أسباب الـميراث وشروطه وموانعه


قال الشيخ محمد باي بلعالم رحمه الله:
أسبابه ثلاثة قد تحســـب
وهي نكاح وولاء نســــــــــب
شروطه ثلاثة أيضا أتت
موت لموروث موانع خلــــت
ثالثها وجود وارث لدى
وفاة موروث ولو حملا بـــــدا
ثم الموانع أتت مسطورة
في سبعة عندهم محصـــــورة
عش لك رزق رمزها فالعين
لعدم استهلال ثم الشيـــــــــن
للشك في السابق واللام أتى
للعن والكاف لكفر يا فتــــــــى
والراء للرق وزاي للزنا
والقاف للقتل حمانا ربنـــــــــا
الدرة السنية فيما ترثه البرية. الشيخ محمد باي بلعالم إمام ومدرس بأولف ادرار الجزائر
أولا: توثيق النص:
هذه الأبيات من الأرجوزة المسماة “الدرة السنية فيما ترثه البرية”. للمرحوم الشيخ محمد باي بلعالم الجزائري المالكي . وله عدة كتب من بينها شرح على نظم لمختصر خليل. وتتكون هذه الأرجوزة من مائة وستة وثلاثين بيتا. تتناول أحكام المواريث الفقهية وبعضا من القسم العملي.
ثانـيا : المضامين:
1 – أسباب الإرث (البيت الأول) وهي الزواج والولاء والنسب أي القرابة.
2 – شروط الإرث (البيت الثاني والثالث) وهي : موت المورث. – خلو الوارث من مانع من موانع الإرث – وجود وارث حي أثناء موت مورثه ولو كان حملا.
3 – موانع الإرث: (البيت الرابع والخامس والسادس والسابع) وهي سبعة مجموعة في”عش لك رزق”.
ثالثــا: التحليــل:
للإرث أركان تحققه وتوجده، وأسباب تقتضيه وتستلزم وجوده، وشروط يتوقف عليها، وموانع تمنعه بعد تحقق أسبابه وشروطه.
فثبوت الإرث : متوقف على تحقق أركانه، وشروطه، وسببه، وانتفاء موانعه.
< أركان الإرث:
تعريف الركن:
الركن في اللغة: الأساس، والجانب الهام الأقوى، والجزء المكون للماهية ومنه قوله تعالى: {أَوَ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيد}(هود: 80). ويجمع على أركان.
وهو في الاصطلاح الشرعي: ما توقف غيره عليه انعداماً لا وجوداً، وكان داخلَ الماهية، كالقراءة للصلاة.
أركان الإرث ثلاثة هي:
1 – المورث: وهو المتوفى – حقيقة أو حكما – الذي يبحث في تقسيم ما تركه من الأموال.
2 – الوارث: وهو القريب المستحق لما تركه المورث.
3 – التركة: وهي الأموال التي تركها المورث بعد وفاته، مما يستحق التوزيع على الورثة.
فإذا انعدم ركن من هذه الأركان الثلاثة، انعدم الإرث أصلا.
< أسباب الإرث:
تعريف السبب: السبب في اللغة الحَبل، وكل ما يتوصل به إلى الشيء فهو سبب له، وجمعه أسباب.
وهو في اصطلاح الفقهاء ما ارتبط غيره به انعداماً ووجوداً، وكان خارج الماهية، كدخول الوقت لوجوب الصلاة.
وأسباب الإرث ثلاثة، هي:
1 – النكاح: والمراد به هنا العقد الصحيح، سواء أحصل بعده دخول أو لا، وعلى هذا، فلا توارث بسبب العقد الفاسد، وإن حصل بعده دخول، ولا توارث أيضاً بسبب الدخول بشبهة، ومن باب أولى أن لا توارث بسبب العقد الباطل أو الزنا، وذلك باتفاق الفقهاء.
فإذا طلق الرجل زوجته ثم مات، فإن كان الموت بعد انقضاء عدة الزوجة فلا توارث بينهما، لانقضاء النكاح بالكلية، ويستوي هنا الطلاق الرجعي، والطلاق البائن، والفسخ.
وإن كان موت أحدهما أثناء عدة المرأة، فإن كان الطلاق رجعياً وجب التوارث بالاتفاق، لأن الطلاق الرجعي لا يقطع الزوجية إلا بانقضاء العدة، وذلك لإمكان عودته إليها بدون عقد جديد.
وإن كان الطلاق بائناً، أو فسخاً لم يتوارثا، وإن كانت الزوجة في العدة بعد، لأنهما قاطعان للزوجية من حين الطلاق أو الفسخ.
هذا مذهب الجمهور، وذهب الحنفية إلى أن الزوج إذا طلق زوجته طلاقاً بائناً، ومات وهي في عدتها بعد، فإن كان فارّاً بطلاقها من الإرث، رد عليه قصده، ووجب لها الإرث، وإن كان غير ذلك، لم يجب لها شيء من الإرث، لانقضاء الزوجية، ويكون الزوج فارّاً إذا طلقها في مرض موته، بغير طلب أو رضى منها.
2 – النسب: وهو القرابة الحقيقية، سواء أكانت قرابة ولادة، كالأصول والفروع، أو قرابة حواش، كالإخوة والأعمام والأخوال…
3 – الولاء: وهو نسب حكمي ناتج عن عقد أو عتق، لقول النبي [ : (الولاء لحمة كلحمة النسب).
والولاء على قسمين، ولاء عتاقة وولاء موالاة، وقد اتفق الفقهاء على الإرث بولاء العتاقة، أما ولاء الموالاة، فقد ذهب إلى سببيته للإرث الحنفية، وخالف الجمهور، وذهبوا إلى نسخه وإلغائه، وعدم جواز الاحتجاج به، في أي من الأحكام الشرعية، ومنها الإرث.
< شروط الإرث:
تعريف الشرط:الشَرْط في اللغة العلامة، والشَرَط بفتحتين مثله، وكذلك الشريطة، وجمع الشرط شروط، والشريطة جمعها شرائط.
والشرط في اصطلاح الفقهاء ما ارتبط غيره به انعداماً لا وجوداً، وكان خارج الماهية، كالطهارة لصحة الصلاة.
ما هي شروط الإرث؟
يشترط في الإرث شروط متعددة، بعضها يتعلق بالأركان، وبعضها خارج عنها، وهي:
1 – وفاة المورث حقيقة، أو حكماً، أو تقديراً.
أما الوفاة الحقيقية: فتكون بخروج الروح منه.
وأما الوفاة الحكمية: فتكون بحكم قضائي بموته، كالمفقود الذي مضى على فقده سنين طويلة، ثم رفعه الورثة إلى القاضي، فقضى بموته.
وأما التقدير: فكالجنين الذي أسقط بجناية على أمه توجب الغرة، وعلى هذا، فالاحتضار، والمرض الطويل الميؤوس من شفائه، والفقد الطويل دون حكم قضائي بالموت، وسقوط الجنين دون جناية على أمه، لا يثبت بها التوارث مطلقاً، لأنها ليست موتاً.
2 – حياة الوارث عند موت المورث، حقيقة، أو تقديراً :
فأما الحياة الحقيقية: فهي قيام الروح في البدن، ولو كان ذلك في حالة الاحتضار.
وأما الحياة التقديرية: فكالجنين الذي يولد لمدة الحمل، وعلى هذا، فلا توارث بين الغرقى، والهدمى، والحرقى، الذين جهل تاريخ وفاتهم، فإذا علم تاريخ وفاتهم، ورث المتأخرُ المتقدمَ، إذا قام به سبب الإرث، وانتفت موانعه، وكذلك المفقود، فإنه يوقف له نصيبه من مورثه الذي مات أثناء فقده، فإذا لم تظهر حياته، وحكم بموته بعد مدة، ألغيت حصته الموقوفة، وردت إلى سائر الورثة، للجهل بحياته عند موت المورث.
3 – العلم بأحكام المواريث، فإنه لا تركة إلا إذا علم طريق توزيعها على حكم الله تعالى، ومن هنا جاءت أهمية علم المواريث، والتشديد من الشارع على العناية به، وأنه نصف العلم.
ويضاف إلى الشروط كونه له أسباب وتنتفي موانع وتعلم جهة إرثه.
< موانع الإرث:
أ ـ تعريف المانع لغة : الحاجز .
ب ـ تعريف المانع شرعا : ” هو ما يلزم من وجوده العدم و من عدمه الوجود لذاته.
أو “هو تلك الأوصاف التي تقتضي عدم الإرث مع قيام سببه” فالرق مثلا بوجوده ينعدم الميراث، وبانعدامه وهو صيرورة الشخص حرا يوجد الميراث.
وقد أورد المالكية سبعة موانع. نظمها محمد البشار صاحب “أسهل المسالك” في قوله :
ويمنع الإرث بوصف الرق
والقتل عمدا أو بشك السبق
أو عدم استهلال أو لعـــــان
كذا الزنا تخالف الأديـــــــــان.
الشرح
مــوانـع الإرث هي سبعة موانع يرمز لها بـعبارة (ع ش ل ك رزق) كـالتالي:
ع : عدم الاستهلال: أي أن ولود المولود دون حركة تبين حياته كـالصراخ والتنفس والحركة .
شـ : الشك : أي إن حصل شك في من تقدمت وفاته فإن الإرث لا يتحقق.
لـ : اللعان: هو يمين (قسم أو حلف) الزوج على زوجته أو الزوجة على الزوج بـالزنا، فإذا حكم القاضي بينهما بذلك ويسمى بـاللعان فإنهما لا يتوارثان.
كـ: الكـفر : أي لا توارث بين المسلم والكافر، بقوله [ : لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر.
ر : الـرق : أي أن العبـد لا يرث مـن سيده.
ز : الزنـا : أي لا يرث الزاني الزانية أو العكس كما لا يرث ابن الزنا من الزاني بأمه .
قـ : القتل العمد: أي لا يرث القاتـل قتيله إذا كـان عمدا بقصد الإرث لقوله [ : «ليس للقاتل ميـراث».
التعليق:لا يتحقق الإرث ولا يتوارث الزوج أو القريب إلا بتحقق أركانه ووجود سبب من الأسباب وتوافر كل الشروط وانتفاء الموانع .عند ذلك يتحقق الإرث. لكن الوارث لا يرث إلا التركة المستخلص منها كافة حقوقها الأربعة قبل حق الورثة.

ذ. احميدة مرغيش

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>