برحاب كلية الشريعة وكلية الطب وخلال يومي الجمعة والسبت 29 و 30 ماي 2015، نظمت كل من جامعة القرويين وجامعة سيدي محمد بن عبد الله الأيام العلمية المشتركة الأولى في موضوع: “التغذية بين الطب والفقه والواقع المعاصر” وقد تناولت الندوة ثلاثة محاور كبرى : المحور الأول : التغذية من المنظور الطبي. المحور الثاني : التغذية من المنظور الشرعي. المحور الثالث : في التراث الحضاري الإسلامي. وقد ضم كل محور عروضا علمية عالجت جانبا من الجوانب العلمية والطبية والشرعية في بعدها الفقهي والأصولي والمقاصدي وكذا الجوانب القانونية والاقتصادية والتراثية. وقد تناولت الكلمات الافتتاحية أهمية الموضوع وقيمته العلمية والواقعية والحاجة العاجلة والشاملة لمدارسة إشكالاته خاصة أن المغرب مقبل على إنشاء مدونة الاستهلاك. ويمكن تلخيص الكلمات الافتتاحية على الشكل الآتي :
> > الدكتور محمد الروكي (رئيس جامعة القرويين) : بين في كلمته الافتتاحية أهمية هذا الموضوع العلمية والشرعية وراهنيته، فمن حيث الجانب الشرعي بين أن التغذية تدخل في الاهتمامات الكبرى للشريعة الإسلامية أحكاما وقواعد ومقاصد لأن الغذاء باب من أبواب حفظ الصحة التي هي باب من أبواب حفظ النفس الذي يأتي في المرتبة الثانية من مراتب الكليات الخمس الضرورية التي هي قوام الشريعة وأساسها لذلك فقد فصلت الشريعة الإسلامية القول في الغذاء فميزت بين الأغذية المشروعة والممنوعة، جلبا للمصالح ودرءا للمفاسد وحفظا لحياتهم، كما أبرز أن القرآن الكريم والسنة النبوية يتضمنان التوجيهات السديدة والمنهج الغذائي الأمثل النافع والباني، كما شدد على أهمية تناول هذا الموضوع من زوايا مختلفة يلتقي فيها تصور الأطباء وحكم الفقهاء وإمداد العلماء.
> > الدكتور عمر الصبحي (رئيس جامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس ) أكد أن موضوع التغذية :بين الفقه والطب والواقع المعاصر موضوع هام لأن التغذية أصبحت اليوم تطرح إشكالات متنوعة صحية وفقهية وتراثية واجتماعية وقانونية واقتصادية وغير ذلك مما يفرض معالجة متعددة التخصصات وهي التي تبنتها هذه الندوة وحاولت السير عليها، كما تأتي أهمية الموضوع في سياق عالمي أصبح فيه العالم عرضة لكثير من الانحرافات الغذائية قد تكون عواقبها وخيمة على صحة الإنسان في ظل استمرار سوء التغذية بالنقصان أو الزيادة أو بتركيب مواد ومكملات اصطناعية من أجل تحسين الذوق أو المطبخ أو الاحتفاظ بالتغذية وحمايتها من الفساد. إضافة إلى هذا أصبحت الأرض عرضة لاستعمال كثير من المبيدات المضرة، فضلا عن البيوتكنولوجيا التي أصبحت تتحكم في كثير من أنواع الأغذية بحسب حاجيات السوق. وهكذا خلص إلى توكيد أن مثل هذه الإشكاليات المتنوعة تتطلب بالفعل معالجة من زوايا متعددة التخصصات وتكون عميقة وشاملة.
> > الدكتور حسن الزاهر (عميد كلية الشريعة بفاس) : انطلق في بيانه لأهمية هذا الموضوع من كونه يتصدى لإشكالية من الإشكاليات الكبرى التي يعيشها عالمنا المعاصر وهي أزمة النظام الغذائي المعاصر الذي يشهد تعقيدا متزايدا وصعوبات قانونية وصناعية وطبية واقتصادية تتطلب تدخل أطراف عديدة لبلورة رؤية سليمة في هذا الجانب من أجل التوصل إلى الحلول التي يتطلبها الموقف من أجل خدمة الوعي وتأصيل ثقافة الاستهلاك والوعي الاستهلاكي، كما أكد أن النظام الغذائي الإسلامي أثبت نجاعته وأصبح كثير من المنظمات العالمية مستعدة لتبنيه والدليل على ذلك ما أثبته هذا النظام من القدرة التنافسية عندما فتحت التجارة في الأطعمة الحلال في كثير من البلدان الغربية حيث أصبح الإقبال منقطع النظير على هذا المنتج الغذائي الإسلامي وبالتالي يمكن للنظام الغذائي الإسلامي أن يقدم كنموذج يحتذى به في الدول الغربية.
> > الدكتور محمد يسف (الكاتب العام للمجلس العلمي الأعلى) : انطلق من القول من أن موضوع الغذاء والتغذية موضوع حيوي ومركزي في اهتمامات الإنسان منذ القديم، وأبرز أن الإسلام عني عناية خاصة بالنظام الغذائي، ويحتل الصدارة الكبرى، كما نوه بالتعاون المشترك بين الجامعتين في معالجة القضايا المتعددة الأبعاد التي تحتاج فعلا إلى تكامل الرؤية العلمية والإيمانية. ونوه من جهة أخرى بهذا التعاون بين الجامعتين وبهذا الانفتاح على مثل هذه القضايا العلمية الشائكة.
> > العلامة عبد الحي عمور (رئيس المجلس العلمي المحلي لفاس) : حيث بين أن موضوع التغذية موضوع يتقاطع فيه ماهو اجتماعي واقتصادي وعلمي وطبي وشرعي، معتبرا أن العادة جرت في معالجة كثير من القضايا بالاقتصار على الأبعاد الأخرى دون البعد الشرعي، ونوه في هذا السياق بالتعاون المشترك بين جامعة القرويين وجامعة سيدي محمد بن عبد الله، لأن هذا الموضوع لابد فيه من تلازم المعالجتين العلمية والشرعية، باعتبار أن القيم الأخلاقية تتصل بكل أنشطة الإنسان الاقتصادية والعلمية والاجتماعية، كما بين أن وظيفة الإنسان هي إعمار الأرض وأن هذا الإعمار لا يمكن الاستغناء فيه عن العمل والإنتاج والعلم، والإنتاج والعلم لابد لهما من الاهتداء بالقيم الخلقية والشرعية. ولهذا يجب استغلال نتائج العلم ومكتشفاته في تحقيق مصالح الإنسان والاكتفاء الذاتي في المجال الغذائي، كما بين من جانب آخر توازن الرؤية الإسلامية للإنسان عقلا وروحا وجسما وبالتالي فإن المسألة الغذائية تحتل مكانة كبيرة في الإسلام لا يمكن تحقيق التنمية المنشودة دون استحضار هذه الأبعاد متكاملة.
> > الدكتور عادل الإبراهيمي (عميد كلية الطب والصيدلة ورئيس اللجة التنظيمية للندوة) : قدم كلمة بين فيها أهمية موضوع الندوة لكون التغذية موضوعا يحتاج إلى تظافر جهود علماء الشرع والفقه والقانون والطب ومختلف المتخصصين، بقصد استنباط ما وقع عليه الإجماع بخصوص السلبيات أو الإيجابيات لتعميم الفائدة وخدمة المجتمع انطلاقا من رؤى متعددة لا شك أنها ستسهم في بلورة تصور مفيد. وتجدر الإشارة إلى أن هذا الملتقى تزامن مع تدشين مسجد كلية الشريعة الذي أسهم في بنائه أحد المحسنين، وبني على الطراز المعماري لجامع القرويين وقد أشرف على تتبع بنائه الدكتور مصطفى بنحمزة رئيس المجلس العلمي بوجدة وفاء منه للكلية التي درس بها، وبالمناسبة قدم فضيلته درسا افتتاحيا بالمسجد بيَّن فيه دور المسجد في التربية على قيم الوسطية والاعتدال والتوازن في عالم أصبح مضطربا بالصراعات الايديولوجية.
< إعداد : د. الطيب الوزاني