تشهد الأمة اليوم حركة دؤوبة نحو الإقلاع الحضاري المنشود ، وتتنازعها في هذا الاختيار نماذج بشرية اجتهادية عديدة، منها ما هو نابع من الذات ومقوماتها الفكرية والدينية والحضارية، ومنها ما هو آت من الغرب طوعا وكرها، ولقد أصبحت حاجة الأمة ملحة إلى نموذج في الإصلاح والإقلاع.
ولن تصل إلى صياغة نموذج قمن بإعادتها إلى الفاعلية المطلوبة ما لم تسترشد في بناء هذا النموذج بالتجربة النبوية المعصومة في بناء الإنسان الرباني الفاعل المؤثر تأثيرا إيجابيا، وتأسيس مجتمع صالح مصلح قائم بأمر الله وعلى أمر الله ولأمر الله، كما أن استمداد هذا النموذج لن يتيسر حقيقة ما لم تنهض الأمة بأفرادها ومؤسساتها لخدمة الوحي عامة وخدمة السيرة النبوية خدمة علمية من جوانبها المختلفة:
أولا : خدمة مصادرها وتوثيق نصوصها سندا ومتنا.
ثانيا : خدمة السيرة النبوية في مجال الاستنباط والاجتهاد في استمداد المعارف والمناهج الضرورية لبناء منظومة في الإصلاح الاجتماع والسياسي والاقتصادي والتربوي.
ثالثا : خدمة السيرة تيسيرا وتقريبا: خاصة في مجالات فنون الأدب والإعلام والتعليم بما يجعلها أٌقرب إلى التداول العام.
رابعا : خدمة السيرة النبوية من جهة العمل المؤسساتي العلمي والبحثي المنظم والمشاريع العملية القاصدة ذات الطابع العلمي والإشعاعي والتقريبي لسيرة رسول الله .
ولقد شهدت فاس العاصمة العلمية للمغرب مؤتمرا علميا كبيرا للسيرة النبوية هو المؤتمر العالمي الثاني للباحثين في السيرة النبوية في موضوع: “آفاق خدمة السيرة النبوية” المنعقد أيام 26 – 28 محرم 1436 الموافق 20-22 نونبر 2014، حاملا هموما علمية وإصلاحية تسعى لرسم خارطة الطريق للباحثين في مجالات خدمة السيرة النبوية تجلى ذلك بوضوح في أهدافه ومحاوره وبحوثه، وبيانه الختامي، هذا المؤتمر الذي نظمته مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع) بتعاون مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، والمجلس العلمي الأعلى، ومركز ابن القطان للدراسات والأبحاث في الحديث الشريف والسيرة العطرة (العرائش)، ومركز السيرة النبوية للدراسات والبحوث (استنبول – تركيا).
وباعتبار أهمية هذا الملتقى موضوعا وطموحا، ظرفا ومظروفا، وتوسيعا لدائرة الاهتمام بالسيرة النبوية العطرة واكبت جريدة المحجة أشغال هذا المؤتمر وأعدت ملفا عن جوانب مختلفة منه ترجو به تعميم الاستفادة وأن يجد القراء وذوو الاهتمام العلمي فيه ما يحقق المقصود ويقرب إدراك المنشود.
< هيئة التحرير