الدكتور عدنان رضا النحوي: داعية من الأدباء وأديب من الدعاة


شخصية العدد

ودع المشهد الدعوي والفكري الإسلامي يوم الأحد 11 يناير 2015، رجلا من رجالات الدعوة، وعلما من أعلام الفكر، وأديبا ناقدا من الأدباء المجيدين والنقاد المبرزين، إنه الدكتور عدنان رضا النحوي الفلسطيني الأصل، ولقب النحوي أطلق على أحد أجداده لاشتغاله بعلوم العربية. أما لقب الفلسطيني فلكونه ينتمي إلى مدينة صفد الفلسطينية التي استقر بها أجداده وعرفوا بها وكان بيتهم من بيوتات العلم وكان منهم العلماء والقضاة والمفتون والمجاهدون، وكان بيته يضم واحدة من أكبر مكتبات فلسطين التي كانت مزارا لكثير من العلماء والأدباء ورجال السياسة، نزحت أسرته عن فلسطين إلى سوريا من غير عودة سنة 1948.

<<النشأة والمسيرة العلمية

ولد الدكتور عدنان في 22/7/1346هـ الموافق 15/1/1928م، وقد تلقى تعليمه الأولي في أسرته ذات الحسب دينا وعلما وجاها،  وفي مدينته وكان دوما من المتفوقين، إضافة لهذا فقد كان للواقع الفلسطيني تحت الانتداب البريطاني ونشاط الحركة السياسية أثر في شحذ الروح الوطنية لدى الداعية الفقيد وكان من أتباع المجاهد عبد القادر الحسيني رحمه الله تعالى.

وبعد إنهائه لدراسته الثانوية بتفوق تم اختياره لإتمام الدراسة في دار المعلمين بالقدس الشريف ( كلية اللغة العربية)

وخلال مسيرته التعليمية تمكن من حفظ القرآن الكريم، واكتساب علوم التفسير والحديث والفقه وأصوله واللغة العربية وعلومها وآدابها.

<< الشواهد العلمية المحصل عليها :

- شهادة الباكلوريوس في الهندسة الكهربائية بميزة جيد جدا مع مرتبة الشرف الثانية

- درجة الماجستير والدكتوراه في نفس التخصص في الولايات المتحدة الأمريكية

<< العمل والخبرات العملية :

• مدرس لمدة ثماني سنوات في سوريا والكويت.

• مدير محطة الإرسال الإذاعي في حمص ـ سوريا.

• مدير المشاريع الإذاعية في وزارة الإعلام في المملكة العربية السعوديـة لمدة خمسة عشر عاماً.

• المستشار الفني لوكالة الأنباء الإسلامية.

• المستشار الفني للحرس الوطني .

• المدير العام لمؤسسة البشريات للتجارة والمقاولات .

• المدير العام لدار النحوي للنشر والتوزيع.

<< التجربة الفكرية والدعوية

كانت وراء تكوين شخصيته العلمية والدعوية والأدبية عوامل كثيرة، منها :

أ- انتماء الداعية عدنان لأسرة فلسطينية عريقة في العلم والجهاد والمقاومة حيث عاش وهو طفل صغير طرد أسرته إلى سوريا 1936 وتهديم بيته من قبل سلطة الاحتلال، وتعرف في بيت أسرته على وجوه بارزة في السياسة والفكر والأدب.

ب- انتماؤه لحركة المقاومة في زمانه التي كان يقودها الشيخ الحسيني، وقد شارك الشاب عدنان فيها بقيادة التظاهرات والخطب والدعوة إلى مقاومة المحتل وفضح جرائم عصابات اليهود المتطرفة.

ج- تعرفه على واقع الأمة وتاريخها، والتقاؤه بكثير من رجالات الحركة الإسلامية في بلدان العالم العربي والإسلامي مكنه من الوقوف على تجارب الإصلاح والإحياء في الأمة من خلال زيارات قام بها لكثير من البلدان.

كل ذلك وغيره كان له الأثر في تكوين شخصيته العلمية والدعوية والأدبية.

<< شيء من أفكاره في مجال الدعوة :

كان اهتمام الداعية عدنان بالدعوة اهتماما مبدئيا نابعا من قناعاته في ضرورة إحياء الأمة من خلال العودة بها إلى أصولها ودينها وإحياء التدين في الأمة وتجديده في النفوس، كما كان اهتمامه بإحياء الأمة متعدد الجوانب والجبهات:

- على صعيد الأدب وظف الداعية عدنان طاقاته الإبداعية الأدبية في إنتاج أدب إسلامي ينافح عن الفكرة الإسلامية ورسالة الشاعر المسلم، وجاء شعره مجسدا لهموم المسلم والأمة وقضاياهما.

- على صعيد النقد الأدبي سعى الفقيد رحمه الله إلى بلورة رؤية إسلامية في الأدب الإسلامي الملتزم، ونظريات الجمال والتذوق الفني على أصولها الإسلامية، كما كتب دراسات نقدية عديدة في نقد المذاهب الأدبية والفلسفية الغربية: كالحداثة (كتابه :الحداثة في منظور إيماني) والبنيوية والتفكيكية والأسلوبية (النقد الأدبي المعاصر بين الهدم والبناء) وظاهرة الشعر النثري (الشعر الحر).

- على صعيد واقع المسلمين التاريخي والدولي المعاصر: كان لدراسته التاريخ ومعايشته لهموم المسلمين في فلسطين والعالم الإسلامي أثر كبير في تكوينه  في فقه الواقع المحلي والدولي، في الحاضر والماضي، الفكري والسياسي، لذلك جاءت آراؤه في هذا المجال تشي بعمق الرؤية وصلابة المبدأ، وقوة الرأي والتحليل فكتب محللا واقع المسلمين والنظام الدولي (كتاب واقع المسلمين : أمراض وعلاج) وكتاب (المسلمون بين الواقع والأمل) واهتم بوحدة المسلمين ومشكلة تفرقهم وعالج ذلك في كتب ومقالات منها كتاب (بناء الأمة المسلمة الواحدة) و(النظرية العامة للدعوة الإسلامية)، وكتاب (تمزق العمل الإسلامي بين ضجيج الشعارات واضطراب الخطوات)، وكتاب (هوان المسلمين أمام الواقع وتعدد المواقف والاتجاهات)

<< قضية فلسطين:

كان الداعية عدنان واحدا من أبناء فلسطين الذين ذاقوا مرارة الاحتلال البريطاني وانتهاكات العصابات اليهودية، وذاق معها الطرد والتشريد، فقد ظلت فلسطين في وجدانه حية، وظل قلبه لها حيا، فناضل من منابر مختلفة من أجل هذه القضية، وخصص حيزا كبيرا من حياته للدعوة إلى استنهاض همم المسلمين (كتاب : رسالة المسجد الأقصى للمسلمين : نجوى وشكوى وحنين)، (فلسطين وصلاح الدين) (فلسطين واللعبة الماكرة)، وكان يرى أن فلسطين جزء من الأمة الإسلامية ولن تحرر إلا بالمنهج الإيماني الرباني (فلسطين بين المنهاج الرباني والواقع)

<< قضية الدعوة الإسلامية وهموم العمل الإسلامي :

عاصر الشيخ عدنان واقع العمل الإسلامي وتحدياته، وعاش بمرارة مختلف الأحداث التي عاشها الدعاة في البلاد الإسلامية، وآلمه ما آل إليه حال العاملين في الحقل الدعوي من تفرق وتحزب وتعصب (الصحوة الإسلامية إلى أين؟) (تمزق العمل الإسلامي بين ضجيج الشعارات واضطراب الخطوات) (بين الارتجال وبين النهج والتخطيط والإعداد والبناء) لذا راح يستكشف الداء ويشخص الدواء وانتهى إلى بلورة رؤية دعوية تقوم على ما اصطلح عليه المنهج الرباني (كتاب دور المنهاج الرباني في الدعوة الإسلامية) وكتاب (فقه الإدارة الإيمانية في الدعوة الإسلامية)

<< مدرسة لقاء المؤمنين والرؤية الدعوية للشيخ عدنان :

انتهت التجربة الفكرية والدعوية بالشيخ رحمه الله إلى تكوين رؤية شخصية عن الدعوة إلى الله تعالى تقوم على أهمية بناء جيل من الدعاة يتصفون ب:

- اعتماد المنهج الرباني في فهم الواقع ودراسته وإصلاحه.

- إصلاح النفس وتغييرها قبل تغيير المجتمع.

- القيام بالتكاليف الإيمانية باعتباره نهجا تربويا لإصلاح الفرد والأسرة والمجتمع حددها رحمه الله تعالى في عدد من الخطوات نحو : «تبليغ رسالة الله كما أُنْزِلَتْ على محمد  إلى الناس كافة تبليغاً منهجياً، وتعهدهم عليها تعهداً منهجياً حتى تكون كلمة الله هي العليا،  والالتزام بالمنهاج الفـردي، ومجلس العائلـة، ومنهج لقاء المؤمنين، والتحدث باللغة العربية الفصحى، وتقويم منهج الداعية والوقفات الإيمانية ومحاسبة النفس ومراجعة المسيرة، والتخطيط للحياة يوميا، أسبوعيا، سنويا ولسائر الأعمال،  والتدريب بأنواعه : الفوري، الدوري، المستمر، والنشاط الإعلامي المنهجي، ودراسة الأخطاء والتقصير وأسبابها ومعالجتها حتى لا يعود إليها المسلم.

<< المؤلفات والنهج الفكري :

تزيد مؤلفات الشيخ رحمه الله تعالى عن 140 كتاباً، في مجالات عدة وبلغات عدة :

- حوالي 36 كتاباً في الدعوة وفكرها ومناهجها، والتربية والبناء ومنهاجه، والفقه في الدعوة وامتداده في الحياة والإدارة.

- حوالي 9 كتب في التوحيد وموضوعاته الإيمانية ومناهج تطبيقها.

- حوالي 38 كتاباً في دراسة قضايا الواقع الفكرية وأحداثه.

- 12 كتاباً في الأدب الملتزم بالإسلام،

- 05 كتب في الرد على المذاهب الأدبية الغربيـة،

- و10 دواوين شعرية، و15 ملحمة شعريّة.

- موقع خاص على الشابكة يحمل اسمه :  http://www.alnahwi.com/

<< الاتحادات والجمعيات :

-  عضو درجة الزمالة في معهد المهندسين الكهربائيين في انجلترا.

-  عضو في مركز الأبحاث والدراسات الإسلامية في عمان.

- عضو مؤسس لرابطة الأدب الإسلامي العالمية، وعضو مجلس الأمناء سابقاً، ونائب رئيس مكتب لبلاد العربية سابقاً.

- عضو رابطة الأدب الحديث ـ القاهـرة.

- عضو الهيئة العربية العليا بفلسطين.

- عضو مؤسس لرابطة أدباء الشام.

- عضو اتحاد الناشرين العرب.

- عضو جمعية الناشرين السعوديين.

حقيقة يمكن أن نختم هذا المقال عن الرجل بتوكيد أنه كان بحق علما من أعلام الدعوة الإسلامية المعاصرة وأديبا من أدبائها ومفكرا وموجها تربويا ناصحا وقد قال عنه بحق الدكتور جابر قميحة رحمه الله تعالى: «الشاعر عدنان علي رضا النحوي عَلمٌ من أعلام رابطة الأدب الإسلامي العالمية، وهو مفكر ذو عقلية موسوعية».

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>