ظاهرة الغش: أسباب وطرق علاجها


يعد الغش أسوأ معضلة تعاني منها المجتمعات والشعوب بمختلف مستوياتها، وأخطر آفة تفتك بها وتسير بها نحو الدمار.
وبلوى الغش لا تسلم منها معظم مجالات الحياة مما يجعل المرء يتوخى الحذر من أثر الغش عليه، ويأخذ الحيطة من أن يقع في شباكه.
وظاهرة الغش عندما تطال أي قطاع من قطاعات الحياة فإنها تبعا لذلك تقوض ركنا من أركان المجتمع وتؤول به حتما إلى الهلاك والخراب، لكن الغش إذا طال التعليم، وخاصة مجال الامتحانات والمباريات فإنه بالتأكيد ينسف المجتمع نسفا ويجثته من أصوله فيضحى لا قرار ولا صفة له.
فما الأسباب الأساسية الدافعة إلى استفحال هذه المعضلة في الامتحانات؟ وما الحلول الناجعة لمحاربتها والقضاء عليها؟
< إن أهم الأسباب المؤدية إلى الغش في الامتحانات:
1 – غياب الوازع الديني الذي يحصن التلميذ من الوقوع في مثل هذه المخاطر، ويمنع من تسرب أي جرثومة تفتك به، وأهم ما يقيه من ذلك هو استشعار مراقبة الله تعالى له، وأنه سيحاسب على ما يفعله، وأنه بارتكاب الغش يكون قد انتهك محارم الله تعالى وخالف أوامره مصداقا لقوله تعالى: ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون (المطففين: 1-3).
وفي قوله تعالى: ولا تبخسوا الناس أشياءهم (الأعراف: 85).
وبارتكابه الغش يكون قد خرج من دائرة الأمة المحمدية في قوله صلى الله عليه وسلم: «من غشنا فليس منا» (رواه الطبراني).
2 – غياب التوكل على الله في تحقيق الأهداف، والوصول إلى الغايات والمقاصد، وانعدام الأخذ بالأسباب وبذل الجهد واستثمار الطاقات و القدرات في طلب العلم وتحصيله مما يجعل التلميذ معرضا عن التوكل على الله مقبلا على التواكل والاعتماد على الغير في الوصول إلى مبتغاه، فيبني مستقبله على أساس هش وعلى أوهام لا أصل لها في الواقع، وتكون النتيجة النهائية الفشل والإخفاق في الحياة.
3 – قوة الإكراهات والضغوطات التي تحيط به من كل جانب والتي تثبط عزيمته وتسود نظرته وتضعف طموحه خصوصا عندما أن فرص النجاح ضعيفة والأمل في الحصول على شغل أو وظيفة جد محدود فيختار ظريقا غير شرعي ولا قانوني ويلج أبوابا غير مسموح بها ويجد نفسه في متاهات لا حد لها ولا منفذ لخروج منها.
4 – الولوج بقوة إلى عالم المؤثرات السلبية المنفردة من الجد والاجتهاد ومن الرغبة في التحصيل، والمؤدية إلى الضلال والتضليل، ومن أهم هذه المؤثرات والمحبطات الإعلام بكل أصنافه وأنواعه، وهدر الوقت وربما كل الوقت أمام شاشة التلفزة أو الحاسوب أو غيرها لتتبع المباريات الوطنية والدولية في شتى أنواع الرياضة، ويا ليت ذلك كان مقننا أو منظما، لكنه مع الأسف يأخذ بكل الاهتمام وبطريقة فيها مبالغة حتى تصبح إدمانا يصعب علاجه.
5 – عدم الثقة بالنفس، والركون إلى اليأس وإلى فقدان الأمل، وإلى النظرة المعتمة نحو المستقبل.
ويضاف إلى كل هذا أمور أخرى تختلف باختلاف الظروف الاجتماعية والصحية والاقتصادية والتعليمية وغيرها؟
< فما هي الحلول الناجعة لمواجهة هذه الآفة والحد من استفحالها بين صفوف التلاميذ؟
يمكن تلخيص هذه الحلول في النقاط التالية:
1 – التوعية العميقة ببيان خطورة الغش وسوء عاقبة من يتصف به في الدنيا والاخرة.
2 – الترغيب في الصلح مع الله تعالى واستشعار مراقبته في السر والعلن.
3 – تقديم نماذج من واقع أصحاب الغش والمصير الذي يؤولون إليه.
4 – العمل على زرع الثقة بالنفس لدى التلاميذ وحفزهم على التوكل على الله تعالى والأخذ بالأسباب.
5 – الإكثار من الرسائل الإيجابية التي تحفزهم وتشجعهم على العمل بجد وكد.
6 – الضرب على أيدي الغشاشين بقوة ليكونوا عبرة لغيرهم.
7 – وضع الأيادي على الدوافع المؤدية إلى الغش لدى التلاميذ من أجل معالجتها أو استئصالها والحيلولة دون التمادي فيها.
ذ. محمد التازي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>