تعبرملتقى الطرق بحذر شديد.. فجأة، توقفت سيارة.. أطل ّسائقها من نافذتها وهو يناديها…
لم تعره اهتماما.. هرولت بكل قوتها مذعورة..
تطاردها السيارة.. تلهث الفتاة.. تتعثر بسبب عرجتها.. تخترق سياج نبات شوكي على قارعة الطريق.. تصاب قدماها بجروح.. يكاد قلبها يخترق أضلعها هلعا.. انحرفت.. دخلت زقاقا ضيقا.. جف حلقها وهي تسمع وقع خطوات الشاب يلاحقها..!
خارت قواها.. توقفت تلهث.. وقف الشاب أمامها وهو يهدّئ من روعها… قال لها بأدب جم:
- ألم تري شارة مهنتي المثبتة على الزجاج الأمامي لسيارتي؟!
صرخت في وجهه باكية:
- كن ما تشاء.. اتق الله.. ابتعد عني.. سأصرخ لطلب النجدة..!
أشهر في وجهها بطاقته قائلا:
- أناطبيب مختص في عمليات ترميم الورك.. عدت للتو من دراسة طويلة في الخارج.. فقط أريد مساعدتك..!
- إنني فقيرة، لا طاقة لي بالعلاج.. لقد طلب الأطباء من أبي مبالغ باهظة..
تبسم الطبيب ورجاها أن تلبي دعوته لفحصها في مستشفى قريب منهما بصحبة والديْها…
طمأنها، قدم لها هاتفه ورجاها أن تتصل بوالديها وإخبارهما بالأمر للالتحاق بها في المستشفى…
لم تصدق نفسها حين أجرى لها الطبيب عدة عمليات جراحية تكللت بالنجاح.. وتبرع لها بجهازين للتقويم الطبي من الخارج -باهظي الثمن- لترميم وركيها…!
كانت قد ملّت طرْق أبواب الأطباء والجمعيات .. فعادت خائبة تحرقها دموع والديْها العاجزين عن توفير مبلغ علاجها.. لم تنس توسلاتهما إلى الأطباء وقلقهما عليها، بعد أن أخبروهما أنها ستصاب بشلل إن لم تُجْر لها عمليات جراحية مستعجلة..
طرقت باب الرحمن الرحيم.. لزمت عتبته.. وها هو سبحانه وتعالى قيّض لها أمهر الأطباء بلا أدنى عناء…
تبكي بشدة وهي تثني على الله وتحمده.. فقد كانت تسهر الليالي مع آلامها الشديدة وهي تناجي ربها وتشكوه حالها: يا رب إني مضطرة… فأجب دعوتي.. مالي سواك..!
ذة. نبيلة عزوزي