لونوفيل أوبسرفاتور: الصراع بين تركيا وروسيا ديني تاريخي


قالت صحيفة لونوفيل أوبسرفاتور إن الصراع بين تركيا وروسيا ذو جذور دينية تاريخية عميقة.
وقدر الكاتب الصحفي الفرنسي باسكال ريشيه في عدد الصحيفة الصادر اليوم بأن التوترات التي تفاقمت حدتها بين أنقرة وموسكو منذ اسقاط الطائرة الروسية من في الرابع والعشرين في نوفمبر الماضي لن تتلاشى بمرور الوقت، بل ستزداد في المستقبل.
وأشار إلى أن الصراع الحالي بين الجانبين التركي والروسي، قد دفع بوتين إلي التلويح بتهديدات ضمنية على غرار «نحن لن ننسى إطلاقا، وسوف يندمون على ما فعلوه». مما يستوجب تحليلها من الناحية التاريخية.
وأكد ريشيه أنه من الخطأ أن نرجع هذا التوتر بين الجانبين إلي التنافس الشخصي فقط بين الزعيمين أردوغان وبوتين، إذ أن هذا الصراع بينهما ترجع جذوره في التاريخ العاصف بين الإمبراطورتين القديمتين الإسلامية والمسيحية.
وتابع: «لقد وجد بوتين أمامه فرصة جديدة لاستعادة أمجاد بلاده في مواجهة تركيا أو الدولة العثمانية القديمة، وهو ما يعد طرفة يتم تداولها في موسكو (ما دام بوتين غير قادر على بناء مستقبل روسيا، فليس أمامه سوى استعادة أمجاد الماضى).
وأضاف الكاتب الصحفي الفرنسي أن مجموعة الصراعات بين الإمبراطورية الروسية ونظيرتها العثمانية في الفترة ما بين القرنين السادس عشر والعشرين لم تغب عن الذاكرة الروسية. وخلال العديد من القرون، كانت موسكو التي ترغب في الوصول إلى البحور الساخنة (البحر الأسود وبحر قزوين)، تنهك الامبراطورية العثمانية شيئاً فشيئا، مما أسفر عن اندلاع حروب خاضها عشرات آلاف ثم مئات آلاف منذ عام 1569 في العديد من المناطق، وهي منطقة استراخان (شمال القوقاز) وأزوف (شرق البحر الأسود) وخانية القرم (شمال البحر الأسود) وأوكرانيا والبلقان.
ولفت إلى أن هذه الحروب قد ساهمت في ضعف الإمبراطورية العثمانية من أجل استعادة اسم»نيكولا الأول» الامبراطور الروسي، ومحو إهابة الغزو التركي للقسطنطينية، كما أدت إلى تعقيد العلاقات بين الروس والأتراك ونشوب منافسة بينهما.
وأشار بسكال ريشيه إلى أنه أصبح لكل إمبراطورية منهما أقلية على أرض الإمبراطورية الأخرى تدافع عنها، مما تسبب في ظهور حالات توتر، وتحالفات بين مسيحيي الأرثوذكس في الإمبراطورية العثمانية من جانب والإمبراطورية الروسية من جانب آخر، ومسلمي الإمبراطورية الروسية من جانب والإمبراطورية العثمانية من جانب آخر.
إن هذا الدعم الذي قُدم إلى الأقلية من الجانبين لا يزال مستمرا حتى يومنا هذا تحت أشكال أخرى، فموسكو كانت تدعم الأقلية الأرمنية والكردية في تركيا في الوقت الذي أقدمت فيه تركيا على الدفاع عن القضية التاتارية في القرم. أما الآن، فموسكو تدافع عن العلويين بينما تدعم أنقرة السنة والتركمان وتنتقد قيام روسيا بتطهير عرقي في شمال سوريا.
وأضاف أن روسيا تعتبر منذ فترة طويلة وريثة الإمبراطورية المسيحية للشرق التي سقطت في عام 1453 بفعل ضربات المسلمين الموجعة.
وأكد على أن موسكو تشعر دوماً بأنها أمام مهمة مقدسة تتمثل في إعادة تاريخ تلك الإمبراطورية التي سقطت أمام طموح العثمانيين المسلمين خاصة وأن هذا الصراع الروسي التركي القديم منذ القرن السادس عشر كان له تداعيات اقتصادية ودينية خطيرة على موسكو، الأمر الذي جعل فكرة طرد مسلمي القسطنطينية وإعادة هيبة الإمبراطورية الروسية حاضرة في أذهان العديد من القادة الروس منذ هذا التاريخ حتى الآن، وأمثلة ذلك الإمبراطورة كاترين الثانية ملكة روسيا التي كرست فترة حكمها للنيل من الإمبراطورية العثمانية.
وأكد الكاتب أن بوتين مهتم بهذا التاريخ، فهو لا يخفى أن هذا التوتر الحالي بين الجانبين له بعد ديني حيث أعلن بعد حادث الطائرة العسكرية الروسية أن الصراع الروسي التركي الحالي لا يتمثل في هذه الكارثة لكنه له جذور عميقة، إذ أن موسكو متأكدة من أن النظام التركي الحالي يواصل منذ سنوات انتهاج سياسة إسلامية ممنهجة. لكنه رغم ذلك لا يستطيع تجاهل العلاقات الاقتصادية الروسية التركية الكبيرة التي تعود بالنفع على بلاده.
——————
- الإسلام اليوم -قسم الترجمة- محمد بشارى

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>