إلى أن نلتقي – وينشَــأُ ناشـئُ الفتيــانِ منـّا علـى ما كـان عـوَّدَه أبـــوه


حينما نربي ناشئتنا على قيم الأمانة والصدق والوفاء والإخلاص وغيرها من مكارم الأخلاق، نرى العجب العجاب فيهم ومنهم… جدّية، عمل دؤوب، تفان في الاجتهاد… وما شئت من الأعمال والصفات التي تكشف فعلاً براءتهم الفطرية، وصفاءهم الموهوب، حيث توافق التربيةُ السلميةُ الفطرةَ البريئةَ، فيصدق فيهم قولُ الرسول عيانا: «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ، أَوْ يُنَصِّرَانِهِ، أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُولَدُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ، هَلْ تَجِدُونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ».
وحينما نربي ناشئتنا على خلاف ذلك ونعودهم على الكذب والغش والغدر والنفاق وغير ذلك من مساوئ الأخلاق، نرى العجب العجاب أيضا، تكاسل، تواكل، عُدوانية… وما شئت من الأفعال والصفات التي لا تتناسب وبراءتهم ولا تتماشى وفطرتهم، ومن ثم يبدأ التنافر بَيْن ما فيهم من الفطرة الآدمية السليمة، وبين ما يرغب فيه مُرَبُّوهم أن يُعوِّدوه عليه، فيبدأ الانحراف المبكّر والشذوذ عن مكارم الأخلاق، فتصدق فيهم قصة ذلك الولد العاق الذي أخرج أباه من البيت وجَرَّه من رجله مسافة بعيدة دون أن يتكلم الأب بكلمة. فلما أوصله إلى مكان معين قال له الأب مستعطفا: حسبك يابنيّ! فقال له الابن متعجبا: ولِمَ لَمْ تطلب مني ذلك طوال هذه المسافة التي جررتك فيها؟ فقال له الأب: لأني جررت أبي أنا أيضا من البيت إلى هذا المكان، وأحسب أني قد أخذت جزائي… ومن ثم يصدق على هذه الحالة قول المصطفى : «بَرُّوا آباءَكُمْ تَبَرُّك