رحلت في صمت كما عاشت في صمت…
رحلت إلى دار البقاء الرائدة الأديبة الباحثة والمربية الفاضلة الدكتورة آمنة اللوه، يوم عيد الفطر 1436 هـ, 28 يوليوز 2015 بتطوان…
مثقفة وازنة وباحثة علمية رصينة، رائدة وهبت حياتها للقلم والبحث العلمي الرصين، ولعبت دورا هاما في النهضة الأدبية المغربية..
رائدة في مجال التربية والتعليم، ناضلت من أجل تعليم المرأة المغربية وتحريرها من الجهل والأمية …
رائدة في الحركة الوطنية، جاهدت بقلمها وفكرها من أجل استقلال وطنها ووحدته…
رائدة إعلامية، عبر برنامجها الإذاعي ” فتاة تطوان تخاطبكم..” الذي كانت تبثه إذاعة جبل درْسة بتطوان…
- ترجمة الكاتبة: دة / آمنة اللوه:
هي آمنة بنت عبد الكريم بن الحاج علي اللوه (1)، أديبة مغربية تنتمي إلى أسرة اللوه الشهيرة بقبيلة بَقَّيوة وسائر قبائل الريف..(2)
ولدت بمدينة الحسيمة سنة 1325هـ/1926م، وبها تلقت تعليمها الأول في الكُتّاب.. ثم انتقلت مع عائلتها إلى تطوان، حيث تأُسست أول مدرسة خاصة بالبنات (المدرسة رقم 1) انتسبت إليها، وبعد ثلاث سنوات حصلت على الشهادة الابتدائية، وكانت هي الأولى في دفعتها، ثم التحقت بقسم ثانوي تكميلي، ثم بمدرسة المعلمين وكانت الأولى أيضا في دفعتها..
تميزت المسيرة العلمية للكاتبة بالتفوق، حيث إنها احتلت المرتبة الأولى في:
الشهادة الابتدائية.
شهادة التخرج من مدرسة المعلمات بتطوان.
شهادة الإجازة ( الليسانس) من جامعة مدريد قسم علوم التربية والفلسفة والأدب. وهي أول فتاة مغربية تحصل على هذه الشهادة.
شهادة دكتوراه الدولة في الآداب من جامعة مدريد سنة 1978 وهي أول مغربية تحصل على هذه الشهادة.
أول مفتشة مغربية.
أول كاتبة مغربية تصدر رواية وتحصل على جائزة المغرب، عن روايتها “الملكة خناثة” عام 1954.
- أما عن مسيرتها العملية، فقد تقلبت في الوظائف التالية:
معلمة في التعليم الابتدائي، مدرسة البنات رقم 1 في تطوان، ثم مديرة لها، وهي أول مديرة مغربية لمدرسة.
أستاذة في التعليم الثانوي، بثانوية خديجة أم المؤمنين بتطوان.
أستاذة بمدرسة المعلمات بتطوان.
مديرة المعهد الثانوي بتطوان.
مفتشة التعليم الثانوي بالرباط، بعد انتقالها بعد الاستقلال سنة 1959 إلى الرباط..
أستاذة باحثة بمعهد التعريب بالرباط.
مكلفة بمهمة بوزارة الثقافة.
أستاذة باحثة بالمعهد الجامعي للبحث العلمي بالرباط.
مشاركة في ندوات أكاديمية المملكة المغربية بصفة خبيرة.
مذيعة في إذاعة درْسة بتطوان سنة 1946،حيث كانت تقدم كل أسبوع برنامجها ” فتاة تطوان تخاطبكم” / أو حديث الخميس.. تنوعت مواضيعها بين المجال الاجتماعي خاصة تعليم المرأة وتوعيتها.. والمجال الوطني، حيث كانت تعمل على التعبئة الوطنية ضد الاحتلال…
شاركت في المؤتمر النسوي العربي المنعقد في دمشق في شتنبر 1957 مع الأميرة عائشة (3)، كما شاركت في عدة مؤتمرات وندوات ومحاضرات ..(4)
- نماذج من كتاباتها:
بدأت الكتابة سنة 1946/1947، ولعل أول ما نشرت حسبما صرحت به إلى ذات مكالمة هاتفية مقالة “نحن والتعليم” في مجلة الأنيس بتطوان، سنة 1946، باسم مستعار ” فتاة الريف”…
- نشرت مقالاتها وأبحاثها العلمية الرصينة في صحف ومجلات مغربية كمجلة المعتمد والأنيس والأنوار وجريدة الريف بتطوان، ودعوة الحق والإيمان ومجلة البحث العلمي والثقافة المغربية وجريدة الصحراء المغربية بالرباط وجريدة المحجة بفاس وغيرها…
- كما ترجمت من الإسبانية إلى العربية أبحاثا علمية عديدة، منها:
حول استراتيجية النبأ عند المغاربة: (فصول مترجمة من كتاب Tres Sultanes a la profia de un reino للكاتب الصحفي الإسباني أنريك أركيس/مجلة البحث العلمي /الرباط ع 42/السنة 28/1414هــ 1515هـ/ 1994 ــ 1995/ ص141
نصوص إسبانية حول المغرب في القرن السادس عشر: كتاب الراهب خوان بوستيتا عن مولاي عبد الملك / تقديم وتعليق: مرسي دسغرثيا أرناك/ تعريب: دة آمنة اللوه/ مجلة البحث العلمي/ العدد34/ -1404 1405هــ/ 1984 – 1985 / ص113
فصول من كتاب (جولات بالمغرب) للرحالة الإسباني المعروف ببديع العباسي ( مخطوط ).
قرارات المجمع الكاثوليكي ودورها في الطرد النهائي للموري سكوس ( مخطوط)
قضية العرائش:من خلال كتاب: “LARACHE” لطوماس غرثيا فيغيراسكار لوسرودريغث خوليا/ منشورا يباع في مجلة البحث العلمي / الرباط / من العدد27 (1977) إلى العدد 28 (يوليوز 1977)
- إضافة إلى عدة مخطوطات لم تنشر بعد.. نأمل أن تتولى وزارة الثقافة نشرها، باعتبارها تمثل إرثا فكريا وطنيا….
-الجوائز والأوسمة التي حصلت عليها:
جائزة المغرب الأدبية من حكومة الشمال لسنة 1954 عن روايتها” المكلة خناثة”.
الوسام المهدوي من حكومة الشمال.
وسام العرش من درجة فارس لسنة 1988.
أنشطتها الثقافية والاجتماعية:
ساهمت بفعالية في نشر التعليم النسائي بشمال المغرب من خلال التدريس والأحاديث الإذاعية والمحاضرات والندوات..
تبنت قضية المرأة والدفاع عن حقوقها منذ نعومة أظفارها…
عضو في الوفد النسوي برئاسة الأميرة عائشة كريمة محمد الخامس في مؤتمر الاتحاد النسائي العربي المنعقد بدمشق سنة 1957، وهو أول مؤتمر تشارك فيه المرأة المغربية خارج الوطن..
عضو في عدة لجان للتعليم، منها اللجنة الملكية لإصلاح التعليم لقاء المعمورة الشهير.
انتدبت للقيام بمهمة دراسة لدى المدرسة المركزية للغات بمدريد، ومراكز أخرى مماثلة بتاريخ يناير 1970، وذلك من أجل الاطلاع على الأساليب الجديدة لتعليم اللغة للأجانب..
شاركت في عدة ملتقيات علمية وندوات ثقافية ودينية، بعضها ألقيت في مسجد السنة بالرباط في ذكرى رحيل بطل التحرير محمد الخامس..
عضو نشيط في العمل الخيري والاجتماعي في جمعية الانبعاث، ثم جمعية المواساة لرعاية اليتامى بالرباط، رفقة صديقتها مالكة الفاسية رحمهما الله…
في 1987، أوقفت بيتها الكبير في طنجة، مركز الدراسات القرآنية والبحث العلمي والعمل الخيري الإنساني ( جمعية التوعية الإسلامية)… وكانت ترعى بنفسها هذا المشروع العلمي والإنساني إلى أن توفاها الله…
وردت ترجمتها في عدة كتب ومجلات وصحف منها:
المعسول/ العلاّمة المختار السوسي / الجزء الثاني/ ص320
علام المغرب العربي/ عبد الوهاب بن منصور/ الطبعة الملكية/ 1399هــ 1979
معجم المطبوعات المغربية/ إدريس القيطوني/ مطابع سلا/ 1988 / ص312
مجلة الأنيس/ ع 96،عند تقديمها ترجمة للكاتبة بمناسبة فوزها بالجائزة الأولى عن روايتها “الملكة خناثة ” سنة 1954
آمنة اللوه: امرأة السنة والسنون/ د.عبد اللطيف شهبون/ جريدة الشمال/ ع507 / دجنبر2009 / ص13
- بعض الشهادات في حقها:
- يقول عنها حموها العلاّمة سيدي المختار السوسي: رحمه الله (وقد كانت زوجة أخيه الأديب الشاعر إبراهيم الإلغي رحمهم الله جميعا): “أتاح الله للمترجم (يعني إبراهيم الإلغي) سيدة عالمة لا نظير لها في فتياتنا … ولإلغ أن تشمخ بأن أعلم آنسة مغربية في فجر نهضتنا أضيفت إلى إلغ، وأضيفت إلغ إليها”(5)
- أما المؤرخ د. عبد الوهاب بن منصور فيخصها بالشهادة التالية:
“.. الحديث عن النموذج الأول للمرأة الكاتبة المتعلمة في المغرب هو ابن المنطقة الشمالية، بل ويكاد يكون رائد النهضة الأدبية النسائية في المغرب، وأعني به الأستاذة الباحثة آمنة اللوه، إحدى رائدات التعليم في فترات الاستعمار الإسباني للمنطقة الشمالية، وهي بقدراتها العلمية والأدبية تمثل بحق قدرات المرأة المغربية وطموحاتها وتوجهاتها في فترة عصيبة من تاريخ المغرب، وبعدها في فترات الاستقلال إلى اليوم ” (6)
- وفي شهادة لأستاذنا د. عبد اللطيف شهبون حفظه الله قوله:
” خلال عقود ظلت هذه المرأة الشمالية الريفية مشدودة إلى عالمها الأثير، عالم الكتابة الذي اختارته ملاذا وسلوانا.. وسبيلا إلى البث والبوح.. وما زالت مخلصة له حفظها الله برؤية ونفس صوفيين يقومان على إيمان بأن الدنيا حلم.. والآخرة يقظة.. وما بينهما موت.. ونحن في أضغاث أحلام” (7)
عالمة داعية عاشت رحمها الله في صمت.. بعيدة عن الأضواء والبهرجة..أذكر أنني اتصلت بها -بطلب من أستاذتي الدكتورة سعاد الناصر- لتكريمها في إطار أنشطة فرقة البحث في الإبداع النسائي بكلية آداب تطوان سنة 2011 .. فرفضت رفضا قاطعا.. وقالت لي بكل تواضع: “ما أنا إلا تراب.. لا أريد التكريم في هذه الحياة إلا من الله عز وجل…”
كرّمك الله عز وجل وأكرمك بالفردوس الأعلى مع سيدنا محمد [ .. وجعل علمك وعملك صدقة جارية عليك…
اللهم ارحمها رحمة واسعة.. إنا لله وإنا إليه راجعون…
ذة. نبيلة عزوزي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1 )أعلام المغرب العربي/ عبد الوهاب ابن منصور/ الطبعةالملكية / 1399 هــ 1979/ ص15
(2) المعسول / ص 322 /ج2/ العلامة المختار السوسي
(3)معجم المطبوعات المغربية/ إدريس القيطوني/ مطابع سلا/ 1988 / ص312
(4) أعلام المغرب العربي/ عبد الوهاب ابن منصور/ الطبعة الملكية / 1399 هــ 1979/ ص15
(5) العلامة المختار السوسي/ المعسول/ الجزء 2 / ص 320
(6) عبد الوهاب بن منصور/ أعلام المغرب العربي/ ج1 / ص 15
(7) د/ عبد اللطيف شهبون/ جريدة الشمال/ ع 507 / الثلاثاء 22 إلى 28 دجنبر 2009
إشارة: بحث شهادة الدراسات الجامعية العليا للكاتبة كان حول الرائدة دة. آمنة اللوه رحمها الله…