سَبِيل ُ الهُدَى


سـهـــوتِ يــا نـفـسُ هــل مِـــن زاجـــرٍ ذَكِرٍ
فُكِّي القـــيــود ولا تُـــرخـــي مُـــكــابَــرَة
مَـهـوى الـنـفـوس إلـى وِرْدٍ تُــعَــــــلُّ بـــــه
إذا ارتــوت مـن خـداع الآلِ خـلـتَ بـهـــا
تَــسِـــــفُّ فـــــي دَرك الأكـــــــدار لاهــثــــــــــة
حَتـَّــامَ تَـــشـرد بــــي نـفـــســـي إلـــى دَرَكٍ
دنيـا وليـس بهـــا عــيــبٌ ســـوى صـــوَر
مجبولةٌ من صمــيــم الخَـتْــل طـيـنـتُــهـــا
أحبـبــتــهــا حــب مــن يَــهـــــوى مـعـــذِّبَـــهُ
والعـيـشُ سـاعٌ رغــيــــداتٌ نُسَـــــرُّ بهــــــا
نـخــالِـسُ الـــدَّهـر لـذَّاتٍ فـيَـســلــــبُــــــنــــا
يا صبوةَ النـفــس للــدنـيــا وزخـــرفِـــهــــا
هلاَّ بصُــرتِ بمـا في الـخَلــق مـن صُــوَرٍ
رُجعى إلـى اللـــه ربّ الــكـــون أجـــمــعِــــه
رُجعى إلى الحق في أسمى مظــــاهـــره
إيـــــــــابَ مـــزدجــــــــــــرٍ للــــه مــــعــــــتــــــــذرٍ
قــــد ذرَّف الــــدم مــن خـــوف ومــن نـــدم
الـغـافـــرِ الــــذنـــبَ كـــالأمـــواج مــزبـــــدةٍ
أوحَـــى إلـــى (كَــافِـــهِ) مـن مُـحـكَـــم الأزَلِ
فــكـــان أبـهـــرَ مــن شـمـس بـذي غَـسَــقٍ
هَــلّـتْ بــشــائـرُه بـالـيـمـن فـانـبــلــجـــــتْ
يومٌ تــبــاهـــت بـه الأمـــلاكُ وازدحـــمــت
والحـورُ فـي غـرف الـفـــردوس راتــعــــةٌ
والحق في عُرُس والبَـغـيُ فـــي نُـــكُـــــس
والأرض من ألـــقِ الــبـــشـــرى مـــكــــبِّـــرةٌ
كأنـهـا لــــم تَــــلِـــنْ يـــومــــــا لــطــاغــيـــــــة
وسَّـــــاءَلَ الشـــركُ فـــي رَيــــبٍ يُــــؤَرِّقُـــــهُ
أيُـعــوِزُ النـــورَ أن يُـــنــمـــى إلــــى نســـب
هـــذا الـــزكــيُّ غــمـــام الـعـــطـــر يكنُفُــــــهُ
قـد مثّــل الحسن في خلق وفـــي شــيــم
صلـــى عـــلــيــه صـــلاة لـــيـس يـعـــدلـهـــا
مولاي يـا أيـهــا الـمـبـعــــوث مـرحـــمــــة
أشرقت والخلق فوضى لا خلاص لهم
مــا بـيـــــن غــــاو ومــفــتــــون وذي نــــزق
وقـــدتَــــهــــا دعــــوة وغـــــــراء بـــاهــــــــرة
لم يثنـك البغـي عن أمر نـهـــضــــت بــــه
ولا أمــــــان مـــــن النعـــمــــاء بـــاذخــــــــــــة
فـكـــان نصــــرا مــــن الـــرحـمــن مـنـبـلـجًا
في فتية كـبـيـــاض الصـــبــــح روحـــهــــــمُ
قـد أخـلـصـوا لـحـيــــاض الدين مُهجتهم
الذائدين عـــــن الإســــــلام شـــــائـــــــــنـــــــه
الــــرافــعـيـــن بـــنـــود الحــــق خـــافـــقـــــــةً
الـســامـكـيــــن بعــيــــــن اللـــه أبـنـــيـــــــــــــة
يـعــشـو إلـى ضوئـهـا عــــافٍ ومـفـتـقــــــرٌ
اللـه أكـبـر فــــي أبــراجـهـــــا ســطــــعــــت
وهــــل تـقـــــوم بـغـيـــر الـديــــن قـائـمــــــة؟
وما الورى غـير أخـــــشـــاب مــــســـنــــــدة

يــــــا رب يـــا سـنـدا للـمـســتــغـــيــــــث إذا
أجر عـبيــدك قــد ضــلــوا وقـــد هــلــكــــــوا
الــغـــرب يـعــلــم أنــــا أمـــــــة قــــــــويـــــــــتْ
واليوم يحشــد لـــلإســــلام عـــصــــبــــتـــــه
الجــــو مرتعُــــه والـبــحــــــر مــلـعـــبــــــــــــه
لا الـــديـــن يـــردعـــه لا الـخــلــق يـــردعــــه
يفجر الـضـغـن فــي أحــشــائـــه حُــمـــمـــا

واحسرتاه عـلى قـــومــي وقـــد وهــــنــــت
ومــا ســــوى عـمـــد الإســـلام يـدعــمـــــها
واللـــه هــدم مــــا (لـيــنــيــــــن) رصّـــــفــــــه
هل يستوى الزهر في حُسن وفي عبق
يا سيرة المصطفى الفـيــاض مــنــبـــعُــــه
إستلهـمي مـن قــوى الإســـلام مـعــجـــزة
كـالــنــــور يـهــزم مــا اربــدّت مـجــاهـلـــــه
إنـي رأيــــت أفــــاعـي الـحـقــــد سـاعــيــــة
بـجــلـــد حــانـيــــة والــقــلــب مـشـتـعـــــــــلٌ
ويــا حـمــاة الــتــقــى فــي كـــل مـحــتــفـــل
مــن الأُلـــى إن ســروا للـــه لـــم يــهــنــــوا
أنتم لسان الهـــدى صـــمـــصـــامـــــةٌ ذَرب
فـقـوّمُـــوا ظــهـــر مــن يـغــلــو بـديـنــكــــــمُ
فــالـــديـــن يـــســـر وإحـــســان ومــرحــمـــة

يـــا نــفــس هــــذا ســراط اللــه بـــاهــــــــرة
تـرفّـعــــي عــن ظـــلام الطـيــن واتـحـــــدي
إنـــي أراك عــلـــى الأَوشـــــاء عـــاريــــــــــــةً
********************
قــــد غــلَّـــــكِ الـــــوِزرُ فــي صَلصالكِ القَذِرِ
زِمــــــامَ غـــاويـــةٍ فــــي كـــــــل مُـنـحـــدَرِ
وما لها عن مَعين الحُــــلـــم مــــن صَــــدَر
مــسَّــــا مــــن الــجـــن أو حــالا مــن الخَدَر
حتى إذا ظَــمِــئـــتْ حـــنَّـــــتْ إلـــــى كـــــــدَر
وتــــدّعـــي الـــرِّيَّ مــــن مــسـتــنــقـــع قَـــذِرِ
مــن الـنـقـائــــص والأوهـــــام والـغِــــيَــــــرِ
معــلولــــةٌ بـــمـيـَـــــاه الكِــــذْب والـــغَـــــــرَر
أيعشقُ القلـب مــن يــدنــــي إلـــى سَقَــــر؟
والنفس في شُغُل عن صيحــة السَّـــفـــر
أزهى وأروعَ ما في زهــرنـــا الـنّــــضِـــــــر
وفـي المـآمــــن مــا يـدعـــــو إلـــى الحَـــــذر
أو اعتبرتِ بــمـــا فـــي عُــودك الــنَّـخِــــــــر
ومخـرجِ الحــيّ مــــن مَـــيْـــت ومــنـــدثــــر
كـمــــــا تـــــلألأَ فــــي آيــــــاتـــــــــه الـكُـبَــــــــــر
بالــــذلّ مـشـتـمـــــلٍ للـعـفـــــو مـنــتــــظِـــــــر
أينمـحـي الجــــرم لـــولا حِــلــــمُ مقـــتـــــدِر
والباعثِ الرسْـلَ بــالــبـــشـــرى وبالنُّــــذُر
أن كُــنْ نــبـــي الـهـــدى من صَفوة البَشر
وكــان أعـــطـــرَ مـــن مـــســـك ومـــن زَهَـــر
بـطـحـــاءُ مكــــةَ مـــــن أنــــواره الــــزُّهُــــــر
جنائنُ الخُــلـــد مــن أبـــرارهـــا الطُّــــهُــــر
والـــوُلْـــد مـــن نـــشــوة مَـــجــلـــوَّة الغُـــرَر
والنــور زلــزل إفــــكَ النـــــار والـحـــجــــــر
كــأنــهـــا لــم تَــجُـــرْ يــومـــــا ولــــــم تَـــــــزِرِ
أو أنها لــم تـمِــدْ بـالــعَــســـف والبَــــطــــــر
«مَن ذا؟؛وكان السنا المغني عن الخبر»
أو يُـعـوز الـعـطـــرَ أن يُعـــزى إلــى زهــر
والـغــار يـحــرســه مــن جـاحِـــم الغِـيَـــــــر
والحسن من جوهر الـمـخـتـار لـم يُـــعــر
قـطـر الـبـحـار وعــدُّ الــنــجــم والشــجـــر
للكــون فـــي ظـلـمــات الـجـهــل والـوَضـر
كــالــبُــهـــــم هــامــلـــة فـــي مــــرتـــــع قــــذر
أو مستـــرَقٍّ جــثـــا للــصـخــــر أو (زفــــر)
والــشــرك فــي سُــهُــــــد داج ومـعـتــــكـــــر
ولا دســـيـــســــــة أفــــــــــاك ومــــــؤتــــمـــــــر
ولـو وُهـبـتَ كـفاء الــشــــمـــس والـقـــمـــــر
من غـيـــــر نـــار تــلــظّـــــى أو دم هـــــدَر
وخُلقُهم ما احتبَـوا مـن عـاطـــر الأزر
وأنـفـس العـلـق مـا يـهـدى لـمـتـجــــــر
الصابريـن عـلـى الـبـأســـاء والـضــــرر
بين الخلائق مـن عُـجـــم ومـــن مُـــضـر
عـــزيـزة فـــوق هــــام الأنــجــم الــزهــــر
وبسطة (الغرب) قد تنبي عن الخبــر
كــالنــور تـحـفـظ مــن زَيـغ ومـن عـثَــــر
ومـن يـسـر فـي سـبـيـل اللـه يـنـتـصـر
إن لم تعش بهـدى الـفـرقــان والـسـيـر

دعـــاك مـــن لُـجـــج الأحــزان والكَــــــدر
في ظـلمة التيــه بل من هَجمة (التتـر)
بالـدين فـي سـاطع الأزمان والعُــصــر
مـن كـل مـــرتـــزق بـــالـــخـــلــق مـتـجــــر
والبــــر مــجــزره بــالـنـــاب والـظـفُــــــر
ولا حـــــضــــارتــــه المَوشـيـــــــة الأطــــــر
لوّاحـــــــة بالـقِـــــلــى وقـــادة الشـــــــــــرر

صــفــوفــهــم وغـــدت مصدوعة الجُدر
والنـظــــم كـالزبـــد الجــافــــي لـمندثَــــر
والله يــرمـي زنـود الكـــفــــر بالـخَــــور
والشــوك لا أرجـــا يُـهــدي سوى الإبر
إنــا مـع الصـحـوة الكـبـرى عـلى قـدر
كـالـسيــل يـجـرُف مـا يطـفـو من القذَر
لا تـتـــركِـــــنَّ بهـــا دجــنــــا ولا تـــــذري
فـي كــل مـعــتــــرَك بــــاد ومـســـتــتـــــــــر
وســمُّـــهـــا فــي النّـهى مستحكم الأثر
أنتـــم مـنـــائـــر تـجــلــــو حُلكة الكـــــــدر
ولـم يـكــن سَـهـمـهـم نِـكـســا وذا خَــور
لا بــالـكـلـيـل ولا الـهيـابـــة الــــحَـصـــر
أو يـمـتـطـيـه لـقـــطـــف الحاجِ والوَطر
ولا ظــــهــور لـمَيَّــــــــــــان ومـتّـــــجــــــــــــر

أنـــــواره مـــلء مــا في الروح والبصر
بمـوجــة النـور والأشــذاء واعـتـصري
مـن كــل خـــلق قـشـيـب بـالـهـدى عـطر

الشاعرة أمينة المريني

اترك تعليقا :

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

يمكنك استخدام أكواد HTML والخصائص التالية: <a href="" title=""> <abbr title=""> <acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <del datetime=""> <em> <i> <q cite=""> <strike> <strong>