الرواية الثانية:
رواية أحمد المنصوري في كتابه كباء العنبر من عظماء زيان وأطلس البربر (بتصرف طفيف).
وقعة الهري الشهيرة:
الخسائر:
كانت خسائر المسلمين تقدر بنحو ثلاثمائة شهيد، ونحو ألف من الجرحى. ونال جميع قبائل زيان حظهم فرحا وترحا، قبيلة اشقرن، وأيت سخمان، وبني مكيلد من حدود ملوية العليا، مما عده الناس كرامة.
أما خسائر الجيوش الفرنسية فكثيرة جدا، يكفي أنه لم يرجع منهم إلا الثلة من الفرسان الأولى. واشتهر على ألسنة الجواسيس التي تأتي من ناحية المعسكر أن خسائر المعسكر تقدر بثلاثة آلاف وثلاثة عشر جندي وضابط، ويقولون إن الضباط تجاوزوا المائة.
أما الخسائر المادية من المعدات الحربية والمدافع، فإنهم يتحدثون أن كل ما خرجوا به لم يرجع منه شيء، ومما قيل أنه لم يبق بمعسكر العدو إلا مدفع واحد ورشاشات.
وقد بقيت الضحايا في العراء مرتعا للنسور والذئاب، وقد ملأت المنحدرات والمرتفعات والهضاب.
وقد جرت مساومة بين محمد أوحمو وضباط من المعسكر لاسترجاع جثث الموتى التي احتفظوا بها على مال، وعلى إرجاع المأسورات من عياله فأنف من أخذ المال واكتفى بإرجاع المأسورات فقط.
وفي يوم الاثنين 18 نونبر، جاءت قوة عظيمة من المعسكر الكبير بمكناس لموقع المعركة تلتقط جثث الموتى من الشعاب والهضاب.
ولقد كان لهذه المعركة أثر كبير تجاوز الفرنسيين ذوي الإقامة بالرباط إلى سلطات باريس فتجرعوها غصة غصة، فقام مؤرخوهم يؤرخون للحادثة، وناديهم يندب الثكلى ويصف الكارثة، وعلى قدر ما طاشت بالواقعة أحلامهم جرت بمددها أقلامهم.
فكاد ذالك يؤدي لانسحابهم من منطقة الأطلس، فبات تفكيرهم في كيفية تموين معسكرهم، فاعتمدوا في ذلك على مركز واد زم، فأحدثوا الوقيعة بين المسلمين من قبائل زيان وقبائل ورديغة وبني خيران والسماعلة، لذلك كانت هذه القبائل عندما تؤمر بالنفير العام لهذا البركان الزياني تراهم يكرهون من سوء مغبة المصادمة مع إخوانهم المسلمين الذين يعتبرونهم من المجاهدين المستشهدين.
ولهول ما تكبدته جيوش العدو فلقد عمل اليوطي على محاصرة الحدث إعلاميا خوفا من انتشار روح المقاومة في جميع أنحاء المغرب على غرار ما وقع في سنة 1912 غداة توقيع صك الحماية، فقد انحسرت في الحين الكتابات والأحاديث والبيانات والشهادات سواء في المغرب أو في فرنسا.
يتبع
حسن محجوبي