قرأت لكم – من ذاكرة المغرب المقاوم بمناسبة ذكرى معركة لهري “13 نونبر 1914″


من منا لم يسمع عن ذلك الرجل الشهم، بطل المقاومة بالأطلس المتوسط، حيث هناك زاوية تدعى زاوية اسحاق، كانت مركز إشعاع ديني كبير، وقد بلغ عدد الطلبة الذين درسوا بها كتاب الله حوالي أربعين ألفا، ومما قيل أن السلطان مولاي رشيد درس بهذه الزاوية. ومن الآثار الشاهدة بها مسجد كبير، يبلغ علو صومعته 18 مترا. (مجلة France Maroc 11 novembre1920).
إنه المجاهد موحا أوحمو الزياني نسبة إلى قبائل زيان بمنطقة خنيفرة، إنه أسد المقاومة الذي أعيا الفرنسيين وجيشهم المدجج بأحدث الأسلحة الفتاكة، فكان مصدر قوته الإيمان بالله وحده هو ومن معه من الجنود الأشاوس.
ومما قاله العدو عنه في هذا السياق: “لم يجد موحا أوحمو أدنى صعوبة في إقناع زيان بأن الله غاضب على وجود النصارى بخنيفرة، وإنه في انتظار انسحابهم المرتقب، فإن واجب كل مسلم هو إقامة حراسة مشددة حول ثكنة خنيفرة وجميع المراكز الأخرى، استعدادا لللإنقضاض عليهم، عندما يأذن الله بذلك (من كتاب معركة لهري، د. محمد بلحسن، ص93).
فكان لزاما أن يصاحب سلاح الإيمان الأخذ بالأسباب وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم الآية حيث إن المجاهدين كانت لديهم أسلحة بالية، يعود تاريخها إلى القرن التاسع عشر، أوعلى قطع حديثة استطاعوا شراءها بأموالهم الخاصة، عن طريق التهريب، فلما بدأ الجهاد عمل القائد على تسليح زيان، معتمدا على ما كانت المقاومة تغنمه من أيدي أعدائها الإستعماريين، وهكذا لم يتعرف الزيانيون على البنادق الحديثة، إلا باحتكاكهم مع القوات الفرنسية وفي كتابه: TRENTE ANS DE BAROUD أورد بولو شهادة لا تحتاج إلى تعليق “هؤلاء المردة المغاربة كانو يتسللون تقريبا كل ليلة إلى المعسكر الفرنسي، “فيسرقون” منه البنادق بعد قتل الحراس، كانو يتسللون إلى داخل المعسكر عراة؟، بعد أن يطلوا أجسامهم بشحم ابن أوى، الذي لرائحته خاصية تخدير الكلاب، ولم يكن للواحد منهم سلاح سوى خنجر حاد. لا يحدثون بحركتهم أكثر مما تحدثه عادة ورقة يابسة في الريح، فلا أحد منهم يراهم، ولا أحد يسمعهم، وينجحون دائما تقريبا في أعمالهم”.
ويضيف لوبريفوست: “هنا في خنيفرة، تعرف المحاصرون على جرأة وحيلة هؤلاء الأشرار والذين كان همهم الوحيد أولا وقبل كل شيء هو التزود -على حساب المحتل–بأسلحة عصرية… كانو يتسللون ليلا إلى داخل المعسكر المكون من آلاف الرجال، فيذبحون الحراس سرا، ويقطعون الأسلاك الشائكة بكل هدوء كما كانو يتوغلون تحت الخيام ليسرقوا البندقية المربوطة مع ذلك في معصم رجل، ويسرقون مع ذلك حتى الخيل والشعير”.
وقد أشاد الجنرال كيوم -الذي كان وقتها شابا، شارك في معارك الأطلس- رغما عن أنفه،بشجاعة المحارب بهذه المنطقة صراحة حيث قال: “إن استهانته بالموت كان يقوي كبرياءه… إنه محارب لا مثيل له… المتفوق بلا شك في أفريقا الشمالية” (من كتاب معركة لهري، د. محمد بلحسن، ص94 وما بعدها).
والخلاصة من هذه السطور… هي ذلك الأثر الشائع “اطلب الموت بعلم وبحق تأتيك الحياة والعزة والكرامة” إن في ذلك لعبرة لمن يخشى”.

حسن محجوبي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>