فـاس : بـاحـثـون ومـتـخـصصـون يـتـدارسـون مـوضـوع الـثـابـت والـمتـغـيـر في الشـريـعـة الإسـلامـيـة


نظمت المجالس العلمية المحلية لكل من: فاس وبولمان ومولاي يعقوب،الندوة العلمية الوطنية في نسختها الثانية تحت عنوان: الثابت والمتغير في الشريعة الإسلامية، وقد حضر الندوة عدة شخصيات وعلماء.
وقد ضمت في جلستها الأولى -التي ترأسها الدكتور حسن عزوزي- ورقات علمية منها :
> ورقة بعنوان «رؤية شرعية أصولية للثابت والمتغير» للدكتور عبد السلام فيغو رئيس المجلس العلمي لإقليم الفحص آنجرة بين فيها أن الشريعة جمعت بين الثوابت التي لا تقبل التغيير أي بمثابة الهيكل العظمي للإنسان، والمتغيرات التي تشبه أحوال الإنسان العادية القابلة للتغيير، ومن خلال هذا استنتج أن الشريعة تنقسم إلى قسمين بارزين: قسم يمثل الثبوت والخلود، وقسم يمثل المرونة والتطور، فالثوابت هي الأحكام الشرعية الدائمة التي لا تتغير بتغير الزمان، والمراد بالأحكام عموم الأحكام المتضمنة نص الشارع وكذلك الآثار المتعلقة بهذا النص، والثوابت نوعان: الأحكام الثابتة في كل الشرائع. الأحكام الثابتة في شريعة النبي محمد ص، وفصل فضيلته في المجالات والدوائر التي تدور في فلكها الثوابت.
أما المتغير أو المرن كما عبر عنه الفقهاء قديما،فيتجلى في المصادر الاجتهادية… وذكر عدة أمثلة نقلا عن ابن القيم الذي قال: «.. وهذا باب واسع.. وخلص إلى أن دائرة الثوابت ليست واسعة وإنما هي محصورة ومعدودة ومحدودة.
> والورقة الثانية : «ثقافة تغيير الأحكام بين التأصيل والتحديث» للعلامة عبد الحي عمور رئيس المجلس العلمي المحلي لفاس الذي
بين أنه في عصرنا هذا تتوالى الدعوات من كل حدب وصوب إلى التغيير والتجديد في الأحكام الشرعية وتعاليمها، مسايرة لروح العصر وسنة الكون، وفصل الكلام حول تيارين هامين:
تيار التجديد والتغيير بمفهومه الفقهي: وهذا التيار ندعو إليه ونحبذه ونحتضنه لدواعي عديدة، إذا راعى الضوابط الشرعية والقواعد الفقهية، وفي هذا الإطار لابد من التمييز داخل هذا التيار بين الثوابت الدينية التي لا تقبل التجديد،كالعقيدة مثلا،وبين المتغيرات التي تقبل الاجتهاد حسب تغير الأحوال والأعراف.
تبار التغيير من منظور الحداثيين: وهؤلاء يدعون إلى تغيير أحكام الشريعة لأنها شرعت لأناس مضى على وجودهم أربعة عشر قرنا، ولأن التطور الحياتي اليوم يدعو إلى تغيير تلك الأحكام وابتدالها بأحكام جديدة كالمساواة وغيرها،أي أن الشريعة من منظورهم فقدت صلاحيتها،وكلامهم هذا مردود عليهم؛ لأن الشريعة الإسلامية لها خاصية ليست لأي شريعة العالمية والأبدية.
> والورقة الثالثة: «الثابت والمتغير في الشريعة الإسلامية بين التصور والتنزيل» للأستاذ عبد السلام البلغيتي رئيس المجلس المحلي لإقليم بولمان حيث بين فيها مفهومي الثابت والمتغير وأنهما مصطلحان حادثان شاع استعمالهما في الكتابات المعاصرة، حيث استعمله الفلاسفة والأدباء باسم الثابت والمتحول، القديم والحديث، المطلق النسبي، الماضي والحاضر..الخ. كما استعمله علماء الشريعة من خلال قوله تعالى: «اليوم أكملت لكم دينكم». وقوله ص: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد». وانقسموا إلى فريقين مانع ومجيز. والحق أن الشريعة وسط بين ما ذهب إليه الفريقان،ثم ذكر عدة معالم لتحديد الثابت والمتغير من ذلك: المفصل والمجمل،أي أن الشريعة تفصل في الثابت وتجمل في المتغير،وهكذا.. ثم تحدث عن مفهوم التنزيل وتنقيح المناط وعلاقته بالثابت والمتغير في الشريعة
> والورقة الرابعة بعنوان: «الثابت والمتغير في ضوء الكليات المقاصدية: قدمها د. عبد الرزاق وورقية بكلية الآداب ظهر المهراز ـ فاس، تعرض فيها إلى بيان: مفهوم الثابت والمتغير في القواميس اللغوية والاصطلاحية،وعلاقتهما بالكليات الشرعية عموما. ثم عرج على المتغير بين المناط والحكم في ضوء الكليات المقاصدية. وانتقل إلى أحوال تغير المناط المقاصدي وكونه سببا في اختلاف الأحكام.
> والورقة الخامسة تناولت مسألة : «تغير الفتوى بتغير العرف والعوائد» قدمها د. عبد المجيد الكتاني أستاذ بكلية الشريعة فاس بين فيها أثر العرف والعوائد في تغير الفتوى مبرزا ذلك من خلال العمل الفاسي والعمل السوسي والعمل السجلماسي وغيرها، كما أبرز مجموعة من الضوابط والشروط التي تجب مراعاتها في العرف والفتوى وتغييرها بهذا الاعتبار..
أما الجلسة الثانية: فتناولت ورقتين:
الأولى للدكتور محمد أبياط بعنوان: «الثابت والمتغير في العقيدة الإسلامية»، افتتحها بالتساؤل عن: هل فعلا يوجد في العقيدة ثابت ومتغير؟وهل تعدد المصطلح يوحي باختلاف المفهوم؟ ثم تطرق لبيان أهمية وحدة العقيدة حيث سرد السياق التاريخي لثبات العقيدة وتغيرها وتطورها،وإعطاء أمثلة ونماذج لبعض الفرق الكلامية،ثم بين أن القرآن لم يستعمل مصطلح العقيدة أصلا بل استعمل مصطلح إيمان،ثم توحيد، بعد هذا بدأت تظهر مصطلحات مماثلة كأصول الدين،حتى القرن الرابع الذي ظهرت فيه كلمة العقيدة عند أبي عمرو الداني في رسالته الوافية،وهكذا.. ثم تعرض لمفهوم الإيمان، وفرق بين الدين والإسلام، كما عرج على مآخذ العقيدة التي هي أربعة: اثنان سلفيان: الفطرة، والشرع ـ وهما المعتمد في العقيدة الصحيحة ـ واثنان خلفيان: النظر العقلي المتعمق،والكشف الصوفي. وختم فضيلته بأن المتغير متغيران: ـ التجديد،أي التجديد في الطرق والأساليب وليس في النصوص،وثاني: المتغير الحق في جانب العقيدة، لقوله تعالى : سنريهم ءاياتنا في الآفاق وفي أنفسهم .
والثانية للدكتور توفيق الغلبزوري رئيس المجلس العلمي المحلي الفنيدق في موضوع «الفتوى بين الثبات والتغيير» استهلها بتقسيم الشريعة إلى: ما يسوغ فيه الاجتهاد، وإلى ما لا يسوغ فيه،ثم تعرض لنطاق الثابت الذي يشمل: الأحكام والمقدرات الثابتة وهي قسمان: الأول: أصول الدين وقواعده ومقاصده، والثاني: ما شرع من الأحكام لعلل ثابتة،كالعبادات وأصول المحرمات… والمقدرات الشرعية التي جعلها مدار حديثه، حددها في سبعة أمور: من صلاة وزكاة وحج…
والجلسة الثالثة: تناولت ورقتاها مسألة «الثابت والمتغير في فقه العبادات» للدكتور عمر الدريسي، ومسألة «الثابت والمتغير في قضايا الأسرة بين المقتضى الأخلاقي والإلزام القضائي» للدكتور عبد الرحيم الأمين أستاذ بكلية الحقوق بالرباط.
< إعداد : نور الدين بلخير