«من فقه الاختلاف إلى فقه الائتلاف : دراسة في تدبير الاختلاف في المجال التداولي الإسلامي»
من المعلوم ضرورة أن الخلاف كما يرى الكثير من العلماء رحمة وتوسعة على العباد شريطة أن يقع من أهله وفي محله بغية الوصول إلى الحق المبين ودفعا للباطل المهين،كما قال القائل:
وليس كل خلاف جاء معتبرا
إلا خلاف له حظ من النظر
ولولا الخلاف لما فتح باب الاجتهاد ولما تحولت الحياة عن الجماد وصارت إلى التطور واستنارة الفؤاد، والخلاف العلمي سنة حميدة وحتمية على العباد ولو أن الحق واحد، وعلة ذلك أن النصوص والأفعال والتقريرات تتناهى والوقائع والأحداث لا تتناهى، ومحال أن يقابل ما لا يتناهى بما يتناهى، وهذا مما حتم على المجتهد النظر في الأدلة واستعمال القياس وغيره من أدوات الاجتهاد، مما جر إلى علم الخلاف
وفي هذا السياق صدر كتاب بعنوان :»من فقه الاختلاف إلى فقه الائتلاف : دراسة في تدبير الاختلاف في المجال التداولي الإسلامي» للدكتور الطيب بن المختار الوزاني بمطبعة وراقة بلال – فاس‘ في 238 صفحة من الحجم المتوسط.
وقد جاء الكتاب في ستة مباحث:
المبحث الأول: مصطلح الخلاف: دلالات ومقتضيات.
المبحث الثاني: سنة الاختلاف ومقاصدها الكبرى في القرآن الكريم.
المبحث الثالث: الاختلاف: مجالات وأحكام.
المبحث الرابع: أسباب الخلاف التشريعي.
المبحث الخامس: من فقه الاختلاف إلى فقه الائتلاف.
المبحث السادس: علم الخلاف العالي: وظائف تربوية وإصلاحية.
وفي بيان أسباب التأليف يقول المؤلف: «عرفت الأمة في تاريخها نماذج راقية في الوحدة والائتلاف، ونماذج سامية في الأخوة والاختلاف، ونهجت في تدبير خلافاتها العلمية وغير العلمية على بصيرة وهدى، غير أنه ران على قلوبها ألوان من حب الدنيا، وإيثار الهوى على الإخلاص والتقوى، وعدلت عن سبيل العدل والفضل فارتكست في براثن البغي والجهل، وقطعت ما أمرت فيه بالوصل…
لذا وجب التنبيه إلى أن من واجب الوقت على الأمة ـ الآن وقبل فوات الأوان ـ فقه الائتلاف والعلم بكيفية توحيد صفوفها وجمع كلمتها على الخير والتعاون، والحرص على جمع الجهود والتكامل؛ كل من موقعه أفرادا ومؤسسات وهيئات، شعوبا ودولا ودويلات، درءا لما يحاك لها من مصائب وويلات.
فالاختلاف ليس إلا وسيلة في أصله وليس غاية في ذاته؛ ومتى أخذ على أنه الأصل والغاية ضل الناس عن سبل الهداية وركبوا مراكب الضلالة والغواية فعم الفساد وتعطلت مصالح العباد في المعاش والمعاد»