عن أبي هريرة قال: قال رسول الله : «من رآني في المنام فسيراني في اليقظة أو كأنما رآني في اليقظة لا يتمثل الشيطان بي» متفق عليه.
قوله: «فسيراني في اليقظة» قال العلماء: فيه أقوال:
أحدهما: المراد به أهل عصره ومعناه أن من رأه في النوم ولم يكن هاجر يوفقه الله تعالى للهجرة ورؤيته في اليقظة.
والثاني: معناه أنه يرى تصديق تلك الرؤيا في اليقظة في الدار الآخرة فيراه في الآخرة يقظة.
وقال عياض رحمه الله تعالى: معناه سيرى تأويل تلك الرؤيا في اليقظة وصحتها.
وقال الطيبي رحمه الله تعالى: اتحد في هذا الخبر الشرط والجزاء فدل على التناهي في المبالغة، أي من رآني فقد رأى حقيقتي على كمالها بغير ارتياب فيما رأى بل هي رؤيا كاملة.
وقال القرطبي رحمه الله تعالى: ويجوز أن يرى في المنام على حالة تخالف ما كان عليه في الوجود من الأحوال اللائقة به، ومع ذلك تقع تلك الرؤيا حقا كما إذا روي قد ملأ بلدة، أو دارا بجسمه فإنه يدل على امتلاء تلك البلدة بالحق، وتلك الدار بالبركة. انتهى
قوله: «لا يتمثل الشيطان بي» قال ابن أبي جمرة رحمه الله تعالى: ومنهم من قال إن الشيطان لا يتصور على صورته أصلا فمن رآه في صورة حسنة فذاك حسن في دين الرائي، وإن كان في جارحة من جوارحه شين أو نقص فذاك خلل في الرائي من جهة الدين، قال: وهذا هو الحق وبه تحصل الفائدة الكبرى في رؤياه حتى يتبين للرائي هل عنده خلل أو لا، لأنه نوراني مثل المرآة الصقيلة ما كان للناظر إليها من حسن أو غيره تصور فيها وهي في ذاتها على أحسن حال لا نقص فيها ولا شين، فرؤيا الذات الكريمة حق والخلل إنما هو في سمع الرائي أو بصره، قال: وهذا خير ما سمعته في ذلك.
قال الطيبي رحمه الله تعالى: من رآني في المنام بأي صفة كانت فليستشر ويعلم أنه قد رأى الرؤيا الحق التي هي من الله وهي مبشرة، لا الباطل الذي هو الحلم المنسوب للشيطان فإن الشيطان لا يتمثل بي.
ذ. عبد الحميد صدوق