عِــبــــــــــــــــــــرة


عن رباح بن الهروي قال : مر عاصم بن يوسف بحاتم الأصم وهو يتكلم في مجلسه فقال : يا حاتم كيف تصلي؟ فقال حاتم : أقوم بالأمر، وأمشي بالسكينة، وأدخل بالنية، وأكبر بالعظمة، وأقرأ بالترتيل والتفكر، وأركع بالخشوع، وأسجد بالتواضع، وأسلم بالسنة، وأسلمها الإخلاص إلى الله عز وجل، وأخاف ألا يقبل مني. قال : تكلم فأنت تحسن الصلاة. (صفة الصفوة 4/107)
لله دره ما أروعها من صلاة ! وما ألذها من مناجاة ! يحضر فيها القلب وجلا منكسرا ذليلا، ويحضر فيها البدن خاشعا مطمئنا، وأينا يصلي مثل صلاته تلك؟ وأغلب صلواتنا – إلا من رحم الله- حركات بلا روح، وطقوس جوفاء ألفناها حتى ما عدنا نستمتع بها كما استمتع بها رسولنا الكريم ، فقد كانت أنسه وراحته، أليس هو القائل : أرحنا بها يا بلال. واستمتع بها أصحابه فقد وصفهم ربهم فقال عز من قائل : تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا .
ثم ها هو ذا حاتم يستمتع بها كما استمتع الذين من قبل. فهل أنت أخي ممن يستمتعون بالصلاة، ويجدون فيها سعادتهم وأنسهم؟ لو صليت كما صلوا هم لوجدت للصلاة أثرا في قلبك رقة ولينا، وعلى وجهك صفاء ونورا – ألست تقف بين يدي النور؟ فلا ريب أن يفيض عليك من نوره- وعلى سلوكك استقامة واعتدالا.
نحن أحوج ما نكون اليوم إلى صلاة مثل صلاة كوكبة النور تلك، صلاة تصلنا بربنا وخالقنا، نشعر أثناءها بضعفنا وقلة حيلتنا، ونرمي كل همومنا وأحزاننا ومآسينا بين يديه، فلا نخرج منها إلا وقد انزاحت عنا كل الهموم، لنواجه غيرها بقلب ملؤه الثقة في الله تعالى، ويقين راسخ في غد أفضل.

ذ. منير مغراوي

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>