ذكر وخاطرة موعظة الصباح


من الأذكار التي على المسلم أن يلظ بها ويلازمها كلما استيقظ من نومه صباحا وهو يستقبل الحياة أن يقول: «الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه النشور»(1).
هكذا يكون أول ما يستقبل به المؤمن يومه هو حمد الله والثناء عليه باللسان وإتباعه بأعمال تدل على الشكر والامتنان، ويعيد تثبيت اعتقاداته الراسخة بأن الحياة بيد الله يهبها من يشاء ويقبض إليه من يشاء، وأن هذا الإمداد في الأجل والإنساء في العمر منة عظيمة يتعين عليه شكرها ومقابلتها بالصالح من الأعمال والمرضي من الأحوال.
ثم يذكر نفسه باﻹحياء بعد الموت والبعث يوم الدين، وما يتبعه من نشر وحشر، وأخذ الصحف والوقوف بين يدي الله؛ فينظر ماذا سيقدم في يومه هذا لموقفه ذاك؛ ويسارع إلى الخيرات ويسابق إلى الجنات، ويستثمر هذه المهلة قبل أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله (الزمر: 56)؛ لأن ذلك اليوم ﻻ تنفع فيه حسرة وﻻ ندم، ولن يرجع لي عمل من الصالحات ويتدارك ما فاته وفرط فيه من القربات، وإن قال: رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت ، قيل له: كلا (المؤمنون: 99 – 100).
وعندما يتأمل المؤمن هذه الحقائق والمسلمات ويراجعها من حين لآخر فإنه يصير أكثر حرصا على اغتنام خمس قبل خمس، كما قال رسول الله :«اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك»(2).
إنه وبتمثله لهذه الحقيقة الكبرى، حقيقة البعث والنشور؛ سيجعل نفسه تحت المراقبة الدائمة والمستمرة، وسيتثبت ويراجع قلبه قبل أن يقدم على أي عمل وقبل أن يقترف أي فعل، فإن كان مما يفرح به يوم القيامة ويرجح في ميزانه سارع إليه، وإن كان من غير ذلك أحجم وتقهقر، وبذلك يفتتح المسلم يومه بمواعظ تذكره بمولاه جل وعلا وتجعله وثيق الصلة به دائم الذكر له.

عبد الرفيع أحنين
—————
1 – متفق عليه.
2 – صححه الشيخ محمد الألباني في صحيح وضعيف الترغيب، كتاب: الزهد والتوبة، رقم: 3355.

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>