
لكن ماذا لــو كانت الطاعة لوجه الله والسعي التجميلي للروح كما الجسد ولمضغة القلب مرضاة لله واستجابة لرسوله الذي لا يدعوك إلا لما يحييك أختي؟..
أختاه يطول الكلام وٌأقول لك فقط كما تقول العرب: “لا تكوني ريحا فتلاقي إعصارا”، فإنهم وإنهن يستعدن لهيجان جديد مع قرب مناسبة الوأد الجديد للمرأة .
إنهن يشحنن بطاريات السب والشتم اللحظة تهييئا للخروج في العديد من مناطق العالم ليصرخن بصدور عارية لطخها حبر الاحتجاج من خلال لائحة مطالب انتقائية لا تعادي من الجور الذي يعصف بحقوق المرأة إلا ما يدور في بلاد المسلمين لتنسبه إلى القرآن والسنة و”داعش وهي صناعة قادتهم” وتجيش العالم ضد الإسلام في الوقت الذي تموت فيه نساء بورما وسوريا وقبلهن الفلسطينيات بالعشرات ولا حياة لمن تنادي من عاريات الصدور أو من يحرك خيوطهن عن بعد..
وبالتالي عليك أختي الرسالية أن لا تكتفي بعدم تبني خرافاتهم بل أن تحركي فكرك الدعوي الرحيم أسوة بنبيك لتدخلي عليهم الباب وتريهن من نفسك ورشدك وتوازنك وفيض عطاءاتك التي زرعها الإسلام نباتا طيبا فتجذبيهن من معيشتهن الضنكة وتيههن المكين. ولن تفعلي وتنجحي في دعوتك إلا إذا تخلصت من شحنة الإستعلاء واعتبار كل من لا يشبهك هالكا.
مسكينات هن.. إنهن ضد تسليع المرأة وتهميشها؛ لكنهن حين يخرجن عاريات الصدور يكرسن سلعية أجسادهن وينفرن الرجال حتى من احتمال مراجعة سيرة وأد كرامة النساء، فهل تتسلمي المشعل لتوقظي كلا الطرفين من هذا الخواء والعداء المستديم؟؟..
ذة. فوزية حجبـي