يواظب وزوجه على العمرة كل رمضان جماعة مع أصدقائه…
وهو يتأهب للسفر، اعتذر لهم… ألحوا عليه .. حاولوا معرفة السبب دون جدوى..
غضبوا منه.. قاطعوه… سعى إلى وصلهم سعيا …
احتجوا غاضبين : “ليس عندك كلمة.. كنت قائدنا في كل عمرة.. لكنك خذلتنا مرتين! ”
حاول التهرّب من ذكر السبب طويلا.. لكنه وجد نفسه مرغما على ذلك… قال:
في السنة الأولى:
ذات سفر، توقفت في الطريق.. طلبت ماء لأتوضأ.. قيل لي: نحن نكاد نموت عطشا.. أقرب بئر مالح ماؤه، يبعد عنا كيلومترين.. وللشرب، نقطع راجلين مسافة طويلة لنستقي ماء ملوثا لا نشربه إلا بعد تصفيته وغليه…
تيمّمت حينها لأصلي وأنا أبكي.. وقررت أن أحل تلك المعضلة هناك..
استعنت بشركة متخصصة…
كان الماء بعيدا عن تلك القرية.. عميقا في أرض صخرية…
لم يكفني المال.. فقررت بيع تذكرتَيْ سفر عمرتنا ـ أنا وزوجتي ـ وأتممت بحمد الله مشروعي..
أما في السنة الثانية:
فقد أتتنا مساعِدة في بيتنا.. على قدر من الخلق والأدب.. لكن نوبات بكاء اعترتها بعد ما يقرب من شهرين.. وحين ألححنا عليها لمعرفة السبب.. قالت: ” سيبدأ الموسم الجامعي بعد أيام.. وأنا طالبة مجدة.. لن استطيع السفر لمتابعة دراستي، لأنني قررت العمل لإجراء عملية جراحية لأبي..! ” ، فرأينا أن إنقاذ مستقبل هذه الفتاة رهين بإنقاذ حياة أبيها…
أطرقوا رؤوسهم إكبارا له, وخجلا من أنفسهم.. وكل واحد منهم يتساءل بداخله: ” ترى أأعتمر كل رمضان أمْ أفرّج عن الآخرين كُربهم..؟! “