عزاء شمس


عَزّي الغَزَالةَ ها قدْ أصبحتْ ثَكْلى

أكْرِمْ بهِ ولدًا أعظِمْ بِهِ بعْــــــــلًا

نورٌ أعارَ الضُّحى جناحَ فِضّتــه

فكان عِقدًا أحاطَ الطّودَ  والسّهلا

لله دَرُّ الحيا تحيا بـــه جُرُز

أمّا سحابُ الهدى فيقتلُ الجهــلا

كشأن أستاذنا درسًـا وموعِظةً

ومنبرُ العلم خاضعٌ له ذُلاّ

تراه في كلّ مجلس له سُـــرُر

عرشُ البلاغة في محرابه صـــلّى

وللقوافي قوافٍ من خرائده

فنَظْمُه استعبد الوجدانَ والعقلا

النّثرُ والشّعرُ توأما سجيّته

لا تستطيع بُعيْدَ قوله قولا

يا لائمي لا تقل أسرفتَ في صِفةٍ

إنّي لَسِفْرٌ يضمّ الوصفَ والفعلا

رعى شبيبتنا درسا ومُحتضنًا

من جاوز الحِنثَ أو من لم يزل طفلا

أرثيه أبكيه لكن أيُّ دامعــةٍ

تـوفي بحــقّ الذي بنى إذا ولّى

طوبى لمن كانت الحسنى عبادَته

فسخّر العلم والأموالَ والأهلا

حتّى أتت أُكْلَها بالعزم مزرعةٌ

صار الضّريرُ بها لا يرهبُ الفَلاّ

باسم الصّقلي علوْنا كلّ شاهقةٍ

وباسمه كم رجمنا ماردًا حلاّ

فبدّلَ اليأسَ آمالا نتيه بها

على الزّمان شموعًا تطرد اللّيلا

وهكذا الأسدُ المِقدامُ علّمنا

عند الشّدائد أن نسترخص البذلا

يغيبُ بدرُ التّمام بعد مُكتملٍ

ولا تغيب يدٌ قد أبرمتْ حبلا

فحبلُنا لك يا أستاذَنا صِلةٌ

لا يقطع الموتُ من وثوقها وصلا

إذا سكنتَ ضريحًا تُربُه شرف

لا يقطع الموتُ من وثوقها وصلا

ذِكرُ الأحبّة بعد موتهم شفَقٌ

يروي عن الأمس ما أسدى وما أبلى

يا رحمةَ الله فيضي فوقَ مقبرةٍ

تَضُمّ أحبابنا والعلمَ والفضلا

هذا الرّثاءُ أقلّ ما تجود به

أضلاع من يحفظُ الفروضَ والنّفلا

وإنّه لعزاءُ النّفس إذ كُلِمَتْ

بساعدٍ قد أجادَ الزّرعَ والنّسلا

ما أروعَ الطَّلَ يُحيي زهرةً ذَبُلَتْ

أمّا الصّقَلّي فكان الزّهر والطّلا

يا راحلاً لجنان الخلد تسكنهاّ

طابَ المُقام ونِلتَ النّعمة الجُلاّ

الشّاعر: محمد بن إدريس بلبصير

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>