الدكتور عبد الناصر السباعي المتخصص في العلوم التربوية والنفسية: في حوار عن ظاهرة الغش في الامتحان والحلول التربوية


يسر جريدة المحجة أن تلتقي بالأستاذ الدكتور عبد الناصر السباعي باعتبار تخصص التربوي والعلمي في قضايا التربية وعلم النفس، في حوار عن “ظاهرة الغش في الامتحان والحلول التربوية”، ونشكر فضيلتكم على قبولكم إجراء هذه المقابلة:
أولا تفاقمت ظاهرة الغش في الامتحانات بشكل خطير، ترى ما هي في نظركم أنجع السبل لعلاج هذه الظاهرة؟
بسم الله الرحمن الرحيم. قبل الحديث عن سبل العلاج لا بد من تشخيص سليم للداء، وبناء عليه أقول إن المشكلة الكبرى في نظامنا التعليمي هي أن هدفه ليس هو تحصيل العلم وإنما هو الوصول إلى الوظيفة عن طريق الشهادات التي تسلمها مؤسسات التعليم. وقد ترسخ هذا التوجه في العقود الأخيرة بشكل كبير. أما العلم باعتباره قيمة إنسانية عظمى فقد تراجع أمام زحف القيم المادية التي تولي الأهمية للمال أولا وللمظاهر ثانيا. وفي مثل هذا الوضع يصبح الحصول على الشهادة هو الهدف الأسمى للتعليم وذلك باستخدام كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة. وقد ساعد على تفشي الظاهرة ابتزاز الأساتذة لتلامذتهم من خلال دروس الدعم المدفوعة ورفع نقطهم بدون حق، الأمر الذي يدفع التلامذة المعوزين إلى البحث عن سبل ملتوية للحصول على النقط المرتفعة في ظل انعدام شروط المنافسة الشريفة والعادلة.
كيف يمكن في نظركم إعادة بناء الفرد على قيم الإسلام: الإخلاص والأمانة والصدق والاعتماد على الذات؟
إن المنظومة التربوية هي المسؤولة عن هذا الأمر والتي يشكل النظام التعليمي عمودها الفقري، فإذا فسد التعليم فسد المجتمع، ومهمة إصلاحه أعقد المهمات. والسبب في ذلك هو أن تعليمنا من صنع فرنسا التي استنبتته في بلدنا إبان الفترة الاستعمارية، ولم يتمكن المغاربة من بناء نظام تعليمي بديل ليحل مكان التعليم الفرنسي واكتفوا بإدخال بعض الترقيعات والإصلاحات السطحية التي لم تغير من طبيعته شيئا. ولا أتوقع أن يتم بناء إنسان مغربي على منظومة القيم الإسلامية من خلال التعليم الفرنسي، لأن فاقد الشيء لا يعطيه.
إلى أي حد تجدي الحلول التقنية من نصب كاميرات المراقبة، و منع استعمال وسائل التكنولوجيا الحديثة والعقوبات الزجرية من غير المعالجة التربوية؟
إن الإجراءات المتخذة قد يكون لها تأثير في الحد من ظاهرة الغش، لكن لا ينبغي أن نتوقع أن تعالج الداء من الأصل، لأن نظام التعليم هو الذي يحتاج إلى علاج. أضف إلى هذا أن أساليب الغش في تطور مستمر، وستظهر وسائل للغش من غير استعمال الهواتف أو الحواسيب ولن يتمكن المسؤولون من وضع التدابير الزجرية المناسبة لها إلا بعد أن تكون قد أحدثت أضرارا جسيمة بالمجتمع. وأعتقد أن محاربة هذه الظاهرة كانت ممكنة عندما كانت تمثل حالات قليلة، أما وقد أصبحت هي القاعدة وأضحت العصامية والنزاهة عملة نادرة فقد غدت مهمة القضاء على الغش أمرا في حكم المستحيل في ظل الأوضاع الحالية.
رأي أخير
إن مشكلة الغش لم توضع في إطارها الصحيح حتى الآن، فهي مشكلة الإنسان وليست مشكلة التكنولوجيا أو الآلة. ومن يريد معالجة هذه المشكلة عليه أن يعمل على بناء الإنسان المغربي من جديد على منظومة القيم الإسلامية فهي الضمان الوحيد للاستقامة والنزاهة. أما أن يقصى الإسلام من المجتمع تحت مسميات مختلفة، وتعوض القيم الإسلامية بمنظومة هجينة من القيم المادية والمعادية للدين ثم ننتظر أن يكون لدينا شباب على خلق رفيع فهذا أمر يكذبه الواقع الذي نراه ونشاهده.

أجرى الحوار الطيب الوزاني

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>