عن أبي هريرة عن النبي قال: «ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله تعالى فيه ولم يصلوا على نبيهم فيه إلا كان عليهم تِرَةً، فإن شاء عذبهم، وإن شاء غفر لهم» رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
فيه أن المسلم إذا أراد الكلام في المجلس يبدأ بذكر الله تعالى ويثني بالصلاة على رسول الله ، وبذلك يكون قد ذكر الله في مجلسه، وبذلك يكون المجلس روضة من رياض الجنة، وإلا كان تِرَةً؛ قال بعض أهل اللغة: الترة هو النار.
وإذا كان المجلس كذلك حضرته النفوس الجهنمية من الأبالسة والشياطين، فتستحوذ فيه على الجالسين لتجعلهم من الغافلين.
وعنه قال: قال رسول الله : «ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله تعالى فيه إلا قاموا عن مثل جيفة حمار وكان لهم حسرة» رواه أبو داود بإسناد صحيح.
قوله: «جيفة حمار» قال في عون المعبود: أي مثلها في النتن والقذارة، وذلك لما يخوضون فيه من أعراض الناس وغير ذلك، وكان المجلس «لهم» وفي بغض النسخ «عليهم حسرة» يوم القيامة أي ندامة لازمة لهم لأجل ما فرطوا في مجلسهم ذلك من ذكر الله تعالى.(عون المعبود ج 13 ص 138).
ولهذا يجب على المسلم أن يذكر الله في مجلسه وفي مضجعه ليخرج عن صفة الغافلين، وعنه عن رسول الله قال: «من قعد مقعدا لم يذكر الله تعالى فيه كانت عليه من الله ترة، ومن اضطجع مضجعا لا يذكر الله تعالى فيه كانت عليه من الله ترة» رواه أبو داود، وقد سبق قريبا، وشرحنا “الترة” فيه.
أقول: وهي إشارة إلى نقصان الخير والفائدة في مجالس الغافلين؛ فإن الترة النقصان، وقد قال الله تعالى للذاكرين العاملين لن يتركم أعمالكم أي لن ينقصكم أجور أعمالكم.
وعن حذيفة بن اليمان أن رسول الله لعن من جلس وسط الحلقة. رواه أبو داود بإسناد حسن. وروى الترمذي عن أبي مِجْلِزَ أن رجلا قعد وسط حلقة فقال حذيفة: ملعون على لسان محمد أو لعن الله على لسان محمد من جلس وسط الحلقة. قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
والجلوس وسط الحلقة فعل المُجَّانِ قال التوربشتي رحمه الله تعالى: المراد به الماجن الذي يقيم نفسه مقام السخرية ليكون ضحكة بين الناس، ومن يجري مجراه من المتآكلين بالشعوذة انتهى.
وهكذا تكون مجالس الغافلين يتفنن أحدهم في التهريج ليملأ أفواههم ضحكا وقلوبهم غفلة.
ذ. عبد الحميد صدوق