الشيخ عبد الله بلمدني يحاضر بفاس في موضوع: فن الخطابة والتبليغ


في إطار برنامج استكمال التكوين ودعم الثقافة الجامعية نظمت كلية الشريعة بفاس وجمعية بادرة للتنمية والثقافة بفاس يوم السبت 28 نونبر 2015 محاضرة في موضوع: فن الخطابة والتبليغ ألقاها فضيلة العلامة عبد الله بلمدني (عضو المجلس العلمي المحلي لإقليم بني ملال).
بعد افتتاح المحاضرة بآيات من الذكر الحكيم، وبعد الكلمة الترحيبية استهل الشيخ عبد الله بلمدني محاضرته بأهمية الخطابة في عصرنا الحالي وحاجة الناس إليها ثم تناول مجموعة قضايا تتعلق أولا بمفهوم الخطابة والتبليغ من خلال وحي الله تعالى وبين الشيخ بأن المقصود من الخطابة في العنوان بأنها الخطابة الإسلامية أو الخطابة القرآنية أو الخطابة العالمية للإسلام، والمقصود بالتبليغ: تبليغ الدين للعالمين، وفي علاقة الوحي بالخطابة بين فضيلته أن من يتأمل الخطاب الإلهي يجده خطابا جامعا مانعا شاملا، يخاطب الإنسان بمجموعه وليس جانبا معينا -مثل العقل فقط أو الروح فقط أو الجسم فقط- ولا يوجد خطاب في الدنيا يجمع هذه الخصائص، فلو اجتمع الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا الخطاب، فلن يستطيعوا إلى ذلك سبيلا.
وفي قضية أسس الخطاب الإسلامي وخصائصه ركز الشيخ على ما يلزم الخطيب التحلي به من خصال ومحامد وصفات أهمها:
• الربانية: فلا يمكن لإنسان أن يتحدث بلسان الدعوة ويبلغ عن رب العالمين أن لا يكون متصفا بصفات الربانية، التي تقتضيه منه أن يكون عبدا لله حقا وصدقا ومتصفا بالإخلاص والصدق في الطاعة.
• التفاعلية: أي حرارة الصدق في الخطاب بأن يكون قلبه ينبض بفكرته ويعيش معها ويتفاعل مع محتوياتها، وإلا كان كلامه بارداً.
• المحبة: إذ لا يمكن لإنسان أن يُبلغ الخطاب الرباني إلا عن طريق الحب، فينبغي إرسال أشعة الحب إلى القلوب، وهناك لغة تسمى بلغة القلوب، فإذا خلا الخطاب منه أصبح جافاً، وإن كان المخاطب يخالفنا في الدين.
• الهمة: لأن رجلا ذي همة يحيي الله به أمة، وقد شدد الشيخ على هذه النقطة لما لها من أثر مع الخصال الأخرى في نجاح الخطيب في تبليغ الدين وتصحيح الأفهام وترشيد السلوك.
ومن جهة أخرى لفت الشيخ المحاضر إلى أهمية اتصاف الخطاب بصفات المصداقية والواقعية: أي التحدث عن واقع الناس وأمراضه وما يلزمه من حلول قريبة المأخذ، ثم التفاعلية: أي تفاعل النبرة الصوتية، فقد يكون المضمون مهما ولكن لا يحرك شيئا في النفوس لأن الخطاب لم تصحبه حيوية صوتية وحركية تبرز قوة التفاعل والتجاوب مع مضامين الخطبة، إلى جانب توكيده على أهمية التزام منهج التوازن في الخطاب وذلك بالجمع بين الترغيب والترهيب، والجمع بين الوعد والوعيد، وبين المصالح والمفاسد، والجمع بين الجهة التي تشجع الإنسان والجهة التي تخيفه، ومراعاة التدرج في الخطاب والتبليغ ومراعاة أحوال المخاطبين: فليست مخاطبة المثقف كمخاطبة غيره، وليس مخاطبة الكبير كمخاطبة الصغير، فلكل مقام مقال، ولكل خطابه وأسلوبه الذي يناسبه ويليق بمقامه.
أما عن الوسائل التي التي يحتاج إليها في فن الخطابة والتبليغ فقد أكد الشيخ بلمدني على ضرورة التروي من القرآن والسنة وعلومهما، والتضلع وقائع السيرة النبوية وفقهها، إلى جانب الاطلاع على خطابات أعلام الصحابة والوقوف على ظروفها وملابساتها وأسلوبها في البيان والبلاغ، كما لم يفته توكيد أهمية اكتساب الملكة العلمية والثقافة الواسعة بشتى العلوم والمعارف التي يحتاج إليها في هذا المجال.

أحمد الجناتي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>