وفى بوعده.. ها قد عزم على مفاجأته بزيارة..
استأجر سيارة أجرة.. طريق وعرة.. انعدام للمواصلات.. أرض خالية بين غابات شاسعة..
لم يصدق نفسه.. يرن بداخله صوته وهو يقول له ولزملاء في الجامعة:
«لنا بيت كالقصر.. يتوسط ضيعة فلاحية كالجنة.. فيها كل أصناف الفاكهة، ومواش وطيور نادرة.. فيها نافورة ومسبح يهدر كالبحر…!»
قال له حينها:
«سأزورك إن شاء الله.. إني فلاح أعشق الفلاحة والطبيعة.. وقد أستفيد من تجربة أسرتك الفلاحية…»
قطعت به السيارة مسافة طويلة.. لم ييأس، سأل عنه كثيرا.. دله أناس على بيته..
جاءه شيخ يسعى بعربته.. رحب به وقدم له نفسه: «أنا والد فلان.. لقد قيل لي إن ضيفا يسأل عن ابنك..»
دعاه إلى كوخه.. أقسم عليه ألا ينصرف إلا بعد أن يتقاسم معه الطعام.. أكرمه أيما إكرام.. ربت عليه وقال متنهدا: «مرحبا بك بني في أي وقت.. نحن ناس على قد الحال، لكن قلوبنا أكبر من قاماتنا.. أعمل حمّالا بهذه العربة في المدينة القريبة.. أمنيتي الوحيدة أن يتعلم أبنائي كلهم في الجامعات… !»
خجل زميله حين دخل الكوخ.. احتضنه وقال له: «والله يا أخي إنك أغنى مما ذكرت.. حباك الله أبا طيبا كريما.. وأما حنونا.. وإخوة مجتهدين في دراساتهم…!»
غمغم: «أنا لست راضيا عن عيشتي هاته..»
قاطعه: «مرضاة الله عز وجل أهم.. فلْنسْعَ إليها، ولْنحْمدْه على نعمه الكثيرة.. !»
ذة. نبيلة عزوزي