الدعاة حماة الدين ومرشدو العباد لرحمة رب العالمين


الدعاة إلى الله تعالى هم حاملو رحمة الله تعالى للناس -كل الناس- وهم القائمون بوظيفة الدعوة ليفيء الناس كل الناس لله رب الناس، ملك الناس، إله الناس، وخطابهم إنما هو دعوة لإصلاح النفوس وتنقيتها من كل الأرجاس والأدناس: إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِۚعَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (هود: 88).
الدعاة إلى الله  بهم يحيى الدين فلا يضيع، وبهم تصان حقوق الله تعالى وحقوق العباد من أن تُهدَّم لها الأصول أو تُفْصَل عنها الفروع، وبهم تبلغ كلمة الله تعالى ورحمته إلى كل الأفراد والحشود والجموع فتقام الحجة على الجميع رُّسُلًا مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِۚوَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (النساء: 169) وبهم ترتقي النفوس إلى كل خُلُق رفيع، وبهم تنال الأمة كل عز مكين منيع كنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ (آل عمران : 110).
دعوة الدعاة إلى الله  لا تؤتي أكلها النافع للعقول والوجدان وثمارها الصالحة للعمران إلا إذا خرجت من قلوب مرتوية بحب الله تعالى وحب الخير لعباده إلى حد الامتلاء والإشباع، ولا يُنتَفَع بها غاية الانتفاع إلا إذا كان الدعاة لا هَمَّ لهم إلا أن يُعبد الله تعالى في الأرض ويُطاع أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُون (البقرة: 133)، ولا خير في أمة لا يُشِيع دعاتُها الخير والرحمة بين الناس الخصوم منهم والأشياع وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (الأنبياء: 107).
إن الدعاة إلى الله العزيز الرحيم لا يمكن إلا أن يكونوا من معدن كريم، على خلق أصيل مستقيم، ذوي رأي حكيم، فهم بمثابة النور الذي يستضاء به في كل ليل بهيم، والذين بهم يتميز المعوج من المستقيم، وبهم يخرج الإنسان من الجحيم إلى النعيم، وبهم تسلم الأمة من ظلمات الجهل وتنعم بأنوار العلوم.
إن الأمة اليوم لفي حاجة أكثر من أي وقت مضى إلى:
حمل الدعوة إلى الله تعالى حملا ثقيلا، بكرة وأصيلا. وجيلا جيلا.
إعداد الدعاة الأقوياء الأمناء، العلماء الحكماء، الرشداء الذين بهم يجلب كل خير وثراء، ويدفع كل شر وبلاء،
تهيئة الجو العام لاستقبال خطاب الدعاة بوعي تام، وتكوين الاستعداد الإيجابي في الناس لتلقي ما يبلغون من أحكام الحلال والحرام، فكم حيل بين أبناء الأمة ودعاتها بسبب ما أشيع من التخويف والكراهية بين دعاتها وبنيها وبناتها، فتحول الدعاةُ في نظر الأبناء إلى عُداة، والأبناءُ في نظر الدعاة مجرد ضُلَّال وغُواة، لا يُدعى عليهم إلا بالثبور والويلات، حتى نسي الدعاة رسالتهم التي بينها رسولنا : «بشروا ولا تنفروا، ويسروا ولا تعسروا» (رواه البخاري ومسلم).
إعداد مناخ تربوي سليم تتعاون فيه أجهزة الأمة على فسح المجال العام للدعاة للتربية والتوجيه، من تعليم وقضاء وإعلام، وتتوحد فيه إرادة كل المسؤولين والحكام، وكل من مكنه الله تعالى من تدبير الشأن العام، والنظرِ في مصالح الأنام الذي لا يجوز إلا أن يكون على أحسن وجوه العدل والإكرام، وتنفتح قلوب الجميع لتعاليم الإسلام التي ليس فيها إلا الأمن التام والسلم العام والعز الذي به يتحقق الاستقرار والاستمرار.
حماية الدعاة من تطاول السفهاء، وغلبة الجهلاء، وتحكم الأعداء فكم ظُلم الدعاة في كل التاريخ ظلما لا يأباه العقلاء ولا ترضاه نفوس الأخيار الأُصَلاء.
وعلى الأمة أخيرا أن تجعل من الدعاة إلى الله تعالى مشروعا حضاريا لا تخبو شمسه، ولا يكبو فرسه، ولا يفسد جنى غرسه، ولا تنقطع فوائد درسه.
هم حماة الدين والهداة لكل خير نافع في الدنيا والدين، وهم رافعوها إلى مرتبة الشهود على العالمين، ووظيفتهم أحسن وظيفة ارتضاها رب العالمين لخيرة عباده من الأنبياء والمرسلين: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ (فصلت: 33).

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>