من أوراق شاهدة – كلكم تبكون المرأة فمن قتل المرأة؟ !


يحكى أن مالك بن دينار رحمه الله جلس للوعظ ذات يوم فحدث الناس بما يرقق قلوبهم، فشرع المستمعون في البكاء فالتفت بحثا عن مصحف كان بجانبه فلم يجده فصاح فيهم : ويحكم كلكم يبكي فمن سرق المصحف؟ إن هذه الحكاية بما تحمله من معاني عميقة تحيل على الكثير من الظواهر التي غدت ملازمة للعالم العربي وتشكل أوجاعا مفصلية تدعو إلى التساؤل عن الجناة لهذه الأوجاع ومن بينها تلك الخاصة بالمرأة.
ونحن نرى الكل يتباكون في عزائها تستبد بنا الرغبة في أن نقول لهم ويحكم كلكم تبكون المرأة فمن قتل المرأة؟؟
إن الملاحظ الصدوق تثيره المنطلقات الزائفة للمرافعات التي يتبناها غربيون وعرب والتي يغلب عليها التشريح المعادي للإسلام رأسا وبلا مواربة كلما تعلق الأمر بالمرأة، فتضيع المرأة بين الأفكار المتلاطمة ولا تجد لها راشدين ينتهجون أبجديات تقدير الإسلام للمرأة بين مصدري الإسلام العظيمين القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة. وهم أعداء لكل ما له علاقة بالدين حد الانقلاب على المصدرين واتهامهما بالتاريخية والخصوصية، وهناك من يبلغ به العداء حد السخرية من بيئة عربية يعتبرها مغرقة في البداوة فيستعين بصور الرمل والجمال وحتى الوقائع والنصوص لينزلها دون حياد علمي رشيد على جغرافية جديدة فتسمح له مقارنته تلك بالسخرية الكاريكاتورية السوداء من الثوابت فيغرس بذلك في ضمائر الناس أن كل أحزان ومصائب المرأة من تحت رأس الإسلام .
ولأن الناس يحيون ما بين مطرقة المال والبنون فإنهم لا يفرزون بين غث وصالح من تلك الغارات على الإسلام وسرعان ما تراهم ينخرطون في معارك بالوكالة ضد الإسلام وتشريعاته في مجال الأسرة، والحال أن وضعية المرأة في دراسات كل المنصفين المحايدين لم تكن أكثر مهانة وانكسارا منها في زمن العولمة، ومن بين أكبر الفريات في هذا الزمن إلصاق تهمة حجر الإسلام على المرأة في لباسها السابغ الساتر.
فبينما تروج كل وسائل الإعلام الغربي للصدر العاري والجسد البارز المنعرجات بلباس شفاف جد حاسر أو هو العري نفسه فإن التعليقات المواكبة تتراوح بين الإعجاب والإثناء وتعميم تلك الصور على القنوات والمحطات بالعملة الصعبة في حملة تسليع مخجلة للمرأة بغرض سرقة جيوب العوام وترويج البضائع حتى المسرطنة منها ..
بينما تسكن الكواليس المعتمة لتلك الثلة من النساء المستعبدات قصص سقوط درامية لا ينتبه لها أحد من المصفقين لأنوثتهن وعريهن، وهناك حكايات مأساوية لعارضات أزياء وممثلات أفلام إباحية وقعن في إدمان الكحول والمخدرات أو انتحرن أو قتلن على يد مافيات الحرام وأصحاب السلطة المريبة إذ يتم التخلص منهن كقطعة علك استهلكت حلاوتها بعد ارتهانهن جواري بقيود ..
وهناك اعترافات لنساء غادرن درب الخلاعة والاستعراضية حين عرفن تفاصيل التعاليم الإسلامية للمرأة وقارن بين حياة دغلية هن فيها مجرد حيوانات سيرك يروضن للإبهار، وحياة إسلامية ليس فيها التباري لمن تفتن أكثربل لمن تؤمن وتعمل الصالحات.
إن محاربة النظام الإسلامي وقص أجنحته وتقليم أظافره واختلاق الحركات الهدامة والانفصالية لشغله عن مهام التنمية وسرقة منظومته الأسرية بحجة عدم إنصاف المرأة ووضع المنظومة الغربية عوضها باعتبارها الكمال القح وجعل هذه المرأة في صلب هذه القولبة هو التسلط والديكتاتورية والشمولية بعينها، إذ من صلب هذه المنظومة الغربية نفسها حق الشعوب في تقرير مصيرها وتسطير منهج سيرتها انطلاقا من خصوصياتها وكفى.
إن منظر فتاة منهكة حد الموت في مقهى رجالي تركض نادلة بين المتحرشين والمتسلطين من الرجال وبعد منتصف الليل، أو ميكانيكية تحت سيارة مقرفصة ومعرضة لأوساخ التشحيم وقطع الغيار المتفحمة، أو راقصة بالملاهي تسري عن كل المرضى الشهوانيين ولا أحد يسري عنها في غربتها وامتهانها باسم حرية الجسد والمساواة، هي أشياء غير بريئة تماما، حين يتوقف المرء عند تبعاتها على صحة وأنوثة ومستقبل المرأة التي تعتبر الأمومة والدفء الأسري مرساها الضروري عاجلا أو آجلا..
فمن يجب أن يفضح اضطهاده للمرأة، وازدواجيته في التعامل معها؟؟ لقد كان رموز الماركسية ومن بينهم فريدريك انجلز يرون أن الأسرة وعبودية المرأة فيها كالعبودية التي كانت تعاني منها طبقة العبيد من طرف الرومان الأسياد، فماذا يقول الفاهمون الجدد في هذه العبودية التي ترزح فيها المرأة بكل الفضاءات التجارية دمية جميلة وحسب؟؟ ولأن الشيء بالشيء يذكر يقول متابعون للشأن النسائي أن لجنة المرأة في الأمم المتحدة تتزعمها اسكندنافية تؤمن بالزيجات المفتوحة وأن المواثيق الدولية الخاصة بالمرأة تقود فلسفتها نساء فيهن نسوانيات متطرفات وشاذات جنسيا، كما أن صاحبة كتاب المرأة والعولمة كريستا فيشتريش تعري في كتابها الشهير بوضوح معالم العبودية التي أصبحت تعيش فيها المرأة في ظل النظام الليبرالي معامل النايك بفيتنام نموذجا
وبالتالي هو ذا المنكر وقد غدا معروفا يسوقونه للعالم العربي، والرافضون لفلسفته ينعتون بالداعشية والإرهاب ..
ومع ذلك لا زالوا يبكون حال المرأة ويصرخون من قتل المرأة ويجيبون دون أن يطرف لهم جفن: إنه الإسلام.

ذة. فوزية حجبـي